شي جين لولاية تاريخية ثالثة.. تفاصيل التغييرات الجديدة على الحزب الشيوعي الصيني

مؤتمر تنصيب شي لولاية ثالثة... إخراج الرئيس الصيني السابق ولا نساء لأول مرة منذ 25 عامًا في المكتب السياسي

شي جين لولاية تاريخية ثالثة.. تفاصيل التغييرات الجديدة على الحزب الشيوعي الصيني

السياق

بولاية ثالثة تاريخية على رأس الحزب الشيوعي، أصبح الرئيس الصيني شي جين بينغ، أقوى قائد للصين منذ مؤسس النظام ماو تسي تونغ.

ذلك الفوز التاريخي كان ختامًا لأسبوع من المداولات في جلسات مغلقة، أسفر عن تجديد 65% من أعضاء اللجنة المركزية التي تعد برلمانًا داخليًا للحزب، وتمكين الرئيس الصيني شي جين بينغ من إرساء سابقة من نوعها، وتشكيل لجنة دائمة جديدة للمكتب السياسي للحزب ممن يدينون له بالولاء، مرسخًا موقعه كأقوى حاكم للبلاد منذ ماو تسي تونغ.

ومن المقرر أن يرأس شي أيضًا اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب، التي انتُخبت مؤخرًا، بعد يوم من استبعاد لي كه تشيانغ ووانغ يانغ، من اللجنة المركزية الأوسع نطاقًا للحزب الحاكم، اللذين كان المحللون يعدونهما من المعتدلين حديثي السن نسبيًا.

وتبع لي تشيانغ، زعيم الحزب الشيوعي في شنغهاي (63 عامًا)، الرئيس الصيني إلى منصة قاعة الشعب الكبرى لدى إعلان فريق الزعامة الجديد، ما يشير إلى أنه سيكون خليفة رئيس الوزراء الحالي لي كه تشيانغ عندما يتقاعد في مارس المقبل.

وتقول وكالة رويترز إن إعادة تشكيل اللجنة الدائمة يؤكد أن قبضة شي (69 عامًا) على السلطة لم ترتخ، رغم عام مضطرب عاشته الصين، أدى إلى تباطؤ اقتصادي حاد وشعور بالإحباط من تبعات التمسك بتطبيق سياسة «صفر كورونا»، وتباعد مواقف الصين أكثر عن الغرب، الذي فاقمه دعم شي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ولم يتضمن تشكيل فريق القيادة الجديد للبلاد خلفًا واضحًا لشي الذي وجَّه دفة الصين إلى مسار «أكثر سلطوية» منذ أن تولى منصبه عام 2012، بينما من المتوقع تمديد ولايته رئيسًا في جلسة برلمانية سنوية تعقد في مارس المقبل، ستشهد أيضًا الإعلان الرسمي لمن سيشغل منصب رئيس الوزراء الجديد، بحسب «سي إن إن».

وأرسى شي أساس امتداد حكمه أكثر من عقد عندما ألغى تحديد الولايات الرئاسية بفترتين فقط عام 2018، بينما قال ويلي لام الزميل في مؤسسة جيمستاون البحثية بالولايات المتحدة، إن تولي شي لولاية ثالثة يعد «نصرًا يميل لكفة واحدة بشكل غير معتاد لفريق واحد، وهو أمر نادر في تقاليد الحزب الشيوعي الذي شهد توازنًا للقوى»، مضيفًا أن شي سيسطر على المكتب السياسي الأكبر وعلى اللجنة المركزية.

وبعد إدخال تعديلات واسعة عليها، عيَّنت اللجنة المركزية الجديدة للحزب الشيوعي، شي جينبينغ لولاية ثالثة من خمس سنوات، ما يمهد لتثبيته رسميًا على رأس الدولة لولاية جديدة في مارس 2023.

وخلال اجتماعهم الأول -صباح الأحد- عيَّن أعضاء اللجنة المركزية الـ205 وبينهم 11 امرأة فقط، الممثلين الـ25 في المكتب السياسي، الذي يعد هيئة القرار في الحزب الشيوعي الصيني.

وعيَّـن المكتب السياسي -الأحد- اللجنة الدائمة الجديدة، بقيادة شي جين بينغ، التي تتألف حصراً من حلفاء مقربين من الأمين العام، وتمسك بزمام السلطة في الصين.

ولأول مرة منذ 25 عامًا، خلا المكتب السياسي من أي امرأة خلفًا لسان شونلان، المرأة الوحيدة بين أعضاء المكتب السابق، التي تقاعدت.

رجال شي

يضم الفريق الجديد ستة رجال: لي تشيانغ، وتشاو ليجي، ووانغ هونينغ، وكاي تشي، ودينغ شوكسيانغ، ولي شي، الذين دعاهم شي للوقوف إلى جانبه كأعضاء في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، أعلى هيئة حاكمة في الصين.

وقالت قناة تشاينا نيكان الإخبارية: «النساء ما زلن غير ممثلات بشكل كاف في قمة الهرم السياسي الصيني، حتى إن نسبتهن في اللجنة المركزية الجديدة تراجعت من 5.4 % إلى 4.9%».

من جانبه، قال أستاذ القانون في جامعة سنغافورة للإدارة هنري غاو، إن شي سيكون محافظًا أكثر على صعيد السياسة الداخلية، لكنه سيكون راديكاليًا أكثر على الصعيد الدولي في ولايته المقبلة، مضيفًا أنه سيحاول مواجهة الغرب.

واقعة هو جينتاو

ورغم ذلك، فإن المراسم التي جرت وفق سيناريو محكم الإعداد، شهدت حادثًا غير متوقع، باقتياد الرئيس السابق الإصلاحي هو جينتاو خارج القاعة.

كان هو (79 عامًا) جالسًا في الصف الأمامي بجوار خليفته، شي جين بينغ، عندما اقترب اثنان من الحاضرين من طاولته، فحاول أحدهما رفعه من كرسيه، وهو ما قاومه هو، لكنه بعد ذلك وقف بمفرده، حيث استمر الحاضرون في الوقوف خلفه، بينما كان بعض كبار المسؤولين القريبين ينظرون بقلق واضح.

وبعد تبادل محادثة قصيرة مع الحاضرين، قال هو، الذي بدا مترددًا وربما مرتبكًا، بضع كلمات للرئيس شي، الذي أعطى إيماءة صامتة، وبعدها خرج هو.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن الواقعة، إنه تم إبعاد الزعيم الصيني السابق الضعيف، هو جينتاو، الذي رأس واحدة من أكثر الفترات انفتاحًا وازدهارًا في الصين، من الجلسة الختامية لمؤتمر الحزب الشيوعي، مشيرة إلى أنه اضطراب نادر، وكانت الواقعة مليئة بالرمزية.

وبحسب «نيويورك تايمز»، تساءل المراقبون: هل الأمر كان عبارة عن اختبار كورونا إيجابي، أم شيء آخر متعلق بالصحة، أم لفتة سياسية مكتوبة للكاميرات الدولية لالتقاطها وتأطيرها؟

وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه من المحتمل ألا يتم الكشف عن الحقيقة، مثل الكثير من الأشياء في السياسة الصينية، إلا أن توقيت الواقعة، بعد لحظات من السماح للصحفيين بدخول القاعة، كان لافتًا للنظر.

وقال هنري جاو، أستاذ القانون بجامعة سنغافورة: «بالنظر إلى دقة التدرب على هذه الاجتماعات وترتيبها، فإن حقيقة أنها سمحت لهذا يحدث أمام الجميع، وأمام وسائل الإعلام، أهم شيء».

الأحد الماضي، في خطابه الرئيس بافتتاح مؤتمر الحزب، أشار شي إلى عدم الرضا، عن أداء سلفه في العقد الذي سبق حكمه، منددًا بضعف الحزب والاقتصاد والأمن القومي، بخلاف موقف الحزب من هونج كونج وتايوان.

وأضاف أستاذ القانون بجامعة سنغافورة: «مع شي، لا تفعل هذه الأشياء من أجل لا شيء، كان هو الرجل القابع في السلطة قبل 10 سنوات».

وقال فيكتور شيه، الخبير في السياسة الصينية النخبوية في جامعة كاليفورنيا سان دييغو: «لم نشهد أي نوع من التعطيل للإجراءات مثل هذا إلى حد كبير، بقدر ما أتذكر».

من هو؟

وقاد «هو» الصين من 2003 إلى 2013، في حقبة مختلفة بدت أكثر انفتاحًا، بحسب «نيويورك تايمز»، التي قالت إن أسلوبه في القيادة كان أكثر تشاورية، نتيجة توازن الفصائل الحزبية في القيادة العليا، إضافة إلى أنه أشرف على أولمبياد بكين، وعقد من النمو الاقتصادي المكون من رقمين، ما أدى إلى تحسن سمعة الصين العالمية.

إلا أن كل ذلك تغير في عهد شي، الذي سارع إلى دفع العديد من الشخصيات البارزة الأكثر اعتدالًا، إلى التقاعد، إضافة إلى أن كثيرًا منهم شركاء سابقون لـ«هو» تم استبدالهم من قبل الموالين لشي.

ورغم أن حادث إبعاد هو لم تكن له تفسيرات رسمية، قطعت وكالة الصين الجديدة الصمت الرسمي، قائلة إن هو جينتاو «لم يكن بخير».

وأضافت الوكالة عبر «تويتر»: «أصر هو جينتاو على حضور حفل الختام، رغم أنه احتاج إلى وقت ليتعافى»، مشيرة إلى أنه «حينما شعر بأنه ليس بخير خلال الجلسة، رافقه فريقه إلى قاعة محاذية ليستريح، إنه في حال أفضل بكثير الآن».

وردًا على تلك التغريدة، قال جاو أستاذ القانون في سنغافورة: «يجب على أي شخص يؤمن بنظرية المرض أن يعيد قراءة تقرير المؤتمر العشرين للحزب: لماذا يخصص شي صفحة ونصف الصفحة للأخطاء التي حدثت في الحزب والحكومة والاقتصاد والمجتمع والأمن القومي، وما إلى ذلك عندما تولى منصبه عام 2012؟».

تعهدات شي

وخلال خطاب شي جين بينغ بقاعة الشعب الكبرى في بكين، حاول رسم صورة لصين منفتحة على استعداد للتعاون مع العالم، في تناقض صارخ مع العزلة المتزايدة للبلاد في السنوات الأخيرة، بحسب «سي إن إن».

وقال شي: «لا يمكن للصين أن تتطور بمعزل عن العالم، والعالم يحتاج أيضًا إلى الصين»، مضيفًا أن الصين طورت اقتصادها بسرعة وحققت الاستقرار الاجتماعي بسبب عقود من الجهود في الإصلاح والانفتاح.

وتابع: باب الصين مفتوح على العالم، سنبقى ملتزمين بتعميق الإصلاح والانفتاح بشكل شامل، وتعزيز التنمية عالية الجودة، وتوفير المزيد من الفرص للعالم من خلال تنميتنا.

ودافع شي عن سياسة زيرو كورونا خلال المؤتمر العشرين للحزب الأحد الماضي، قائلًا إنه كان «يحمي حياة الناس، يبدو أن السياسة موجودة لتبقى».