ما شكل العلاقة بين حماس وحزب الله؟

تحدثت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عما وصفته بالتنسيق بين ما تعرف بأنها حركات المقاومة في فلسطين ولبنان، الذي لا يزال يأخذ حيزاً مهماً من متابعة الخبراء العسكريين.

ما شكل العلاقة بين حماس وحزب الله؟

ترجمات – السياق

تحدثت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عما وصفته بالتنسيق بين ما تعرف بأنها حركات المقاومة في فلسطين ولبنان، الذي لا يزال يأخذ حيزاً مهماً من متابعة الخبراء العسكريين.

ذلك التنسيق بين حركتي حماس وحزب الله، جعل المراقبين يختلفون في تفسير الطريقة المتبعة للتواصل، سواء كان ذلك بشكل افتراضي، أم أن هناك مركزًا فعليًا تعمل من خلاله الحركتان لمواجهة  إسرائيل.

 

مركز الأعصاب

وفي مقال بـ «فورين بوليسي»، تناول نائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر، موضوع التعاون والتنسيق الاستخباراتي بين حزب الله وحماس، مركزاً على ما وصفه بمركز عصب لهذا التنسيق.

ويقول شانزر، إنه بأعقاب حرب غزة في مايو 2021 بين إسرائيل وحماس، أشارت تقارير إلى أن إيران ساعدت المجموعة «الإرهابية» على النشاط، من مركز العصب أو من غرفة عمليات مشتركة في لبنان.

وبينما أكد أن التقارير المتعلقة بهذا المركز العصبي نادرة، أشار إلى أن ما هو معروف عن ذلك المركز أنه مصدر قلق كبير، لا سيما إذا كان الهدف منع الصراع في الشرق الأوسط.

وأكد قادة حزب الله تشغيل المركز العصبي عبر شبكة الميادين اللبنانية الموالية لحزب الله، بينما زعم نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أن المركز العصبي يوفر «معلومات استخباراتية حساسة ومؤثرة».

الأمر نفسه أكده الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي قال إن حماس تلقت معلومات استخباراتية من خلال هذا الهيكل، بحسب شانزر.

ويقول كاتب المقال في «فورين بوليسي»، إن ممثلًا لوكالة استخبارات عربية أخبره في يوليو بأنه يعتقد أن هذا المركز افتراضي، وليس له موقع.

ومع ذلك، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن هناك موقعًا فعليًا في بيروت، ما من شأنه أن يؤكد ادعاء الصحفي إبراهيم الأمين بأن قائد فيلق قوة القدس بالحرس الثوري إسماعيل قاآني زار المركز مرتين، خلال قتال العام الماضي في غزة.

 

توقيت التأسيس

وبحسب كاتب المقال في «فورين بوليسي»، فإن تأسيس مركز الأعصاب يعود إلى عام 2019، بحسب الأمين الذي يرأس تحرير صحيفة الأخبار اللبنانية اليومية، المرتبطة بجماعة حزب الله اللبنانية.

وُلد المشروع بسبب حاجة إيران المتصورة للتنسيق بين الفصائل في «محور المقاومة»، لإحباط الخطط العسكرية الإسرائيلية للصراع، و من المرجح أن تفعيل المركز العصبي لم يحدث حتى حرب غزة 2021.

وبحسب موقع المنار المملوك لحزب الله، فإن المركز العصبي يضم ممثلين للحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، وحماس، بينما تزعم بعض المصادر، مثل وكالة سما للأنباء الفلسطينية، أن ما يصل إلى 12 فصيلًا فلسطينيًا -بما في ذلك الجماعات المنشقة عن فتح وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين- تشارك أيضًا.

فعلى الأقل، تحافظ الجماعات الفلسطينية على الاتصالات، كما أكد محمد السنوار، عضو كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- وشقيق زعيم حماس المقيم في غزة يحيى السنوار.

 

أهداف رئيسة

يقول نائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر، إنه لا دليل يشير إلى أن هذا المركز يحافظ على عمليات مستمرة، من المحتمل أن تكون نشطة خلال أوقات التصعيد وكامنة خلال فترات الهدوء.

وفي فترات الهدوء تلك، يمتلك حزب الله مكتبًا للشؤون الفلسطينية يتعامل بشكل روتيني مع الجماعات المسلحة، بحسب جوناثان شانزر الذي قال إنه استنادًا إلى المعلومات المتاحة، يبدو أن هدف المركز العصبي مشاركة المعلومات الاستخبارية.

وعلى وجه التحديد، يزود مركز الأعصاب حماس بالمخابرات الجوية المستمدة من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ربما من خلال طائرات الاستطلاع من دون طيار المرسلة من لبنان وسوريا، التي استهدفت الدفاعات الجوية الإسرائيلية العديد منها في السنوات الأخيرة، بحسب تقارير إخبارية.

ويقول جوناثان شانزر إن أحد محاور جهود الاستطلاع هذه هو رسم خرائط لتحركات القوات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أنه ربما يكون ذلك قد ساعد حماس في تجنُّب كمين نصبه الجيش الإسرائيلي لشبكة الأنفاق التابعة للحركة في حرب عام 2021، بينما تؤكد التقارير أن مركز الأعصاب زود حماس بقدرات أفضل لإجراء «عمليات اختراق حساسة» ضد إسرائيل.

وهو ما أشار إليه حسن نصر الله، قائلًا إن المعلومات التي حصلنا عليها قُدمت للفلسطينيين، من خلال غرفة العمليات المشتركة.

ويقول شانزر، إنه بينما اعترف السنوار بهذه التدفقات الاستخبارية، أكدت «الأخبار» اللبنانية أن «الإعلام والتنسيق أنقذا المحور بأكمله، وفي مقدمته غزة، من كابوس كبير إذا نجحت خطط إسرائيل».

 

التباهي بالإنجازات

وأضاف كاتب المقال: «هذا النوع من التبجح العلني من إيران ووكلائها أصبح شائعًا إلى حد ما في السنوات الأخيرة، فالتباهي بإنجازات المركز المفترضة في العلن -على الأرجح- جزء من عمليات حزب الله النفسية».

وبحسب شانزر، قد تكون للمركز العصبي وظائف أخرى تتعلق بوكلاء طهران في المنطقة، فعلى سبيل المثال، ربما تكون إيران قد ساعدت في نقل أسلحة أو مواد إلى غزة خلال نزاع 2021، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين قابلهم العام الماضي.

وربما يكون المركز قد سهّل أيضًا سفر عدد من قادة حماس إلى لبنان، وفقًا لمنظمة ألما الإسرائيلية غير الحكومية، التي تتابع أنشطة حزب الله، مشيرة إلى أن المركز العصبي ساعد في تنسيق اللغة التي استخدمتها الفصائل المدعومة من إيران في وسائل الإعلام أثناء الحرب.

ويقول كاتب المقال، إن حقيقة أن حماس تتعاون بنشاط مع إيران وحزب الله مهمة، فقبل عقد من الزمان، غادر قادة حماس سوريا احتجاجًا على سنوات من التعاون الوثيق، بسبب الحملة العسكرية المدعومة من إيران ضد المقاتلين السُّنة والفلسطينيين في الحرب الأهلية السورية.

وبحسب ما ورد، فإن التقارب بدأ عام 2017، عندما أجرى مسؤولو حزب الله محادثات مع كبار مسؤولي حماس وسط تقارير عن استئناف التمويل الإيراني للحركة.

 

تطورات ملحوظة

وقاد زعيم حماس صالح العاروري وفودًا من حماس إلى إيران ولبنان عام 2017، واتهمت البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة العاروري، عام 2018، بالتعاون مع إيران وحزب الله لإنشاء منشآت لإطلاق الصواريخ في لبنان بهدف جذب إسرائيل في صراع على جبهتين، مع هجمات من غزة ولبنان في المستقبل.

ومنذ ذلك الحين، حققت حماس تطورات ملحوظة في قدرات المراقبة والتكنولوجيا، كما بدأت إنتاج الصواريخ والطائرات من دون طيار بمساعدة حزب الله.

ويقول شانزر، إن إنشاء المركز العصبي محاولة للبناء على هذا النشاط، مشيرًا إلى أنه يتناسب مع الاستراتيجية الإيرانية الشاملة المتمثلة في تنمية الوكلاء، ثم السعي لتعزيز السيطرة عليهم.

وأكد أن سبب وجود الحرس الثوري الإيراني "فيلق القدس" هو تصدير الثورة الإيرانية بهذه الطريقة، ورغم أن حماس تنفي أنها وكيل إيراني، فإنه ليس هناك من ينكر أن حماس تلقت باستمرار مساعدة مالية وعسكرية وتكنولوجية كبيرة من طهران، منذ تأسيسها أواخر الثمانينيات.

وختم كاتب المقال بأن هناك الكثير مما يجب استخلاصه من هذا المركز العصبي، لكن التنسيق بين إيران ووكلائها واضح، بينما باتت غير واضحة الآن الخطط المحددة للمركز.

ومنذ حرب لبنان عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، تجنب الإسرائيليون الصراع المتجدد في لبنان، خوفًا من إطلاق العنان للفوضى وسط الانهيار الاقتصادي والسياسي للبلاد.

إلا أنه بين ترسانة حزب الله الحالية التي لا تقل عن 150 ألف صاروخ، وتراكمه للذخائر المميتة الموجهة بدقة، والأدلة المتزايدة على وجود مركز اندماج تديره إيران، ينسق النشاط العسكري ضد إسرائيل، يبدو أن الصدام لا مفر منه على نحو متزايد.