تيار التغيير... ما سر عودة ذراع الإخوان العسكرية إلى الواجهة؟

رأى الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أحمد سلطان الخبير في تصريحات لـ السياق، أن جهات خارجية تسعى لتوظيف تيار التغيير؛ لتحقيق مصالح وأهداف داخل مصر خلال الفترة المقبلة.

تيار التغيير... ما سر عودة ذراع الإخوان العسكرية إلى الواجهة؟

السياق (خاص)

مع تشرذم تنظيم الإخوان الإرهابي لجبهتين متناحرتين على إرث المؤسس حسن البنا، أطل تيار ثالث برأسه، رافعًا شعار «العنف المسلح» طريقًا للوصول إلى مآربه التي وُصِفت بـ«الخبيثة».

ذلك التيار والذي سمَّى نفسه «تيار التغيير» أو «الكماليون»، يعد الجناح المسلح لتنظيم الإخوان الإرهابي، إلا أنه خبا أثره شيئًا فشيئًا، منذ مقتل مؤسسه الإرهابي محمد كمال حتى خرج ببيان الوداع في يوليو/تموز الماضي، ليعلن موته «إكلينيكيًا».

إلا أن انقسام التنظيم إلى جبهتي إسطنبول بقيادة محمود حسين ولندن بقيادة إبراهيم منير، واللتين تتناحران على إرث البنا، مرورًا بإغلاق القيادة السياسية في مصر الباب أمام من تلوثت يداه بدماء المصريين، إلى الظروف الاقتصادية التي تعاني منها القاهرة الفترة الحالية، أوجد ثغرة لجهات خارجية أرادت إحياء هذا الجناح المسلح، لتحقيق مصالح وأهداف داخل البلد الإفريقي.

تلك المصالح والتي تعثر الوصول إليها عن طريق السياسة، وجدت ضالتها في هذا الجناح المسلح، للضغط على مصر، بهدف محاولة إثارة الفوضى في الشارع، بالتزامن مع قمة مؤتمر المناخ التي ستعقد الشهر المقبل في مدينة شرم الشيخ الساحلية.

 

أهداف خبيثة

وهو ما أشار إليه ما يسمى بـ«تيار التغيير» في المؤتمر الذي عقده قبل أيام في مدينة إسطنبول بتركيا، قائلًا، إنه سيمارس العمل السياسي العام على القضايا «الحقوق العامة للشعب المصري»، للتمهيد لمرحلة «ما بعد إنهاء الحكم»، متعهدًا بدعم كل الفصائل التي تتقاطع مع رؤيته.

أهداف «خبيثة» أعلن عنها تيار التغيير، الذي يظن واهمًا أنه قادر على هزيمة الدولة الوطنية في مصر والشارع الذي لفظه وإخوانه قبل 9 أعوام، في ثورة اقتلعته من جذوره، إلا أنه يعول في تنفيذها على «الفصائل»، في إشارة إلى عناصره المسلحة، مما يحتم على الجهات الأمنية في مصر، ضرورة الانتباه لتلك المخططات وإجهاضها في مهدها.

وإلى ذلك، قال أحمد سلطان الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، في تصريحات لـ«السياق»، إن ما يوصف بـ«تيار التغيير» يسعى للاستفادة من الظروف الحالية في مصر والضغط من أجل تحريك الشارع، للضغط على القاهرة.

وأوضح الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أن جهات خارجية تسعى لتوظيف «تيار التغيير»؛ لتحقيق مصالح وأهداف داخل مصر خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن عودة ظهور «الكماليون»، جاء بعد الدفع به من قبل أطراف وقوى إقليمية ودولية تدعمه للاستفادة منه، عبر «تثوير» الشارع المصري، مؤكدًا أن ما طرحوه من وثيقة أسموها «وثيقة الحوار الوطني»، وهي في الحقيقة وثيقة لإعادة تحالفهم مع القوى الموالية لهم.

 

أسباب الظهور

الأسباب السابقة لم تكن وحدها الدافع لظهور «تيار التغيير»، بل إن مصادر مقربة من جبهة إسطنبول قالت في تصريحات لـ«السياق»، إن تيار التغيير والذي تعد جبهة لندن الحديقة الخلفية له، ظهر في التوقيت الذي زعمت فيه الأخيرة أنها ستبتعد عن العمل السياسي.

إلا أنها قالت إن هذا الزعم كان على خلاف الواقع؛ فثمة تبادل أدوار بين «الكماليون» وجبهة منير،. مشيرة إلى أن «تيار التغيير» بمثابة «اليد الحديدية» لجبهة لندن التي تدعو ظاهريًا للتفاهم مع السلطة.

وأوضحت مصادر «السياق»، أنه بينما يدعو طرف (جبهة حسين) للتقارب مع السلطة، يلوح الآخر (تيار التغيير) بالعنف طريقًا لتلبية مآربه، في محاولة لـ«لي ذراع» الدولة المصرية.

ذلك التقارب الخفي بين الجبهتين كان على النقيض تمامًا من العلاقة بين «الكماليون» وجبهة محمود حسين، رغم اتخاذهما من مدينة إسطنبول منطلقًا لأفكارهما ولمقارهما.

واستندت مصادر «السياق» في رؤيتها إلى أنه حين تولي محمود حسين منصب الأمين العام لجماعة الإخوان، أصرَّ على فصل مجموعة محمد كمال من التنظيم بلا أي رجعة، بالإضافة إلى أن الأخيرة ترى أن جبهة محمود حسين من أسباب الفشل الذي يلاحق التنظيم في الوقت الحالي.

ذلك «الخصام» بين الجبهتين، يأتي على الرغم من تطابق الرؤى في التعامل مع النظام المصري، وانتهاج العنف، ورفض ما أسموه بـ«المصالحة».

وأوضحت المصادر، أن القيادي الإخواني حلمي الجزار نائب إبراهيم منير، كان يريد استقطاب رفاقه منذ السبعينيات من مجموعة محمد كمال؛ أبرزهم علي بطيخ وأحمد عبدالرحمن؛ لأنهم يتقاربون معه في نفس العمر والتجربة.

 

توقيت العودة

وفيما يتعلق بانزواء جبهة إسطنبول مقابل صعود «الكماليون»، قالت المصادر: إن جبهة محمود حسين تكره الإعلام ولا تريد الظهور؛ كونها تعلم أنها مثار انتقاد من الأطراف كافة.

وإلى ذلك، قال أحمد سلطان الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة في تصريحات لـ«السياق»، إن «الكماليون» على خلاف مع جبهة حسين، بعد أن استقال مؤسسها محمد كمال من التنظيم، وانضمام بعض العناصر إليه من مكاتب المحافظات، ليؤسسوا ما يعرف بـ«المكتب العام لجماعة الإخوان».

وأوضح سلطان، أن «الكماليون» كانوا دائمًا يراقبون تطور الصراع على القيادة والذي بدأ في العام 2015، مشيرًا إلى أنهم ظلوا في حالة «خمول»، إلى أن ظهروا في صورة «تيار التغيير»، ليعبروا عن «القطبيين» داخل التنظيم، والذين يقبعون في غياهب السجون المصرية.

وحول أسباب اختفاء التيار وإعادة ظهوره من جديد، يرى الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أن الأمر مرتبط بـ«التمويل»، وخاصة مع نجاح الأمن المصري في تفكيك العديد من خلاياهم داخل البلاد، وعدم قدرتهم على تجنيد واستقطاب المزيد من العناصر نتيجة ضعف التمويل.

 

البحث عن مكان

إلا أن الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية مصطفى أمين عامر كان له وجهة نظر أخرى حول أسباب ظهور «تيار التغيير»، قائلًا، إنه (التيار) يبحث عن مكان وسط الجبهتين الأساسيتين، وهما جبهتا محمود حسين وإبراهيم منير.

وأوضح عامر في تصريحات لـ«السياق»، أن من أهم سمات هذا التيار هو قدرته على العنف والحشد للأفكار التي يسوِّق لها، إلا أن ملامحه «الهيكلية» لا تزال غير واضحة، إذ لا يمكن تحديد القواعد التي يسيطر عليها في الداخل المصري وأيضًا مصادر تمويله.

وربط الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، بين توقيت إعلان التيار عن نفسه، والدعوة للتظاهر داخل مصر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، قائلًا إن هذا التيار يحاول أن يكون جزءًا شريكًا في الدعوة إلى تلك الاحتجاجات المزعومة.

ورغم ذلك، إلا أنه قال إن «الكماليون» سيكون دورهم محدودًا، فضلًا عن أن معظم قياداتهم غير معروفة باستثناء محمد منتصر، الذي لا يعد قيادة تاريخية أو تقليدية أو ممن سبق أن تولى مواقع مهمة داخل جماعة الإخوان.

ووصف عامر «تيار التغيير» بـ«الباهت»، مشيرًا إلى أنه يحاول إيجاد موقع ومكان في دائرة الصراع الإخوانية وإظهار نفسه وكأنه شريك في أية مرحلة.