مجلة أمريكية: الأمير محمد بن سلمان يرسم طريقًا جديدًا لقيادة الوطن العربي

حرص القادة العرب على السير على خط رفيع بين دول حلف شمال الأطلسي من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى.

مجلة أمريكية: الأمير محمد بن سلمان يرسم طريقًا جديدًا لقيادة الوطن العربي
ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان

ترجمات - السياق

قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استطاع رسم طريق جديد لقيادة الوطن العربي.

وأضافت المجلة، في تحليل لأستاذ العلوم السياسية بجامعة فلوريدا أتلانتيك، روبرت ج. رابيل، والأمين العام للاتحاد المسيحي في لبنان المستشار فرانسوا عَلَم، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أكد -خلال لقائه قادة السعودية والكويت والبحرين وقطر وعمان والإمارات ومصر والعراق والأردن السبت الماضي- أن الولايات المتحدة لن تتنازل عن الشرق الأوسط للصين أو روسيا، مشيرة إلى أن هذا التصريح جاء في أعقاب تصاعد المنافسة بين القوى العظمى على الشرق الأوسط أثناء الأزمة الأوكرانية، وأن الهدف منه كان تهدئة المخاوف العربية بشأن التزام أمريكا تجاه المنطقة.

ووفقًا لما نقلته المجلة عن صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فقد أعلن المسؤولون الأمريكيون مجموعة من الاتفاقات مع السعودية، موضحة أنه لا شك في أن هذه الاتفاقات تؤكد الرغبة المشتركة للبلدين في تعزيز علاقتهما، كما أن القادة الذين شاركوا في قمة جدة كانوا يأملون أيضًا تعزيز علاقاتهم بالولايات المتحدة، لكن ذلك لا يعني الدخول في تحالف معها ضد روسيا والصين، أو إخراجهما من الشرق الأوسط.

وتابعت: "من المؤكد أن إدارة بايدن ومعظم وسائل الإعلام الغربية، لديهم صورة غير دقيقة للمنطقة، وافتراضات غير صحيحة لما تريده الدول العربية أو تقلق بشأنه، بما في ذلك تلك المتعلقة بالمواجهة مع الصين وروسيا، أو احتمال قيامهما بملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة، إذ إن هناك تشكيكًا في جوهر السياسة الخارجية الأمريكية وقابلية تطبيقها، من وجهة نظر الدول العربية، فإن هذه السياسة الخارجية الأمريكية غير المتسقة، سببت هالة من عدم اليقين بالولايات المتحدة، ولذا فقد أدرك كل من حلفاء واشنطن وأعدائها في الشرق الأوسط، أن انسحاب أمريكا من المنطقة ليس فقط نتاجًا لإعادة توجههم الاستراتيجي نحو الصين، لكنه أيضًا أحد مظاهر تراجع نفوذ واشنطن في المنطقة، فبعد ثلاثة عقود وحربين فاشلتين في العراق وأفغانستان، بات حلفاء أمريكا يعتقدون أن مكانتها العالمية آخذة في التراجع".

ووفقاً للمجلة، فإنه نتيجة لذلك حاولت دول الخليج العربي إعادة ضبط علاقتها بالولايات المتحدة، من خلال البحث عن بدائل سياسية، لا تتوافق بالضرورة مع سياسة الأخيرة في الشرق الأوسط، وكان محور هذا التغيير استعداد روسيا والصين لتحدي السياسة الأمريكية هناك.

وما إن شعرت الرياض وأبوظبي بالانزعاج من حالة عدم اليقين المترتبة على سياسة واشنطن، حتى أرسلت موسكو وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى الخليج، أوائل مارس 2021، حيث زار السعودية والإمارات وقطر، وأكد لهم استعداد بلاده لملء الفراغ الذي تركته واشنطن، بانسحابها الجيوسياسي التدريجي من الشرق الأوسط، حسب المجلة.

وأضافت: "وبالمثل، فقد استفادت بكين ونجحت في تحدي الولايات المتحدة اقتصاديًا، والصين اليوم الشريك التجاري الأكبر لدول الخليج، إذ وقعت العديد من الاتفاقيات مع هذه الدول بمليارات الدولارات، كما أصبحت اللغة الصينية مادة أساسية في مناهج الإمارات والسعودية، ما يؤكد أهمية العلاقات الخليجية الصينية".

وحذرت المجلة من أن نهج واشنطن العالمي والعقوبات المفروضة على روسيا والصين، بسبب سياساتهما تجاه أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وهونغ كونغ وشينجيانغ، أديا إلى تعميق تعاون بكين وموسكو، ليس فقط لمقاومة التحديات والضغوط الأمريكية، لكن أيضاً لدحر نفوذ الولايات المتحدة في العالم.

وأشارت المجلة إلى أنه منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حرص القادة العرب على السير على خط رفيع بين دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، موضحة أن اللافت للنظر أن قادة الخليج العربي، بقيادة ولي العهد السعودي، رأوا فرصًا في الأزمة وانعكاساتها العالمية، وهو ما ظهر بوضوح في إعادة نظر واشنطن تجاه الخليج كمنطقة استراتيجية.

ورأت "ناشيونال إنترست" أنه من الواضح أن الأمير محمد بن سلمان يحاول تولي قيادة الوطن العربي، قائلة إن جوهر استضافة بايدن وعقد قمة جدة للأمن والتنمية، إضفاء الشرعية على نفسه كزعيم عربي جديد، يعيد الوحدة العربية والنفوذ العالمي المستقل عن تحالفات القوى العظمى.

وتابعت: "نادرًا ما حظي زعيم عربي بدعم أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، مصر، التي طالما حددت نغمة السياسة العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، والعراق، فمن خلال التفاف هذه الدول حول ولي العهد السعودي، توصل القادة العرب إلى تفاهم مشترك، على أنه لا يمكن تحقيق النهضة العربية والوحدة والنفوذ من دون الاستقرار والازدهار الإقليميين، كما أنهم يتفقون مع وجهة نظر الأمير محمد بن سلمان، في أن الأزمة الأوكرانية وفرت للوطن العربي فرصة، ليس فقط لإحياء الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط، لكن أيضاً للاستفادة من الوجود منتصف خط الصدع العالمي، الذي يتكشف بين العالم الغربي وروسيا والصين".

وذكرت المجلة أنه من وجهة نظر الشرق الأوسط، فقد أدت الأزمة الأوكرانية إلى إنشاء ثلاثة معسكرات عالمية: معسكر غربي بقيادة الولايات المتحدة، ومعسكر غير غربي بقيادة روسيا والصين، ومعسكر آخر غير ملتزم بأي شيء تجاه أي منهم يقف في المنتصف، وفي هذا المعسكر الأوسط، يجد الوطن العربي نفسه قريبًا من الولايات المتحدة، لكنه غير مستعد ليكون جزءًا من تحالف غربي يستهدف روسيا أو الصين، أو يطردهما من الشرق الأوسط، ورغم أنهما هناك بالفعل، فإن الدول العربية تحافظ على تعاونها وتجارتها مع موسكو وبكين.

وقالت "ناشيونال إنترست" إنه بقدر ما يشعر الزعماء العرب بالقلق من سلوك إيران الإقليمي العدواني وحشدها العسكري، بما في ذلك عن طريق برنامجها النووي، فإنهم يشعرون بالقلق أيضاً من اندلاع حرب إقليمية كارثية محتملة، ولذا فهم يرغبون في أن يكونوا جزءًا من تحالف إقليمي لردع طهران، لكن ليس جزءًا من محور مناهض لها يرغب في استهدافها، فهم يرغبون في موازنة علاقاتهم من دون إغراق المنطقة في حرب كارثية، قد تؤدي لتدمير طموحاتهم السياسية والاقتصادية.

ورأت المجلة أنه رغم أن رحلة بايدن الأخيرة إلى جدة خطوة في الاتجاه الصحيح، لتعزيز العلاقات الأمريكية العربية، وتخفيف حدة معدلات التضخم وأسعار النفظ على المستوى العالمي، فإن الولايات المتحدة ما زالت بعيدة عن تحقيق أهدافها، المتمثلة في إخراج روسيا والصين من الشرق الأوسط، أو إنشاء تحالف مناهض لإيران.

وتابعت: "وهو ما ظهر بوضوح في البيان الختامي لقمة جدة، الذي ركز على ترتيب البيت العربي، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وتعزيز الرخاء العربي والنفوذ السياسي، وحل النزاعات الإقليمية العالقة بالطرق الدبلوماسية، وبناء الردع العسكري العربي".

وفي ختام التحليل، أضافت المجلة الأمريكية أن الرسالة الأساسية للقمة والبيان الختامي يؤكدان أن الوطن العربي لديه زعيم هو الأمير محمد بن سلمان، الذي لا يقوم طموحه -لقيادة المملكة العربية السعودية والوطن العربي- على علاقة "الراعي والعميل" مع الولايات المتحدة.