لحفظ حقوق الزوجة العاملة.. الأزهر يطالب بإحياء العمل بفتوى الكد والسعاية
ترجع فتوى حق الكد والسعاية إلى الفقيه المغربي ابن عرضون، التي أفتى بها في القرن السادس عشر الميلادي، ونصت وقتها على أن المرأة التي تخرج مع زوجها إلى العمل بالحقول، يكون لها نِصف ثروة زوجها، ثم يكون النصف الآخر للميراث.

السياق
حالة من الرضا العام شهدتها الأوساط المصرية، عقب دعوة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، إلى إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" من التراث الإسلامي، لحفظ حقوق المرأة العاملة، التي بذلت جهدًا في تنمية ثروة زوجها.
الدعوة التي جاءت على هامش لقاء شيخ الأزهر الثلاثاء، الشيخ عبداللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، بمقر مشيخة الأزهر في القاهرة، لقيت ترحيبًا كبيرًا خاصة من المؤسسات المصرية التي تعنى بحقوق المرأة.
وعبر "فيسبوك" وجهت الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، الشكر إلى شيخ الأزهر لتأكيده ضرورة إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" بما يحفظ حقوق المرأة العاملة، التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها، خاصة في ظل المستجدات العصرية، التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة.
في إطار التجديد
بدوره، قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق والمشرف على الفتوى بالأزهر الشريف، لـ"السياق": إن الأزهر أحيى فتوى "الكد والسعاية" خلال توصيات مؤتمره الدولي للتجديد عام 2019، ونص خلالها على أن المتسبب في تنمية الثروة يجب أن يحتفظ بحقه فيها.
وأضاف شومان، أن المرأة العاملة التي تعمل مع زوجها في الخارج، قد تحصل على دخل مادي أكثر من الزوج، وبذلك من الظلم البين أن تختلط هذه الأموال بأموال الزوج، وتذوب هذه الثروة وفي النهاية لا يكون لها حقها في الميراث، لا سيما أنها قد تسببت بشكل كبير في زيادته.
وتابع: "لها أن تحتفظ بحقها في الأموال التي أسهمت بها في أموال الزوج واختلطت به، وإن أمكن معرفة هذه الأموال فلها أن تحتفظ بها، أو يتم تقديرها من خلال أهل الخبرة، ويكون للمرأة هذا المال كاملًا، لا علاقة له بحقها في ميراث الزوج".
ولفت المشرف العام على الفتوى بالأزهر، إلى أن هذه الفتوى عامة، أي يتم تطبيقها في حق كل من عمل على زيادة الثروة، فمن عمل مع أبيه في التجارة، من حقه أن يستفيد من هذه الجهود، من دون بقية إخوته الذين لم يعملوا، مشيراً إلى مكاسب كبيرة تحققت للمرأة، وهي من النتائج التجديدية والفهم الصحيح للدين الإسلامي ولأحكامه.
وقال شومان: يجب إعمال هذه الأمور، فهي لا تحتاج إلى اختلاف ولا بحث ولا دراسة، وإنما هي واضحة، فالإسلام كرَّم المرأة وجعل لها ذمة منفصلة عن الزوج وعن الأب أو الأبناء أو أي أحد، وبذلك من حقها أن تستفيد بكدها وسعيها، وهي حرة التصرف في هذه الأموال.
وترجع فتوى "حق الكد والسعاية" إلى الفقيه المغربي ابن عرضون، التي أفتى بها في القرن السادس عشر الميلادي، ونصت وقتها على أن المرأة التي تخرج مع زوجها إلى العمل بالحقول، يكون لها نِصف ثروة زوجها، ثم يكون النصف الآخر للميراث.
وسبق أن تحدث شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، عن فتوى ابن عرضون، في إحدى حلقات برنامجه الرمضاني "حديث شيخ الأزهر" عام 2019، لافتًا إلى أن كثيًرا من أحكامنا التي يفتى بها من دور الإفتاء ومن المجامع الفقهية، غريبة عن الواقع، لأن الواقع غير جاهز وغير حاضر على مائدة البحث وعلى مائدة الفتوى.
لا تنقض الفرائض
ووفق المؤرخين، لقيت فتوى "حق الكد والسعاية" معارضة الفقهاء المعاصرين لابن عرضون، وعدوها "فتوى شاذة" لما فرضه الله سبحانه وتعالى في أحكام الميراث، إلا أن الشيخ صالح عامر الأزهري، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، قال في تصريح لـ"السياق" إن المراد هنا ليس تقسيم الثروة ونقض الفرائض وأحكام الإرث، ولكن يعني أن كل من أسهم في زيادة الثروة يأخذ نصيبه حسب جهده وعمله، وما بقي فهو لجميع الورثة، وهو ما يدخل في شرط الفقه من تصفية التركة قبل القسمة، من زكاة وديون ومصاريف دفن ووصية وهكذا.
وأوضح الأزهري أن هناك حالات كثيرة لنساء عاملات أو أبناء شاركوا في تنمية وزيادة ثروة آبائهم، ولم يعملوا في أي عمل آخر، واختلطت الأموال، لذا كانوا يشعرون بضيق كبير عند تقسيم الميراث ومساواتهم مع باقي الورثة، ما يؤدي إلى احتقان كبير بين الإخوة أو بين الأم وأبنائها، لذا جاءت ضرورة إحياء فتوى "الكد والسعاية"، لافتًا إلى أهمية المجالس العرفية ولجان الفتوى في العمل على الترضية بين الورثة.
وينتظر الشارع المصري، أن تصدر الجهات التشريعية المنوط بها تلك الأمور، ممثلة في مجلس النواب، تشريعًا يعيد العمل بـ "الكد والسعاية".