هل الغرب مستعد لمواجهة سلاح يوم القيامة النووي الروسي؟
لم تفعل إدارة بايدن شيئًا لردع احتمال استخدام الأسلحة النووية الروسية ضد أوكرانيا أو الولايات المتحدة أو الناتو

ترجمات - السياق
سلَّطت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، الضوء على الصاروخ الروسي البالستي العابر للقارات من طراز "سارمات"، وهل بإمكان الغرب مواجهته، مشيرة إلى أنه سلاح من جيل جديد يحمل رؤوسًا نووية، ومداه بعيد جدًا، ووصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بأنه "لا مثيل له".
وقال بوتين، في كلمة عبر التلفزيون في أبريل الماضي: "هذا حقًا سلاح فريد سيعزز القدرة العسكرية لقواتنا المسلحة، وسيضمن أمن روسيا في مواجهة التهديدات الخارجية، وسيدفع أولئك الذين يحاولون تهديد بلدنا بخطاب متفلت وعدواني إلى التفكير مرتين".
وبينت المجلة أنه لمواجهة هذا السلاح، الذي وصفته بـ(سلاح يوم القيامة النووي)، يجب على الولايات المتحدة ألا تخاف وألا تدفن رأسها في الرمال.
أخطر أسلحة بوتين
ورأت "ناشيونال إنترست" أن صاروخ سارمات أخطر أسلحة بوتين النووية الخارقة، إذ يمتلك ثمانية من هذا النوع، حسب آخر إحصاء.
يذكر أن قائمة الأسلحة الخارقة مجموعة فرعية من البرامج الاستراتيجية الروسية، لتحديث الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت، والتي أعلنت عنها روسيا ويتم توسيعها كل عام في خطاب حالة الأمة السنوي لبوتين.
وفي 20 أبريل الماضي، أعلن بوتين أول تجربة إطلاق لصاروخ سارمات البالستي الثقيل العابر للقارات (آي سي بي إم)، حيث استغل الحدث لإطلاق تهديد نووي جديد، مشيرًا إلى أنه "جرس إنذار لأولئك الذين يحاولون تهديد بلاده".
وترى المجلة، أن مجرد وجود هذا السلاح انعكاس للفشل المنهجي لمعاهدة ستارت الجديدة لعام 2010 لتقييد التهديدات النووية، مشيرة إلى حظر أنواع جديدة من الصواريخ البالستية الثقيلة العابرة للقارات، بموجب معاهدة سولت الثانية لعام 1979 ومعاهدة ستارت الأصلية (1991)، إلا أنه مقارنة بإلغاء القيود النوعية في معاهدة ستارت الأصلية (المادة الخامسة) ومعظم نظام التحقق، فإن معاهدة ستارت الجديدة لا تضع أي قيود على أي اختراق جديد، في ما يخص إطلاق الصواريخ البالستية.
وأشارت إلى أنه بموجب معاهدة ستارت، فقد أخطرت روسيا، الولايات المتحدة بأنها تخطط لاختبار هذا الصاروخ البالستي العابر للقارات، ومن ثم لم يكن الأمر مفاجئًا، حتى أن واشنطن لم تعده تهديدا صريحًا لها أو لحلفائها حينها.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد -حسب المجلة- إذ قال جوش روغين من صحيفة واشنطن إكزامينر: "إذا كنت بحاجة إلى مثال جيد لميل إدارة بايدن لاسترضاء روسيا، فراجع رد المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، الذي يكاد يهنئ موسكو على اختبار الصاروخ البالستي العابر للقارات من طراز سارمات الجديد".
والأمر الأكثر إثارة للقلق -حسب المجلة- أن بيان كيربي صدر بعد الانتهاء من مراجعة الوضع النووي لإدارة الرئيس جو بايدن، التي كان ينبغي أن تركز بدقة على هذا النوع من التهديد النووي.
وأشارت إلى أنه عام 2018، صرح بوتين بأن صاروخ سارمات سيكون مزودًا بمجموعة واسعة من الرؤوس الحربية النووية القوية، بما في ذلك التي تفوق سرعة الصوت، وأحدث الوسائل للتهرب من الدفاع الصاروخي.
وتقول روسيا: الصاروخ سارمات يمكنه مهاجمة الولايات المتحدة فوق القطب الجنوبي، على ما يبدو، لاستغلال القيود في تغطية رادارات الإنذار المبكر الأمريكية.
وعام 2019، قال بوتين: الصاروخ سارمات "ليست له حدود عندما يتعلق الأمر بالمدى"، وإن بإمكانه "إصابة أهداف من خلال عبور القطب الشمالي وكذلك القطب الجنوبي".
وكجزء من إعلان الإطلاق، صرح العقيد الجنرال سيرغي كاراكاييف، قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية، بأن الصاروخ سارمات يمكنه حمل العديد من مركبات الانزلاق (أفانغارد) التي تفوق سرعة الصوت.
وتقول وسائل الإعلام الرسمية الروسية: إنتاج أفانغارد يبلغ 2 ميغا طن، بينما قالت وزارة الدفاع الروسية: "سيكون بإمكان سارمات حمل ما يصل إلى 20 رأسًا حربيًا من الفئات الصغيرة والمتوسطة والعالية القوة".
واستنادًا إلى التقارير الصحفية الروسية والغربية، يبدو أن هذه الفئات تعادل 100-150 كيلوطن و350 كيلو طن و800 كيلو طن، بينما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية الرئيسة (تاس) أنها ستحمل "ما لا يقل عن 15" رأسًا حربيًا.
إعادة انتشار
وأفادت "ناشيونال إنترست" بأنه في ديسمبر 2019، كشف بوتين أن روسيا تخطط لنشر عشرين فوجًا من صواريخ سارمات بحلول عام 2027، مشيرة إلى أنه قبل هذا الكشف، أفادت الصحافة الروسية بأنه كان من المقرر نشر 46 صاروخًا.
وأوضحت المجلة، أنه عندما تم الإعلان عن الإطلاق الأول، قال الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس) آنذاك (والسفير السابق لحلف شمال الأطلسي ونائب رئيس الوزراء) ديمتري روغوزين: "سيكون لدينا 46 نظامًا قتاليًا استراتيجيًا من طراز سارمات (هدية) إلى الناتو".
وأضاف روغوزين: "نعرف من يمتلك أسلحة نووية في الناتو. الولايات المتحدة الأمريكية هي المالك الأكبر. لكن إذا تحدثنا عن الخصائص التقنية لما لديهم، بالطبع، هذه الخصائص أقل مما لدينا. وعلاوة على ذلك، فإن صواريخهم مختلفة ومتخلفة (أقل تقنية وفعالية) عن خصائص صواريخنا البالستية العابرة للقارات (سارمات) الذي تم الإعلان عنه وتأكيده بالفعل من خلال اختبار تصميم الرحلة الأولى".
أمام هذه التصريحات، أشارت المجلة الأمريكية، إلى أن الرقم 46 يُعادل العدد المبلغ عنه للصواريخ البالستية الثقيلة (إس إس - 18) العاملة في روسيا، قبل بدء تحويل النظام الصاروخي إلى سارمات.
وبينت أنه إذا كان العدد عشرين فوجًا يتضمن (من 120 إلى 200 قاذفة)، فإن ذلك يعد أمرًا مقلقًا لأنه يستلزم توسعًا كبيرًا في القدرة القتالية النووية الروسية، ما يشير إلى أنه لا نية لموسكو للامتثال لمعاهدة ستارت الجديدة، أو أي اتفاقية لاحقة للحد من الأسلحة النووية.
ورأت أن وجود 46 صاروخًا من طراز سارمات، يكفي لاستهداف القوات النووية الاستراتيجية الأمريكية، لافتة إلى أن وجود عشرين فوجًا تضيف ما بين 2400 و4000 رأس حربي على قوة سارمات وحدها، بخلاف حملها لمركبة أفانغارد التي تفوق سرعة الصوت.
وتابعت المجلة: "يكاد يكون من المؤكد تقريبًا أن صاروخ سارمات مسلح نوويًا بشكل حصري، في حين ذكرت تقارير روسية أن صاروخ سارمات يمكن أن يحمل عشرة وخمسة عشر رأسًا حربيًا ، إلا أنه في ضوء الادعاء الروسي بأن صاروخ سارمات يزن 10 أطنان متريّة، فإن عشرين رأسًا حربيًا أمر معقول".
غش روسي
وتبين "ناشيونال انترست" أن (أفانغارد) قد يكون في سياق الغش الروسي الواسع النطاق للاستخدامات النووية، مشيرة إلى أن أفانغارد كبير للغاية ويبلغ وزنه 2000 كغم، وبذلك فإن غطاء الرأس الحربي المستخدم أثناء عمليات التفتيش على مركبة العودة، إذا تم تصميمه بالطريقة الصحيحة، يمكن أن يغطي العديد من الرؤوس الحربية البالستية الأصغر، ما يجعلها تظهر كرأس حربي واحد تحت حد ستارت الجديد البالغ 1.550.
أمام هذه المعلومات، ترى المجلة، أن روسيا لها تاريخ طويل من الغش في ما يتعلق بحجم أغطية الرؤوس الحربية.
وبذلك -حسب المجلة- فإن فشل إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في حل هذه المشكلة، أثناء التفاوض على معاهدة ستارت الجديدة، وفشل إدارة بايدن في إصلاحها أثناء تمديد معاهدة ستارت الجديدة، أتاحا فرصة غش هائلة، مشيرة إلى أن هذا الأمر أصبح أكثر خطورة لأنه لا قيود على عدد الرؤوس الحربية، التي يمكن اختبارها على صاروخ سارمات بموجب معاهدة ستارت الجديدة.
ووصفت المجلة الأمريكية، منظومة سارمات -الصاروخية الثقيلة للغاية كما يسميها الروس- بأنها أكبر نادٍ نووي يهدد الغرب، مشيرة إلى أن ما سيفعله بوتين -على الأرجح- مواصلة اختبار سارمات، وإذا حصل على اختبار أو اختبارين هذا العام، من المحتمل أن ينشر عددًا صغيرًا من هذه الصواريخ ويعلن أن النظام يعمل مع استمرار الاختبارات.
ويهدد الرئيس الروسي ووزير خارجيته سيرغي لافروف، بشن حرب نووية مع تلميح بوتين -على ما يبدو- إلى صاروخ سارمات كوسيلة لذلك.
بينما عرض تلفزيون موسكو الحكومي مؤخرًا، محاكاة لهجمات نووية على باريس وبرلين ولندن، مشيرًا إلى أن القنابل ستدمر هذه المدن في أقل من 200 ثانية.
ووفقًا لأحد مقدمي البرنامج، فإن الصاروخ الذي سيتم استخدامه هو آر إس-28 سارمات.
أمام هذه التهديدات، وفق المجلة الأمريكية "لم تفعل إدارة بايدن شيئًا لردع احتمال استخدام الأسلحة النووية الروسية ضد أوكرانيا أو الولايات المتحدة أو (الناتو)، إذ تعتقد -بشكل غير معلن- أن الحد الأدنى من الردع كافٍ"، لافتة إلى أن هذا الصمت قد يدفع بوتين لاتخاذ قرار كارثي باستخدام الأسلحة النووية في نزاع أوكرانيا.
وأضافت المجلة: "يجب ألا نشعر بالذعر بسبب التهديدات النووية لبوتين، لكن ينبغي ألا ندفن رؤوسنا في الرمال ونسمح لقواتنا النووية بأن تكون أكثر عُرضة للخطر مما يجب أن تكون عليه".
وشددت على أهمية وضع بعض القاذفات النووية في حالة تأهب، مع نشر مقاتلات شبح ذات قدرة نووية من طراز (إف 35) بأوروبا في أقرب وقت ممكن، مشيرة إلى أن إجراء تدريب نووي مشترك مع بريطانيا، وربما مع فرنسا، يمكن أن يبعث بالرسالة الصحيحة إلى بوتين بالعواقب المحتملة لضربة انتقامية نووية على روسيا.