أفغانستان تستعيد مكانها كمركز للإرهاب في العالم
أصدقاء طالبان الجهاديون عادوا إلى تهديد الأمن العالمي

ترجمات-السياق
حذرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، من تصاعد حِدة العنف في أفغانستان، بعد ثمانية أشهر من انسحاب الولايات المتحدة من كابل، الذي سمح لحركة طالبان بالعودة إلى السلطة، ما أثار مخاوف من أن تصبح البلاد مركزاً لعدم الاستقرار والإرهاب، جنوب ووسط آسيا وما وراءها.
ونقلت المجلة، عن مصادر أمنية ودبلوماسية وعسكرية، قولها إن العشرات من الجماعات، التي كانت موجودة أثناء حكم طالبان بين عامي 1996 و2001 عادت إلى العمل، كما أنها تبحث عن فرص لتوسيع نفوذها في البلاد.
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن تنظيمي القاعدة وداعش والحركة الإسلامية في أوزبكستان (IMU) وحركة تركستان الشرقية الإسلامية (ETIM)، وحركة طالبان باكستان (TTP)، وجماعة "عسكر طيبة"، الأبرز بين نحو 20 جماعة مسلحة في البلاد، حددتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة، على أنها كان لها وجود مُسلح في أفغانستان طوال 20 عاماً.
مصدر للإرهاب
ونقلت المجلة عن الخبير الأمني ومستشار حكومة كابل السابقة، علي محمد علي، قوله: "أفغانستان هي القاعدة والقاعدة هي أفغانستان".
وتابعت: "في حال تحول أفغانستان، تحت حُكم طالبان، إلى دولة مُصدِّرة للإرهاب، فذلك يرجع إلى انهيار اقتصادها، ولأن تنفيذ القانون والنظام والأمن، في جميع أنحاء البلاد، يكاد يكون غير موجود، فتصاعد العنف، من الهجمات ضد طالبان من المقاومة المختلفة لكنها متزايدة، للهجمات الانتحارية التي تستهدف الأقليات العرقية، يشير إلى أن الإسلاميين يفقدون بسرعة أي سيطرة على حكمهم، بينما تزدهر الحركات المسلحة وتنتشر لأغراض جيوسياسية".
وأضاف علي: "عدم قدرة طالبان على الحُكم وفر تفويضاً مطلقاً للجماعات الإرهابية، للعمل في الأراضي الأفغانية ومنها".
نفوذ روسيا
إلى ذلك، يقول نائب وزير خارجية أفغانستان السابق، مرويس ناب: "بعض الجماعات الإرهابية العاملة في أفغانستان، مثل الفرع المحلي لتنظيم داعش، المعروف بـ "داعش خراسان"، تعاون مع الحركة الإسلامية في أوزبكستان، لزعزعة استقرار بعض جيران آسيا الوسطى، الذين ما زالوا في دائرة نفوذ روسيا.
كان تنظيم "داعش خراسان" قد أعلن -في مقطع فيديو- أنه أطلق 10 صواريخ على قاعدة عسكرية في أوزبكستان، التحرك الذي وصفه ناب بـ "محاولة من داعش للمطالبة بربط نفسها بالخلايا النائمة والجماعات المتطرفة هناك".
ورأت المجلة أنه قد يكون هناك دافع جيوسياسي وراء الهجمات على جيران أفغانستان في آسيا الوسطى، هو روسيا، إذ ترى دول بآسيا الوسطى أن علاقتها بموسكو عائق محتمل، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الغربية التي ستسبب لهم مشكلات اقتصادية واجتماعية، وقد يؤدي نقص إمدادات السلع الأساسية إلى اضطرابات، كما حدث في كازاخستان بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
ونقلت المجلة عن الخبير في آسيا الوسطى رافايلو بانتوتشي قوله إن فقدان تحويلات العمال المهاجرين من روسيا، سيؤدي إلى إقصاء مليارات الدولارات من اقتصادات هذه الدول.
قلق من الحرب
ذكرت مجلة فورين بوليسي، أن أوزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وحتى طاجيكستان وتركمانستان، أشارت إلى مستويات متفاوتة من القلق من الحرب الروسية في أوكرانيا، بينما يقول بانتوتشي إن بعض البلدان التي بها عدد كبير من الناطقين بالروسية تعد القومية الروسية تهديداً محتملاً لها أكبر من الجهادية.
ونأت أوزبكستان وكازاخستان، أغنى دول آسيا الوسطى، بنفسيهما عن روسيا بسبب الحرب، إلى جانب تعبيرهما عن رفض العنف ودعم وحدة أراضي أوكرانيا، كما أرسل البلدان إمدادات طارئة من الأغذية والأدوية والملابس إلى كييف.
وأضافت المجلة: "بالطبع لن تجعل هذه الإجراءات دول آسيا الوسطى محببة لموسكو، التي أوقفت صادرات الحبوب والأسمدة، وقد تؤدي دوراً في جعل الوصول إلى منافذ النفط والغاز وسلع التصدير الأخرى صعباً، لكن قد تكون لروسيا ورقة رابحة هي روابطها التاريخية بأفغانستان، إذ أدى الدعم السوفييتي للحكومة الشيوعية في كابل إلى غزو روسي عام 1979 وحرب بالوكالة استمرت 10 سنوات مع الولايات المتحدة، انتهت بصعود حركة طالبان".
عام 2020، عرضت موسكو على مقاتلي طالبان الأموال، لاستهداف القوات الأمريكية والقوات المتحالفة في ساحة المعركة، وكانت روسيا، إلى جانب الصين وإيران وباكستان، من الدول القليلة التي دعمت عودة طالبان، وهي حتى الآن الدولة الوحيدة التي اعتُمدت دبلوماسياً من طالبان، ودعت إلى الاعتراف الرسمي بالحركة، حسب المجلة.
وضع صعب
رأت المجلة أن طالبان، التي قالت إنها ممزقة بسبب انقساماتها، في وضع صعب للتعامل مع التهديدات من شركائها وجيرانها، والعكس صحيح، إذ تريد الصين، التي قد تستثمر في التعدين والبنية التحتية في البلاد، من الحركة ترحيل أعضائها الذين يسعون إلى استقلال منطقة شينجيانج الصينية ذات الأغلبية المسلمة، كما يعارض قادة طالبان الأوزبكيون والطاجيكيون -شمالي أفغانستان- ترحيل الأويجور إلى الإعدام شبه المؤكد، كما تحتاج الحركة إلى علاقة تجارية مع أوزبكستان، التي تزود أفغانستان بالكهرباء.
ولفتت المجلة إلى أن هذه ليست مشكلات طالبان الوحيدة، إذ تشعر باكستان بالغضب من التحالف المستمر بين طالبان الباكستانية وطالبان الأفغانية، التي ساعدتها إسلام أباد في العودة إلى السلطة، فعلى عكس توقعات الأخيرة، فإن حركة طالبان باكستان، مثل الجماعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، استعادت نشاطها بفعل انتصار طالبان في كابل.
ونقلت المجلة عن تقرير المعهد الأمريكي للسلام في يناير الماضي قوله: "كثيرًا ما رأت باكستان أن حركة طالبان باكستان هي -إلى حد كبير- نتيجة ثانوية للوجود الأمريكي في أفغانستان، إلى جانب الدعم الخارجي من الحكومة الأفغانية السابقة بسبب تعاونها مع الهند، كما كانت تتوقع أن يتضاءل تهديدها مع وصول حركة طالبان إلى السلطة في كابل، لكن ما حدث كان العكس، حيث مكنت طالبان هجمات (طالبان باكستان) من الأهداف العسكرية الباكستانية".
ونقلت المجلة عن المتحدث باسم وزارة الخارجية في إسلام أباد، عاصم افتخار، قوله: "الإرهابيون يستخدمون الأراضي الأفغانية لتنفيذ أنشطة داخل باكستان، ويفلتون من العقاب".