مَنْ يخسر الحرب الاقتصادية: أوكرانيا أم الغرب أم روسيا؟ 

الديون والتضخم والطاقة والعقوبات لا تقل أهمية عن الأسلحة في تحديد مَنْ يتصدر القائمة

مَنْ يخسر الحرب الاقتصادية: أوكرانيا أم الغرب أم روسيا؟ 

ترجمات - السياق 

يقول توني باربر في صحيفة فايننشال تايمز، إن ما لفت انتباهه في أخبار الأربعاء أن أوكرانيا، بموافقة دائنيها من الحكومات الغربية، ستعلق سداد الديون حتى نهاية عام 2023 على الأقل.
 ويضيف الكاتب أن الخطوة تمثل تذكيرًا في الوقت المناسب، بالأبعاد الاقتصادية للهجوم الروسي على أوكرانيا، فالحرب ليست مجرد اعتداء على الهوية الأوكرانية والاستيلاء على الأراضي، رغم أنه إذا كانت هناك شكوك في هذا الشأن، فمن المؤكد أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أنهاها هذا الأسبوع.
فالحرب تشكل أيضًا اختبارًا شديدًا للمرونة الاقتصادية لأوكرانيا وداعميها الغربيين وروسيا.  
لذا يضيف توني: أبحث مدى تأثر كل من يشارك في النزاع.

أوكرانيا
 ليس هناك شك في أن أوكرانيا هي الأكثر تضررًا، حيث كان إعلان الديون منعطفًا في كييف. في السابق، تعهدت الدولة بالوفاء بالتزاماتها، مهما كانت تكلفة الحرب.
 لكن عجز ميزانية البلاد الآن نحو  5 مليارات دولار شهريًا. وتخشى وزارة الخزانة الأمريكية أن تنهك السلطات المالية العامة لأوكرانيا، من خلال طباعة النقود لتغطية الفجوة.
هناك حاجة إلى عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات الغربية، لعكس اتجاه الانزلاق نحو التضخم والاضطراب الاقتصادي.
ثم تساءل توني عن الأضرار التي لحقت بالناتج الاقتصادي الأوكراني منذ الغزو الروسي في فبراير، ليستعين -في تقريره- بتحليل مقنع لموقع voxeu.org، قدر فيه مينيا كونستانتينيسكو، رئيس الأبحاث في البنك المركزي الأوكراني، أن النشاط الاقتصادي تراجع بنسبة 45 في المئة بداية الحرب، لكنه تعافى إلى قرابة 85 في المئة من  مستويات ما قبل الحرب في أبريل، ومع ذلك لا تزال هذه ضربة هائلة للاقتصاد في البلاد.
لكنه أوضح نقطة مهمة، حيث تسهم المناطق التي تحتلها روسيا مثل خيرسون، شمال شبه جزيرة القرم، بقدر أقل بكثير في الناتج القومي من منطقة كييف، التي تمثل ما يقرب من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والتي صمدت في وجه الهجوم الروسي.
 أخيرًا ، تطرق توني لملف إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب.  واستعان بتصريحات رئيس الوزراء دينيس شميهال، التي توقع فيها  أن يكلف تعافي أوكرانيا 750 مليار دولار، ما يعادل خمسة أضعاف ما التزمت به الولايات المتحدة لتعافي أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وقد يكون الرقم أقل من الواقع.

أوروبا
 تعاني اقتصادات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أيضًا، يضيف كاتب "فايننشال تايمز" إذ تقول المفوضية الأوروبية، في أحدث توقعاتها، إن التضخم في منطقة اليورو سيصل ذروته عند مستوى قياسي يبلغ 8.4 في المئة في الربع الثالث، لكن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيكون 2.6 في المئة هذا العام و 1.4 في المئة العام المقبل.
 السؤال المركزي هو: كيف تدير أوروبا احتياجاتها من الطاقة في الشتاء إذا توقفت روسيا عن إمدادها بالغاز؟  
قال صندوق النقد الدولي -هذا الأسبوع- إن الحظر الروسي سيدفع بكل من جمهورية التشيك والمجر وإيطاليا وسلوفاكيا إلى هبوط يزيد على 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل.
المحللون في "دويتشه بنك" متشائمون بشأن الوضع في ألمانيا، التي تعتمد -بشكل كبير- على الغاز الروسي، ويتوقعون حدوث ركود في وقت لاحق من هذا العام.  
والأكثر إثارة للقلق هو تأثير أي حظر روسي على الغاز مع توقعات بتقنينه، ما يؤدي إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة تتراوح بين 5 و6 في المائة عام 2023".
وتبدو نظرة المملكة المتحدة قاتمة، بسبب العديد من العوامل التي تؤثر في أوروبا، لكن أيضًا لأن تجارتها تعاني بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع انخفاض مستويات الإنتاجية.  
ويقول مكتب مسؤولية الميزانية، وهو سلطة مستقلة، إن الدخل الحقيقي المتاح سينخفض بنسبة 2.2 في المئة في السنة المالية 2022-2023، وهو أكبر انخفاض سنوي منذ بدء السجلات في 1956-1957.
 باختصار، كل شيء يعتمد على ما إذا كان يمكن إقناع الرأي العام الأوروبي، بمواصلة دعم أوكرانيا خلال الأزمة الاقتصادية في الداخل، حيث ستكون هناك حاجة إلى قيادات سياسية ذات رتب عالية.

روسيا
 وضع الكرملين الاقتصاد الروسي، بما في ذلك القطاع الخاص، في حالة تأهب لحرب طويلة المدى، إذ كشف نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف النقاب عن مجموعة من الإجراءات الجديدة، وقال إن الغرض منها "ضمان توريد الأسلحة والذخيرة".
ويدور الكثير من الجدل في الغرب عن مدى إضعاف العقوبات للجهود الحربية الروسية. 
وبينما يذهب محللون إلى تأكيد أن العقوبات تؤتي ثمارها، لأنها تقطع الواردات الروسية وتتسبب في هروب رؤوس الأموال "يعاني الاقتصاد الروسي يعاني فقدان الدم الشرياني بمعدل متزايد".
 لكن ألا تزال أوروبا تدفع لروسيا مليارات اليورو مقابل إمدادات الطاقة؟
يقول محللون إن الاعتقاد بأن هذه الأموال تموِّل المجهود الحربي الروسي سوء فهم. وبدلاً من ذلك، تتراكم أرصدة العملات الأجنبية الخاملة الموجهة لروسيا، حيث لم يكن من الممكن استخدامها لاستيراد الموارد إلى روسيا، فهي لا تدفع ثمن حرب بوتين.
يقول جون بريسون، من جامعة برمنغهام، إن عزلة روسيا عن شبكات الإمداد العالمية، تلحق الضرر بأنظمة التطوير والتصنيع.  وخير مثال سيارة لادا الجديدة "المقاومة للعقوبات" حيث ظهر الموديل الجديد من دون وسائد هوائية، ونظام فرامل مانع للانغلاق، وتقنيات تقييد الانبعاثات، والملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، وأنظمة حزام الأمان الحديثة.