إخوان تونس يعزفون على وتر الوطنية وسط عزوف شعبي.. ورسائل صارمة من الرئيس سعيد
قال المحلل السياسي التونسي نزار جليد، في تصريحات لـ السياق، إن تنظيم الإخوان لا يؤمن بفكرة الدولة والوطن والمجتمع، مشيرًا إلى أنهم يؤمنون فقط بقسم وتركة الإخوان، وكيفية امتصاص القلوب والجيوب.

السياق (خاص)
فيما يحتفي التونسيون بذكرى جلاء آخر جندي فرنسي من أراضيهم، يحاول تنظيم الإخوان الذي لا يعترف بها ولا بالحدود وطنًا استغلال هذه المناسبة، للانقلاب على المكتسبات التي حققها التونسيون طيلة الفترة الماضية.
ويحتفي التونسيون في يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، بذكرى الجلاء، وهو تاريخ جلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي التونسية عام 1963.
تلك المحاولات والتي باءت بالفشل على مدار العام ونصف العام الماضيين، يسعى تنظيم الإخوان لتكرارها اليوم السبت، من خلال احتجاجات دعا إليها مبكرًا؛ أملًا في حشد مؤيديه.
فشل متكرر
وفيما فشلت الاحتجاجات المتكررة خلال الفترة الماضية، استبقت حركة النهضة هذه التظاهرات بعقد اجتماع عن بُعْد مساء الجمعة، ادَّعت في مخرجاته، أنها «منشغلة» بأزمات توفير المواد الغذائية الأساسيّة والمحروقات وما وصفته من «معاناة» يلاقيها التونسيون في سبيل الحصول على احتياجاتهم الأساسيّة.
وفي محاولة لحشد بعض التونسيين، حاولت اللعب على أوتار الأزمة الاقتصادية للبلد الإفريقي والتي كانت السبب الرئيس فيها، بسياساتها طيلة «العشرية السوداء»، قائلة إن الارتفاع المتواصل في الأسعار دون ضابط من المؤسسات المعنية، يأتي «نتيجة الارتجال في التعاطي مع مشاكل حقيقية وضرب سلاسل الإنتاج والتخزين والتوزيع».
كما لعبت الحركة على وتر الهجرة غير الشرعية والتي كانت أول من فتح الباب على مصراعيه أمام التونسيين للسفر إلى بؤر القتال، فقالت إنها تشارك مواطني مدينة جرجيس وعموم التونسيين أحزانهم إثر فقدان 18 مواطنًا، معتبرة الحادث «كارثة» تستدعي تضامن كلّ التونسيين وتسخير الدولة لكل إمكاناتها من أجل العثور على جثث المفقودين والتحقق من هوياتهم.
وإلى المعلمين الذين لم يغيبوا لحظة عن فكر حركة النهضة، لإدراكها أهميتهم في أي حراك، فقالت إنها تساند المطالب المشروعة للأساتذة والمعلمين وأصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل المعنيين بالقانون 38، مطالبة بضرورة تسوية أوضاعهم.
وحاولت ضرب خطط الدولة التونسية نحو المستقبل، فدعت لمقاطعة الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل، زاعمة أن القانون الانتخابي لا يستند إلى القواعد الديمقراطية ويفتح الباب أمام الجهويات.
عزوف شعبي
إلا أن كل المبررات ومحاولات الخداع التي ساقتها في بيانها الافتراضي، لم يلق آذانًا صاغية من التونسيين، فبدت الاحتجاجات التي انطلقت في وقت سابق اليوم، ضعيفة في حشدها، هزيلة في مؤيديها، لتنكشف حقيقة جديدة، مفادها أن قناع الإخوان الزائف سقط.
وبحسب مقاطع فيديو، نشرتها حركة النهضة عبر حساباتها الرسمية، فإن المسيرة الوطنية التي انطلقت في وقت سابق اليوم من ساحة العملة عبر نهج الحبيب ثامر ساحة الاستقلال، لم تجد الحشد الكافي.
وفي محاولة جديدة لكسب تأييد أكبر، نسي المحتجون المطالب التي خرجوا من أجلها ورفعوا شعار القضية الفلسطينية، والتي تعد ورقة اليانصيب التي يجيد تنظيم الإخوان اللعب على أوتارها.
رسائل صارمة
إلا أن تلك الاحتجاجات استبقها الرئيس التونسي قيس سعيد، بكلمات بثت رسائل طمأنة للتونسيين، وألجمت الادعاءات الإخوانية، التي حاولت القفز على «أوجاع» التونسيين.
وتعهد الرئيس قيس سعيد خلال إشرافه على موكب إحياء الذكرى الـ59 لعيد الجلاء في بنزرت، اليوم السبت، بمواصلة العمل بنفس الوتيرة.
وقال الرئيس التونسي: «اليد في اليد سنعيد المجد إلى تونس»، مضيفًا: «سننقذ الدولة التونسية والشعب التونسي من براثن هؤلاء الذين يعبثون ويحاولون العبث بمقدرات الشعب التونسي». وتابع سعيد: إذا عهدنا فننجز... لن نقبل إلا بالنجاح والنصر (..) لن ننسى الشهداء»
وحول وفاة 18 تونسيًا غرقًا، قال الرئيس سعيد، إن الواجب يقتضي البحث عن الأسباب التي تجعل حتى الأطفال يفكرون في الإلقاء بأنفسهم في عرض البحر في زوارق صارت تُعرف بزوارق الموت.
لا عودة للخلف
وإلى ذلك، قال المحلل السياسي التونسي نزار جليد، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان لا يؤمن بفكرة الدولة والوطن والمجتمع، مشيرًا إلى أنهم يؤمنون فقط بقسم وتركة الإخوان، وكيفية امتصاص القلوب والجيوب.
وأوضح المحلل التونسي، أن تنظيم الإخوان اختار هذا اليوم للتظاهر، لرمزيته لدى التونسيين، في محاولة أخيرة لاستمالة الشعب للعودة إلى ما قبل 2021، إلا أن تونس لن تعود إلى الخلف أبدًا، رغم الأزمات التي يعاني منها التونسيون.
وأشار إلى أن التونسيين لن يرضخوا ولن يعودوا للوراء، حتى إذا حاول تنظيم الإخوان استغلال الأزمة الحالية لجلبهم إلى صفوفهم، مؤكدًا أن الرئيس التونسي هو الضامن الوحيد للتونسيين.
معارك الفساد
وأكد المحلل التونسي، أن الرئيس يواجه الآن معارك الفساد في التزكيات الانتخابية ومعارك الرشاوي ومعارك دفع الأموال.
وحول رفع تنظيم الإخوان شعار القضية الفلسطينية في الاحتجاجات، قال المحلل التونسي، إن القضية الفلسطينية مزاد علني يتلاعب به التنظيم الإخواني بمشاعر الآخرين، مشيرًا إلى أن وضع المواطن التونسي أكثر ضراوة الآن من الفلسطيني.
وأشار إلى أن فلسطين هي قضية إنسانية عربية، لكن أن تدخل التجاذب السياسي من قبل الإخوان، يطرح تساؤلًا: ماذا فعل تنظيم الإخوان لنصرة القضية الفلسطينية؟!
وأكَّد أن قانون الانتخابات الذي أصدره الرئيس التونسي الشهر الماضي، جاء لحماية المرحلة المقبلة، وإزالة التشويه الذي شاب قانون 2014، مشيرًا إلى أن القانون الجديد يعتمد على التمثيل الجهوي لمزيد من القرب من القواعد الشعبية.