انتهى بلا رجعة.. تفاصيل جلسة سرية بين إدارة بايدن والكونغرس تكشف مصير الاتفاق النووي

ما يحدث ليس فترة جمود قبل استئناف المباحثات وإنما التوقف هذه المرة يعني النهاية.

انتهى بلا رجعة.. تفاصيل جلسة سرية بين إدارة بايدن والكونغرس تكشف مصير الاتفاق النووي

ترجمات – السياق

بعد عام ونصف العام وعشرات الجولات المكوكية بين وفود إيرانية وغربية، كشفت صحيفة واشنطن فري بيكون الأمريكية، عن تفاصيل إحاطة سرّية قدَّمها مسؤول في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الكونغرس مؤخرًا، تؤكد أن محادثات الاتفاق النووي الإيراني وصلت إلى طريق مسدود.

ووفقًا للصحيفة، فقد أبلغ مسؤولون أمريكيون كبار الكونغرس، خلال إفادة سرية، أن مفاوضات إدارة بايدن مع إيران حول نسخة معدلة من الاتفاق النووي لعام 2015 وصلت إلى طريق مسدود، مما يهدِّد احتمال التوصل إلى اتفاق جديد.

"الإمساك بالسراب"

وحسب النائب من أصل لبناني داريل عيسى عن كاليفورنيا -الذي شارك في الاجتماع المغلق الذي عُقد قبل نحو أسبوعين لأعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب- "بدت الصفقة في متناول اليد في وقت سابق من هذا الشهر، حيث قدم المسؤولون الأمريكيون لإيران اقتراحًا من شأنه أن يخفِّف العقوبات الاقتصادية بشكل كبير ويزوِّد النظام بما يقرب من تريليون دولار على مدى عُمر الاتفاقية، إلا أن إيران رفضت، ومن ثمّ توقفت المفاوضات".

وقال عيسى لصحيفة واشنطن فري بيكون: "قبل أسبوعين، اعتقدت إدارة بايدن أن هناك صفقة قد تُنجز، ولكن الآن يعلمون جيدًا أن هذه الصفقة انتهت بلا رجعة، وباتوا في وضع حرج؛ لأنهم تفاوضوا على كل ما هو مطلوب منهم ولم يصلوا لشيء في النهاية". مضيفًا: "إيران لا تريد الصفقة التي تم التفاوض عليها".

فبعد محادثات غير مباشرة على مدى شهور في فيينا، بدا أن إيران والولايات المتحدة اقتربتا في مارس الماضي، من إحياء الاتفاق، لكن المفاوضات عادت وانهارت بسبب عقبات؛ مثل مطالبة إيران الولايات المتحدة بتقديم ضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق مجددًا، وضمانات من وكالة الطاقة الذرية بوقف تحقيقاتها.



"صفقة جديدة"

ولكن -حسب الصحيفة- لا يمكن أن يقدم بايدن مثل هذه الضمانات؛ لأن الاتفاق هو تفاهم سياسي وليس معاهدة ملزمة قانونًا.

فيما كشف عيسى، أن مسؤولي إدارة بايدن لم يكونوا بالأساس متفائلين بشأن آفاق إبرام صفقة جديدة؛ إذ أخبر المسؤولون المشرعين في الكونغرس بأن المفاوضات التي استمرَّت لعام ونصف العام من خلال الوسيط الروسي، انتهت دون الوصول لشيء؛ إذ إن طهران أرادت المزيد من التنازلات وتقديم صفقة جديدة تمامًا غير التي سبق أن قدمتها إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2015.

وقال عيسى: "إيران على بُعد خطوات من إنتاج سلاح نووي، ومن ثمّ يبدو أنهم لا يريدون التراجع عن ذلك".

وبيَّنت الصحيفة الأمريكية، أن تعليقات عيسى تتماشى مع الخطاب الصادر من المسؤولين الإيرانيين، الذين يقولون إن الصفقة المقترحة لا تذهب بعيدًا بما يكفي لتخفيض العقوبات لطهران والتأكيدات بأن الأموال ستستمر في التدفق إلى النظام، فضلًا عن أن إيران أرادت أيضًا رفع العقوبات عن العديد من الكيانات الإرهابية المصنفة، ولا سيما فيلق "الحرس الثوري"، الذي صنفته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، منظمة إرهابية بسبب هجماته على مواقع للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

وحيال ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: إن المحادثات "في مرحلة لا يوجد فيها سوى قضيتين مطروحتين على الطاولة، لكنهما مهمان للغاية".

وأضاف عبد اللهيان "موضوع الضمانات مهم جدًّا بالنسبة لنا"، مشيرا إلى أن" الجانب الأمريكي قد اتخذ بعض الخطوات تجاه مَنْحِنا ضمانات.. نحتاج فقط إلى أن تصبح هذه الضمانات أكثر اكتمالًا".

فيما أكد عضو الكونغرس الأمريكي على أن القضايا العالقة تتمحور حول العقوبات التي تستهدف مؤسسات الإرهاب الإيرانية، قائلًا: "يريدون تنازلات عن عقوباتهم الأساسية لكونهم "دولة إرهابية" وهو جسر لن يسمح لهم الجمهوريون ولا الديمقراطيون بعبوره".

وأوضح أن إدارة أوباما، خلال محادثاتها في عام 2015، "أفلتت من القول إنها لم تتنازل عن أي شيء يتعلق بالعقوبات التي وقعت فيما يتعلق بالأنشطة الإرهابية الإيرانية".
ومع ذلك، في هذه المرحلة -حسب عيسى- "من الواضح جدًا أنه عندما تنظر إلى العقوبات المفروضة على الحرس الثوري الإيراني -الذي يقف وراء العديد من الأنشطة الإرهابية في الشرق الأوسط- فإن هذا هو الخط الذي يريده الإيرانيون بوضوح - رفع هذه العقوبات- وأعتقد أنه لا يمكن لأي إدارة أن تمنحه لهم".

قلق متجدد

وأمام العقبات العديدة التي تضعها طهران، أصبح بعض الديمقراطيين يتحدثون بشكل متزايد حول مخاوفهم المتعلقة بصفقة جديدة، وفقًا لـ واشنطن فري بيكون.

ووقع ما يقرب من 30 من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين على مسودة خطاب يعرب عن القلق المتجدد بشأن الاتفاق النووي الإيراني، الذي يبدو أنه وصل إلى طريق مسدود بعد شهور من المفاوضات.

وقد تم إصدار الخطاب من قِبل النائب غوش غوتهايمر "ديمقراطي – نيوجيرسي" الذي ساند سابقًا دعم 18 من أعضاء مجلس النواب الديمقراطي للتعبير علنًا عن درجات متفاوتة من القلق بشأن المفاوضات.

وأعرب 20 من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين عن قلقهم علنًا بشأن الصفقة الوشيكة، والتزم الآخرون الذين عارضوا اتفاق 2015 الأصلي الصمت في انتظار النص النهائي.

وحسب الصحيفة، أرسل غوتهايمر خطابًا آخر موقَّعًا من الحزبين -ضم 49 مُشرعًا- لإبلاغ إدارة بايدن بأنهم ما زالوا قلقين للغاية بشأن العديد من البنود التي قيل إنَّها قد تكون متضمنة في الصيغة النهائية لأي اتفاق مع "الدولة الراعية للإرهاب في العالم".

وقال المشرعون: إنه سيكون من المستحيل على الكونغرس قبول أي اتفاق جديد "يمكن أن يخفف بشكل كبير من فعالية العقوبات المتعلقة بالإرهاب على الحرس الثوري -ذراع الإرهاب شبه العسكري الإيراني- ويوفر للمنظمة مسارًا للتهرب من العقوبات".

من جهته، قال عيسى إنه لا يتوقع أن تكون المزيد من المفاوضات مثمرة بالنظر إلى المطالب الإيرانية المتطرفة، مضيفًا: "الجانبان يعيان تمامًا انتهاء المفاوضات"، مشددًا على أن ما يحدث ليس فترة جمود قبل استئناف المباحثات وإنما التوقف هذه المرة يعني النهاية.

وتابع: "انتهى الحديث عن أي شيء جديد، ووصل الطرفان أخيرًا إلى نقطة حان الوقت لقبولها"، مستدركًا: "أعتقد أن إيران لم تتفاوض أبدًا بحُسْن نية، مما يعني أنه لا يوجد سبب حقيقي للعودة إلى طاولة المفاوضات، حتى يكون هناك تغيير كبير يوضح سبب الاختلاف".

إغلاق المفاوضات

وأمام تعنت الجانب الإيراني، نقلت واشنطن فري بيكون عن مصدر رفيع في الكونغرس -مطلع على الإفادة التي قدمتها إدارة بايدن- قوله: إنه يجب إغلاق المفاوضات فورًا؛ جراء قمع إيران للاحتجاجات التي اجتاحت البلاد مؤخرًا.

وقال المصدر: "في الدبلوماسية كما في الأعمال التجارية، سيجد الطرف الذي يريد اتفاقًا أن موقفه التفاوضي يصبح أضعف وأن عدد التنازلات التي يقدمها لا يزال يتراكم"، متابعًا: "لا أستطيع التفكير في وقت أسوأ للتفاوض مع النظام الإيراني مما كان عليه عندما يقتل شعبه في الشوارع".

من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في وقت سابق، أن المفاوضات مع إيران "ليست في وضع صحي في الوقت الحالي، ولكن الولايات المتحدة منخرطة دبلوماسيًا، حتى مع استمرار الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد".

وأضاف: "لقد أوضحنا أنه بينما كنا مخلصين وثابتين في جهودنا للتأكد من أن إيران مرة أخرى ممنوعة بشكل دائم وقابل للتحقق من امتلاك سلاح نووي، لم نر الإيرانيين يتخذون القرار الصائب"، مشددًا على أن القرار الذي سيتعين على طهران اتخاذه إذا كانت ستلتزم بالعودة المتبادلة إلى الامتثال للاتفاق النووي، هو توقفها بشكل عاجل عن الاستمرار في إنتاج السلاح النووي.