تصاعد صراع الإخوان.. ماذا يحدث داخل مكاتب التنظيم؟

هناك انشقاقًا داخل إخوان السجون بشأن الأزمة الراهنة، لاسيما أن المجموعة المحيطة بمحمود حسين تابعة لخيرت الشاطر، الأمر الذي يدفع لصعوبة حسم المعركة  لصالح إبراهيم منير

تصاعد صراع الإخوان.. ماذا يحدث داخل مكاتب التنظيم؟

السياق

عادت جماعة الإخوان إلى المربع صفر، بعد أن وصلت أزمة الصراع داخلها ذروتها، التي تعرف بـ "صراع الديناصورات"، بين جبهتي اسطنبول بقيادة محمود حسين ومصطفى طلبة، وجبهة لندن بقيادة إبراهيم منير.

فقد أصدرت جبهة اسطنبول -بقيادة محمود حسين- قرارًا بفصل قيادات وأعضاء جبهة لندن -بقيادة إبراهيم منير- القائم بأعمال مرشد الإخوان.

وضمت قائمة الفصل التي صدرت بشكل مفاجئ، بحسب القواعد الشبابية للجماعة: أحمد شوشة وأسامة سليمان وحلمي الجزار، وعبدالله النحاس ومحمد البحيري ومحمد الدسوقي ومحمد جمال حشمت ومحمد طاهر نمير ومحمد عبدالمعطي الجزار ومحمود الإبياري ومحيي الزايط ومسعد الزيني ونجيب الظريف.

الشباب أداة الصراع

القرار الذي كان ممهورًا بتوقيع لجنة الستة، المشكلة من مجلس شورى الإخوان بجبهة محمود حسين، قوبل بحالة من اللامبالاة، وهو ما عدَّته مصادر قريبة الصلة من جبهة اسطنبول، في تصريحات خاصة لمنصة "السياق"، حيلة جديدة من إبراهيم منير، يراهن فيها على المنتسبين للجماعة بسحب ثقتهم بمحمود حسين، بعدما ظهر كأنه يتخذ قرارات فردية.

ولفت المصادر إلى أن كلًا من الفريقين المتصارعين على منصب القائم بأعمال المرشد العام، يستخدم شباب الجماعة للضغط في الانحياز إلى طرف ضد آخر وتوظيف تشردهم واحتياجهم للعمل.

ويرى المراقبون، في تصريحات لمنصة "السياق"، أن "منير" يستعد لاتخاذ قرارات مدروسة فى مواجهة "حسين" الذي تبدو جبهته كأنها الأضعف أو الأقل عددًا، لكنها لا تزال تملك أوراق قوة مهمة داخل الجماعة أهمها مصادر التمويل، كما أنها تملك خبرة في التعامل مع الأزمات، وإذا فازت في تلك المعركة سيكون الانتصار بالنقاط وليس بالضربة القاضية.

بينما كشفت مصادر قريبة الصلة من جبهة اسطنبول، لمنصة "السياق" أيضًا عن مبادرات لاحتواء الأزمة، عقب صدور البيان.

أبرز هذه المبادرات، سعي مصطفي طلبة، القائم بأعمال المرشد العام، للقاء القيادي إبراهيم منير لتسوية الأزمة، إلا أن مشاجرة كبيرة وقعت بينهما حالت دون الوصول إلى حل، بحسب المصادر.

تأتي حالة الفشل هذه، لتكمل فشل محاولات الصلح الخارجية في احتواء الأزمة منذ ديسمبر 2015 بين تيارات الجماعة، رغم أن الأسماء التي تصدت لذلك ذات وزن وقيمة، في مقدمتها الشيخ يوسف القرضاوي.

كما كشفت المصادر لمنصة "السياق" أن اشتباكًا وقع بين محمود حسين ومصطفى طلبة، إذ كان الأخير يريد الاستمرار قائمًا بالأعمال، لكن حسين رفض هذا الأمر.

القاهرة - لندن

عمرو فاروق، الباحث المتخصص فى شؤون الجماعات الإرهابية، يرى، في تصريحات خاصة لمنصة "السياق"، أن بيان لجنة الستة بقيادة محمود حسين، بفصل إبراهيم منير ومجموعته، يعد دليلًا قاطعًا على استمرار التوتر داخل التنظيم، والانقسام بين المكاتب الإدارية، سواء في الداخل أم الخارج.

ويلفت الباحث فى شؤون الجماعات الإرهابية، إلى أن محمود حسين، حاول توظيف مجلس شورى التنظيم في تمرير غطاء قانوني لموقفه وقراراته، إذ يسعى لاستغلال فلول التنظيم في الداخل المصري لدعم موقفه، من خلال الإيحاء بأن البيان صدر من القاهرة، في محاولة للترويج بأنهم مصدر قوة التنظيم وبقائه، زاعمًا أن مجلس شورى الجماعة انعقد 3 أيام متصلة في يونيو الماضي.

كما يشير فاروق، إلى الرسالة التي يريد أن يبعث بها محمود حسين، وحاول تأكيدها في بيانه الأخير، هي أن القاهرة مصدر شرعية التنظيم، سواء في الداخل أم الخارج، وأنها مازالت العاصمة الأولى للجماعة وليست لندن، وأن التنظيم الدولي مجرد فرع تابع للجماعة وليس العكس.

ويحاول محمود حسين -بحسب عمرو فاروق- أن يتخذ خطوة استباقية لغلق الطريق على إبراهيم منير وعلى قيادات التنظيم الدولي، في اتخاذ أي قرارات مضادة لجبهة تركيا، وتأكيد أنها الممثل الرسمي للإخوان وليس جبهة لندن.

وينتقد فاروق، الدور الذي يلعبه محمود حسين، فى التلاعب بملف سجناء الجماعة وتمويل أسرهم، خاصة أنه المتحكم الفعلي في  الدعم المالي، بجانب استثماره لخطاب الكراهية ضد النظام السياسي المصري، وعدم الاعتراف بشرعيته، في مقابل جبهة إبرهيم منير، التي ترغب في فتح قنوات اتصال مع النظام المصري بأي شكل،  في محاولة لعودة الجماعة للمشهد، وحصولها على مكتسبات سياسية واجتماعية.

خيرت الشاطر

يبدو أن خيرت الشاطر سيظل كلمة السر في حسم الصراع بين جبهتي اسطنبول ولندن، إذ يقول عمرو فاروق الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية لمنصة "السياق"، إن هناك انشقاقًا داخل إخوان السجون بشأن الأزمة الراهنة، لاسيما أن المجموعة المحيطة بمحمود حسين تابعة لخيرت الشاطر، الأمر الذي يدفع لصعوبة حسم المعركة  لصالح إبراهيم منير رغم حصوله على تأييد محمد بديع وعلى عدد كبير من قيادات التنظيم الدولي المؤثرين.

ويري فاروق، أن جماعة الإخوان ستظل مشتعلة من الداخل خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل هيمنة قيادات التنظيم الدولي على الكثير من الملفات المهمة، وفرض رؤيتهم الجديدة على طريقة عمل التنظيم في العمقين العربي والإقليمي.

مستقبل غامض

من جانبه، يرى أحمد سلطان، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، في تصريحات خاصة لمنصة "السياق"، أن القرار الخاص بفصل مجموعة مجلس الشوري العام، يأتي نهاية لسلسلة طويلة من النزالات بينهما.

وبحسب سلطان، فأن أول هذه النزالات، الذي كشف ملامح "صفرية الصراع"، تمثل في قرار إبراهيم منير بفصل محمود حسين والمجموعة التابعة له في جبهة اسطنبول، وتأسيس كيان منفصل عنهم فى مجلس الشورى العام بعد استبعاد محمود حسين، والمؤيدين له من المجلس المنتخب قديمًا، وبالفعل تم تصعيد 33 قياديًا جديدًا وشغلوا عضوية مجلس الشوري الجديد.

ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، قرار لجنة الستة بقيادة محمود حسين، بفصل إبراهيم منير ومجموعته، خطوة جديدة نحو مزيد من الانقسام الذي تعانيه جماعة الإخوان منذ سقوطها في القاهرة عقب ثورة 30 يونيو التي أطاحتهم من الحكم.

ويوضح سلطان أن هذا القرار يدفع باتجاه تصعيد الأزمة داخل جماعة الإخوان، التي انشطرت إلى 4 جبهات كل منها تعمل بشكل مستقل، وأن محمود حسين يحاول بهذا القرار اكتساب شرعية تنظيمية، عبر الادعاء بأنه يمثل رغبة وإرادة تنظيم الإخوان داخل مصر، ولو لاحظنا البيان الخاص بالفصل لوجدنا أنه موقع في القاهرة.

ويشكك الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، في ما روجته تشكيلات تنظيمية داخل جماعة الإخوان، إذ زعمت أنه عقد اجتماع فى القاهرة لمدة 3 أيام جرى خلالها الاتفاق على فصل إبراهيم منير والمجموعة التي معه.

كما يرى أن الانقسام داخل الإخوان وصل إلى نقطة غير مسبوقة، وأن فكرة عودة الجماعة إلى الالتئام، وأن تصبح جماعة واحدة، أصبح بعيد المنال في الوقت الحالي، خاصة في ظل فشل العديد من المبادرات، بما فيها مبادرات التقارب التي أجراها مصطفى طلبة مع إبراهيم منير، فكل ذلك راح هباءً، وأصبح كل فصيل يتكلم بأنه الممثل الوحيد للتنظيم ولا يرى غيره.

وبالنسبة لمستقبل جماعة الإخوان، في ظل الأحداث الأخيرة، يقول سلطان، إنها مازالت تمضي من سيئ إلى أسوأ، لكنها لن تنتهي فهناك محاولات كثيرة، وهناك العديد من التشكيلات التي من داخلها تعمل بشكل تنظيمي، وهناك محاولات للعودة إلى الساحة، لكنها ستظل جماعة مأزومة، بمعني أنها تعيش أزمة ممتدة لسنوات طويلة، لأن أزمة الجماعة فى قياداتها، وسيظل التأثير السلبي لما تعيشه اليوم، حتى وإن نجحت في العودة للعمل كجماعة واحدة.

في المقابل، يختلف أحمد، بان المحلل السياسي المختص في شؤون الجماعات الإرهابية، مع الرأي القائل إن الحماعة ستعيش أزمة طويلة الأمد.

ويقول بان لمنصة "السياق"، إن جماعة الإخوان انتهت كتنظيم، وستبقى تيارًا فكريًا لن يعبر إلى القرن المقبل.

واستند في رؤيته إلى أن تنظيم الإخوان اكتسب قوته الأساسية من وحدة قواعده وقياداته، لافتًا إلى أن القرار الأخير أدى إلى مزيد من التخبط والانقسام، وكذلك إلى مزيد من الضعف.