انشقاق جديد في الإخوان يعصف بجبهة لندن... هل يتكرر سيناريو 49؟
كشفت مصادر قريبة الصلة من جبهة إخوان لندن في تصريحات لـ السياق، تفاصيل الصراع الدائر على خلافة إبراهيم منير.

السياق
انشقاق جديد يشق طريقه إلى «الإخوان»، ما ينذر بمزيد من الصراع على إرث حسن البنا، ويهدد كيان التنظيم «الإرهابي»، خاصة أن شبح سيناريو 49 يلوح في الأفق.
فبعد أن كان التشظي إلى ثلاث جبهات، عنوان تنظيم الإخوان في المرحلة الماضية، تطور الأمر إلى خلاف داخل الجبهة الواحدة (جبهة لندن) على من يخلف إبراهيم منير، بين رجال «التأسيس الأول» المحسوبين على جيل القيادي التكفيري سيد قطب، وأطراف معروفين برموز «التأسيس الثاني» المحسوبين على جيل المرشد الثالث للجماعة عمر التلمساني.
ورغم أن الخلاف على اختيار خليفة لإبراهيم منير قد يحسم بواحد من ثلاثة سيناريوهات، خوفًا من قيادات التنظيم لتكرار سيناريو 1949 بعد وفاة حسن البنا، فإن الجبهة ستظل منقسمة على نفسها، خاصة أن أي شخصية سيقع عليها الاختيار لخلافة القائم بأعمال مرشد الإخوان، ستكون أقل «كاريزما» منه، وسيكون تأثيرها أقل في الحفاظ على وحدة صف الجبهة.
ليس ذلك السيناريو السيئ، الذي ينتظر جبهة لندن فحسب، بل إن هناك عينًا ثالثة تترقب، ممثلة في القيادي محمود حسين قائد جبهة لندن، الذي يرى في نفسه الأحق بالقائم بأعمال مرشد الإخوان.
تفاصيل الصراع
إلى ذلك، كشفت مصادر قريبة الصلة من جبهة إخوان لندن في تصريحات لـ«السياق» تفاصيل الصراع الدائر على خلافة إبراهيم منير، مشيرة إلى أن اجتماع اللجنة الإدارية للجبهة، الذي عُقد عقب وفاة منير، وضم محيي الدين الزايط وحلمي الجزار وإبراهيم الدسوقي والسعدني أحمد، شهد صراعًا حادًا.
الصراع وصل إلى مشادة كلامية على أحقية حلمي الجزار بتولي المنصب، خاصة أنه يرى في نفسه الشرعية في ذلك، لأن محمد بديع المرشد العام للجماعة والمودع في السجون المصرية، نصَّبه خليفة له، إلا أن اللجنة انتهت -في ذلك الوقت- إلى اختيار الزايط قائمًا بأعمال المرشد لمدة شهر، حتى التشاور، بحسب مصادر «السياق».
وأوضحت المصادر أن هناك اجتماعات تجرى الآن، وأن هناك اتجاهًا عامًا داخل مجلس شورى الأقطار بالإخوان، لتعيين محمد البحيري قائمًا بأعمال المرشد، كحل للصراع بين الزايط والجزار، وللم شمل الجماعة، على أن يعين الزايط نائبًا له، وأن يكون صهيب عبد المقصود أمينًا عامًا للجماعة، ومحمود الإبياري أمينًا عامًا للتنظيم.
إلا أن تلك ليست الأزمة الوحيدة –بحسب مصادر «السياق»- فهناك محمود حسين، الذي يتربص بجبهة لندن، ويرى نفسه الأحق بمنصب أمين التنظيم، وأن الصراع على منصب المرشد العام حُسم لصالحه، كأكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنًا، والوحيد خارج السجون، مشيرة إلى أن هناك صراعًا داخل جبهة لندن، بين محيي الدين الزايط، الذي لا يحظى بتأييد كبير، وحلمي الجزار الذي تراه الجماعة امتدادًا للقيادي عبدالمنعم أبو الفتوح، ومجموعته بقيادة علي بطيخ، الذي انضم إلى الجزار بعد انسحابه من جبهة الكماليين.
صفيح ساخن
وعن تلك التطورات، قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الأصولية عمرو فاروق، في تصريحات لـ«السياق»، إن جماعة الإخوان على صفيح ساخن، منذ إعلان وفاة إبراهيم منير، مشيرًا إلى أن الصراع انقسم داخل جبهة لندن بين أطراف معروفة تنظيميًا برجال «التأسيس الأول»« والمحسوبين على جيل القيادي التكفيري سيد قطب، مشيرًا إلى أن أطرافًا معروفين برموز «التأسيس الثاني» والمحسوبين على جيل المرشد الثالث للجماعة عمر التلمساني.
وأوضح فاروق في تصريحات لـ«السياق»، أن هناك اتجاهًا داخل جبهة لندن، يقود إلى اختيار محمد البحيري تلميذ مصطفى مشهور والملقب بـ«المرشد السري» للجماعة خلال الفترة الماضية، خلفًا لإبراهيم منير، نظرًا لقدرته على حسم المنافسة أمام محيي الدين الزايط وحلمي الجزار، إلا أنه قال إن البحيري، يحظى بتأييد واسع من قواعد الإخوان التنظيمية .
ذلك الصراع على خلافة منير، قال عنه الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الأصولية، إنه سيقود الإخوان إلى اختيار واحد من السيناريوهات الثلاثة... الأول: اختيار حلمي الجزار أحد رموز التأسيس الثاني، الأمر الذي يعزز ما طرحته جبهة لندن من قبل بشأن تخليها عن العمل السياسي واعترافها بشرعية النظام السياسي المصري وعدم دخولها في صدام أو منافسة معه، وعودة التنظيم إلى مرحلة ما قبل 2011.
أما السيناريو الثاني –بحسب فاروق- فيتمثل في استمرار محيي الدين الزايط المكلف الآن بتسيير منصب القائم بالأعمال، في منصبه، ما يعني استمرار الخلافات والصراعات الداخلية داخل الجماعة، بخلاف الصدام مع الدولة المصرية، كون الزايط ذا طباع حادة تميل إلى العنف والصدام.
واستبعد فاروق، الاستقرار على محمود حسين قائمًا بأعمال مرشد الإخوان، كسيناريو ثالث أمام الجماعة، إلا حال تدخل أحد قيادات الإخوان الثلاثة بالسجون، الذين لديهم سلطة القرار: محمد بديع ومحمود عزت وخيرت الشاطر.
صراع على السلطة
من جانبه، قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي منير أديب، في تصريحات لـ«السياق»، إن وفاة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد الإخوان، أدت إلى مزيد من الانقسام والتشظي، الذي انتقل من مجرد خلاف بين الجبهات الثلاث للجماعة، إلى خلاف داخل الجبهة الواحدة على خلافة إبراهيم منير.
وأوضح أديب، أن هناك ثلاثة أسماء مرشحة لخلافة منير، أقربها إلى المنصب: محيي الدين الزايط، ثم حلمي الجزار ومحمد البحيري، إلا أنه قال إن الأخير الأقل حظوظًا في الفوز بالمنصب، كونه بلغ الثمانين من عمره، ولديه أمراض ربما تمنعه من أداء عمله كقائم بأعمال مرشد الإخوان.
تعاظم الخلاف
وأشار إلى أنه حال اختيار محيي الدين الزايط قائمًا بأعمال المرشد، فإنه لن يختار حلمي الجزار نائبًا للقائم بأعمال المرشد، لأنه كان الأكثر منافسة له، بل سيختار محمد الدسوقي نائبًا للقائم بأعمال مرشد الإخوان.
إلا أن اختيار شخص لخلافة إبراهيم منير، لن ينهي الصراع داخل جبهة لندن، بحسب منير أديب، الذي قال إن الجبهة ستظل منقسمة على نفسها، بصورة ستتعاظم خاصة أن أي شخصية سيقع عليها الاختيار لخلافة إبراهيم منير، ستكون أقل «كاريزما» منه وبذلك سيكون تأثيرها أقل في الحفاظ على وحدة صف الجبهة.
وتوقع أن يحاول القيادي محمود حسين استغلال فرصة تسمية محيي الدين الزايط قائمًا بالأعمال، لإجراء انتخابات يعلن خلالها نفسه قائمًا بأعمال مرشد الإخوان، مستندًا في ذلك إلى أنه كان عضوًا لمكتب الإرشاد وأمينًا عامًا للتنظيم، في الوقت الذي كان فيه الزايط، أقل منه درجة تنظيمية، حيث كان عضوًا لمكتب شورى الإخوان، وكان مسؤولًا لمكتب إداري الجيزة.
وأشار أديب إلى أنه حال تسمية محيي الدين الزايط قائمًا بأعمال المرشد العام، فإن عددا كبيرًا من الإخوان ممن لم ينحازوا لأي من الجبهات، سيتجهون إلى محمود حسين باعتباره الأوفر حظًا والأكثر تناغما مع اللائحة التي تمنحه الأحقية في تولي المنصب، كأكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنًا أو الوحيد خارج السجون.
تلك الصراعات على المنصب، وعدم حسم جبهة لندن اختيار خليفة لإبراهيم منير، شرخ حقيقي، بحسب الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية والإخواني السابق سامح عيد، الذي قال إن جماعة الإخوان اعتادت -عبر تاريخها- الحسم السريع لإدراكها أن تأخر حسم منصب المرشد، يثير الجدل والانشقاق.
سيناريو 49
وأوضح سامح عيد، في تصريحات لـ«السياق»، أن تنظيم الإخوان لديه خبرة في هذا الأمر، فعندما توفي حسن البنا عام 1949 ظلت الجماعة نحو عام ونصف العام في خلاف بين حسن الباقوري وحسن عشماوي وعبدالحكيم عابدين وعبدالرحمن البنا وغيرهم من قيادات الجماعة، في صراع بلغ أشده، وانتهى باختيار حسن الهضيبي، الذي كان خارج تلك المنافسة.
وأشار إلى أنه إذا لم تحسم جبهة إبراهيم منير الاختيار سريعًا، ستتعرض إلى الانشقاق، خاصة إن ظل محيي الدين الزايط على رأسها.