لماذا يرغب إيلون ماسك في شراء تويتر؟
يبدو ماسك كأنه ذلك الشخص المهووس بتويتر مثل شخص يحب الحليب، لدرجة أنه لا يريد شراء بقرة فحسب، لكن شراء القطيع والألبان ومصنع البسترة، كما أنه يبدو كأنه الشخص الذي لا يحب الطريقة التي تراقب بها تويتر الرسائل، لذا فقد قرر شراء المنصة

ترجمات-السياق
سلَّط الكاتب الأمريكي جاك شافر الضوء على عملية شراء رجل الأعمال ومؤسس شركة تسلا إيلون ماسك، حصة في تطبيق التواصل الاجتماعي تويتر، الذي يتابع حسابه الشخصي عليه 80.2 مليون شخص، قائلاً إن ماسك أخيراً وجد شيئاً يشغله، حتى تحقق مهمته الأولى إلى المريخ توقعاتها، وتهبط على الكوكب الأحمر عام 2029.
وأشار شافر، في مقال لمجلة بوليتيكو الأمريكية، إلى أن ماسك اشترى 9.2% في "تويتر" بـ 2.9 مليار دولار، ما يجعله أكبر مساهم في شركة وسائل التواصل الاجتماعي.
رجل "تويتر"
وقال شافر: "بالنظر إلى ثروته البالغة 299 مليار دولار، فإن كل ما يتطلبه الأمر بالنسبة لماسك، هو بضع نقرات بالفأرة حتى يستطيع وضع الشركة في عربة التسوق الخاصة به، وإكمال العملية في وقت قصير، وفي حال فعل ذلك، فإضافة إلى كونه رجل السيارات الكهربائية ورجل الصواريخ، فإنه سيصبح رجل (تويتر) أيضاً".
وتساءل شافر: "لماذا يرغب أغنى شخص في العالم بشراء حصة في (تويتر)؟"، قائلاً إنها ليست شركة مربحة بشكل كبير، حتى أنها ليست من أفضل وسائل التواصل الاجتماعي، مثل (فيسبوك) أو (تيك توك).
ورأى شافر أنه "رغم أن الاستثمار في (تويتر) قد أدى إلى زيادة قيمة أسهم الشركة بنسبة 25%، ما زوَّد الحساب المصرفي الخاص بماسك، فإن دافعه الرئيس لا يمكن أن يكون المال، لكنه، بدلاً من ذلك، يبدو أن رجل الأعمال قد وصل متأخراً إلى الرأي الذي يتبناه العديد من زملائه الأوليجارشيين، وهو أن امتلاك وسائل الإعلام الكبيرة يحظى بمكانة تفوق المال".
وبالنظر إلى عملية الشراء الأخيرة من خلال هذه الزاوية، فإنه لن يكون غريباً أن يستثمر ماسك أمواله في الإعلام، لكن ما هو غريب حقاً هو أنه استغرق وقتاً طويلاً لاتخاذ هذه الخطوة.
استعادة مجد "تويتر"
أضاف شافر أن مناورة "تويتر" هذه تجعل ماسك يبدو مثل رجل الأعمال الأمريكي الشهير جيف بيزوس، الذي اشترى صحيفة واشنطن بوست لوضعها في مجموعة الأعمال الخاصة به، وباتريك سون شيونج، الذي اشترى صحيفة لوس أنجلوس تايمز، ولورين باول جوبز، التي اشترت مجلة ذا أتلانتك (واستثمرت في ممتلكات إعلامية أخرى)، ومايكل بلومبرج، الذي أسس موقع "بلومبرج نيوز" من الصفر، وجون هنري الذي اشترى "بوسطن جلوب"، وآخرين.
وشبَّه شافر المليارديرات بالكتاكيت، قائلاً إنهم غالباً ما يتحولون إلى أقطاب إعلامية، قبل أن تتشكل أجنحتهم، مشيراً إلى أن الأمر المختلف في ما يتعلق بماسك، أن معظم هؤلاء الأثرياء الجدد ينقضون على وسائل الإعلام لإنقاذها وإعادتها إلى مجدها، وفي الأمثلة المذكورة أعلاه، تمثلت حالات الإنقاذ في "واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز" و"بوسطن جلوب"، لكن الإنقاذ ليس دافع ماسك، لأن "تويتر" يعد موقعاً مكتفياً ذاتياً إلى حد كبير ولا يحتاج إلى مساعدة الملياردير لاستعادة مجده المفقود.
وتابع: "ولكن بدلاً من ذلك، فإن ماسك يبدو كأنه ذلك الشخص المهووس بتويتر مثل شخص يحب الحليب، لدرجة أنه لا يريد شراء بقرة فحسب، لكن شراء القطيع والألبان ومصنع البسترة، كما أنه يبدو كأنه الشخص الذي لا يحب الطريقة التي تراقب بها (تويتر) الرسائل، لذا فقد قرر شراء التطبيق".
أقطاب الإعلام
وفقاً للكاتب، فإنه بقدر ما يحب ماسك "تويتر"، فإنه يحظى بمكانة فريدة كقطب إعلامي طموح، إذ أصبح قطباً إعلامياً مناهضاً للإعلام نفسه، فرغم أن معظم أباطرة الإعلام يثنون على وسائل الإعلام، فإن ماسك في الغالب ينتقدها، إذ إنه عام 2018، كتب تغريدة على حسابه تتضمن خططه لعملية مراجعة إعلامية تسمى "Pravda"، قال إنها ستمكن الجمهور من تقييم حقيقة أي مقال، وتتبع مدى مصداقية أي صحفي أو محرر أو منشور، لكن للأسف لم تظهر هذه الوسيلة.
وسأل ماسك، الأسبوع الماضي، عبر حسابه في "تويتر": "هل هناك حاجة لمنصة جديدة؟"، وتلقت التغريدة 333 ألف إعجاب، كما سأل في فبراير الماضي: "لماذا تتضمن وسائل الإعلام التقليدية هذه الكراهية التي لا هوادة فيها؟"، وهي التغريدة التي حصلت على 349 ألف إعجاب، ثم كانت هذه التغريدة: "تحاول أغلبية وسائل الإعلام الإجابة عن السؤال: ما أسوأ الأشياء التي تحدث على الأرض اليوم؟"، وفي مارس كتب: "تعد حرية التعبير ضرورية للديمقراطية الفاعلة، هل تعتقدون أن تويتر يلتزم بشدة بهذا المبدأ؟" وهو السؤال الذي رد أكثر من 70 شخصًا عليه بالنفي، حسب شافر.
رجل أحمق
وذكر الكاتب أن الجميع يعلمون أن ماسك غاضب من الطريقة التي تكبح بها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تغريداته، ففي عام 2018، بعد التغريد بطريقة ربما تكون قد حركت سعر سهم "تسلا"، استطلع رجل الأعمال الرأي على "تويتر" وسأل عما إذا كان يجب أن يبيع الأسهم، وهو ما دفع هيئة الأوراق المالية والبورصات لمطالبته ومحاميه بالتعهد بمراجعة التغريدات والتعليقات المستقبلية بشأن "تسلا" التي يمكن أن تحرك الأسواق، كما جرى تغريمه هو والشركة بـ 20 مليون دولار.
وأضاف: "صحيح أن ماسك رجل أحمق، لكنه لا يمكن أن يكون أحمق لدرجة أنه قد يشتري تويتر لأنه غاضب من لجنة الأوراق المالية والبورصات، فهذا يبدو جنوناً لكن يبدو أن هذه طبيعته"..
وأشار شافر إلى أن كاتب العمود في "بلومبرج" مات ليفين، قد حلل عملية شراء ماسك لـ"تويتر"، وتوقع أنها قد لا تكون عملية استحواذ بناءً على الطريقة التي طالما استخدمها في مسيرته، لكنها يمكن أن تكون مجرد استثمار سريع فقط، للمزيد من المال للرجل الذي لديه كل المال.
وقال شافر: "قد يكون هذا هو الحال، لكن بالتأكيد كانت هناك طرق أكثر هدوءًا لتحقيق ربح كبير من هذه الطريقة التي اتخذها ماسك، الذي يدعي، مثل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أنه يكره وسائل الإعلام، لكنه في الوقت نفسه يحب استفزازها حتى تكتب عنه، كما أنه، مثل ترامب أيضاً، لديه عادة تقديم الوعود التي يفشل في الوفاء بها، فالغرور الموجود لدى هؤلاء لا يمكن كبح جماحه كما لا يمكن فهمه".