الغارديان: القدرة العسكرية الروسية ضعيفة الأداء مفتاحًا لسقوطها
على الرغم من أن هزيمة الجيش الروسي ستستغرق وقتًا وقتالًا مريراً، لكن لفهم السبب، من الضروري فحص القوة بما يتجاوز معداتها وأفرادها

السياق
رأت صحيفة الغارديان البريطانية، أن ما سمته "القدرة العسكرية الروسية ضعيفة الأداء" قد يكون مفتاحا لسقوطها، مشيرة إلى أنه على الرغم من تفوق القوة العسكرية الروسية، الا انها فشلت في إثبات إمكاناتها، حيث تواجه معركة مُحبطة لاستعادة السيطرة على أوكرانيا.
وأشارت في تحليل للخبير العسكري الدكتور جاك واتلينغ، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إلى أنه بالنظر إلى حجم تشكيلاتها ومعداتها، لا تزال القوات البرية الروسية في أوكرانيا تُشكل تهديدًا خطيرًا على عدد من المحاور، لكن من الناحية العملية، من المستبعد جداً أن يتمكن الجيش الروسي من التعافي من مساره النهائي المتزايد في ساحة المعركة.
وبينّت أنه على الرغم من أن هزيمة الجيش الروسي ستستغرق وقتًا وقتالًا مريراً، لكن لفهم السبب، من الضروري فحص القوة بما يتجاوز معداتها وأفرادها.
تقييم أميركي
وأفادت الغارديان، بأن الولايات المتحدة تستخدم الاختصار "DOTMLPF" -والذي يقوم على أساس العقيدة والتنظيم والتدريب والعتاد والقيادة والتعليم والأفراد والمرافق- في تقييم القدرة العسكرية، مشيرة إلى أن محاولة كبار الضباط الأميركيين استخدام هذه العناصر في تقييم الجيش الروسي قد يجسد سخافة عسكرية، إلا أنه من الممكن الاستفادة من هذا التقييم على الأرض في مستقبل الحرب الدائرة في أوكرانيا حالياً.
وأشارت إلى أنه من خلال تطبيق هذه العناصر على أداء الجيش الروسي في أوكرانيا، سيتم الكشف عن سبب ضعف أدائه وكفاحه الشديد من أجل التجديد.
وحول نقاط القوة الروسية من خلال العناصر السابقة، بينّت الصحيفة إلى أن "العقيدة الروسية" - أي كيف يجب أن يقاتل الجيش - واضحة ودقيقة، إذ أنه غالباً ما تتقدم العقيدة الروسية كثيرًا على النظرية العسكرية الغربية.
واعتبرت أن هذا الأمر يخلق تحديًا منهجيًا للتقييمات الاستخباراتية للعمليات الروسية، لأنه إذا تم تنفيذها على النحو الموصوف في الأوامر العسكرية العليا، فغالبًا ما يكون الاستنتاج هو أنها ستنجح، ومع ذلك، نادرًا ما تتطابق الممارسة مع النظرية.
ورأت الصحيفة البريطانية، أن العتاد الروسي بشكل عام مصمم بشكل جيد ومناسب بشكل استثنائي.
واستشهدت بُمسيرة "أورلان 10"، وهي الطائرة الأولى بدون طيار التي تطلقها القوات الروسية، مشيرة إلى أنها رخيصة الثمن وسهلة التشغيل، ولكن نظراً لأنها تطير على ارتفاع كبير جدًا بحيث لا يمكن استهدافها بواسطة الدفاعات الجوية قصيرة المدى، فقد تم تصميمها لتكون بعيدة عن الاستهداف، مع إعطاء مُشغليها رؤية كافية لساحة المعركة لتحديد الأهداف.
وبينّت الصحيفة، أن ضعف العتاد الروسي يميل إلى أنه غير مرن - مصمم لأداء مهمة واحدة محددة بشكل جيد - كما أن الأجيال المتعددة من الأنظمة المستخدمة في وقت واحد تجعل الصيانة صعبة، لافتة إلى أن هذه المشكلة تفاقمت على نطاق واسع في أوكرانيا، حيث يسحب الروس المزيد من هذه المعدات من المخازن لتعويض الخسائر.
المنشآت الروسية
أيضاً -تضيف الغارديان- يستفيد الجيش الروسي من منشآته المتعددة، إذ يمتلك الروس شبكة سكك حديدية فعالة ومُحسَّنة لحركة المعدات القتالية، بالإضافة إلى العديد من المصانع لإنتاج الذخائر، كما أن الوصول إلى معظم المواد الخام الضرورية ليس صعبًا.
وأشارت إلى أنه بينما يسعى الغرب إلى تحقيق الكفاءة على حساب المرونة، لا يزال لدى الروس طاقة فائضة في خطوط إنتاجهم، لكن هذا الأمر- الوفرة في الإنتاج- لا ينطبق على الأسلحة الدقيقة، نظرًا لأن روسيا تفتقر إلى صناعة الإلكترونيات الدقيقة المتقدمة وبالتالي يجب عليها استيراد المكونات الأساسية.
ومع ذلك -حسب الصحيفة-، فإن نقاط القوة هذه لا تعوض عن أوجه القصور الكبيرة في الجيش الروسي، إذ أنه تم تصميم الجيش الروسي لخوض حروب قصيرة وشديدة الحدة، بينما تفتقر وحداته إلى التمكين اللوجستي، ومعداته غير مناسبة لخوض حرب طويلة الأمد.
وبينّت أنه عندما أصدر الجيش الروسي أوامره لقواته في خريف 2021، احتاج إلى نحو تسعة أشهر لإعادة الانتشار، بينما على النقيض من ذلك، ينظم الأوكرانيون جيشهم منذ عام 2014 لهذا النوع من الحرب -طويلة الأمد- على وجه التحديد.
القيادة والتعليم
أيضًا -حسب الغارديان- تعتبر القيادة والتعليم من أكبر أوجه القصور في الجيش الروسي، لافتة إلى ما سمتها "ثقافة القيادة الدكتاتورية" التي تفرض الخوف على الجميع هي التي تسود الآن.
واتهمت الصحيفة، الكرملين بأنه يشجع الفساد هيكليًا بحيث تتعرض السلطات المدنية للتهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضد القادة العسكريين، مضيفة: "لقد خلق الخوف من العقاب جيشاً ينفذ فيه الجنود بإصرار الأوامر حتى لو لم تعد منطقية".
على سبيل المثال -حسب الصحيفة-، تقوم وحدات المدفعية الروسية بشكل روتيني بتحديد الأهداف من خلال الترتيب الذي يتلقون فيه مهام إطلاق النار، دون تحديد أولويات سياقية، لافتة إلى أنه "حتى عندما تشير معلومات استخبارية جديدة إلى أن هدفًا ما قد تحرك، غالبًا ما تشتبك الوحدات الروسية مع الموقع السابق ثم الجديد، مما يمنح الوقت المستهدف للتحرك مرة أخرى".
وأشارت الصحيفة، إلى أن القيادة الضعيفة تعني أيضاً أن روسيا لديها مشاكل خطيرة مع أفرادها، إذ أن هناك مسار وظيفي محدود للجنود على المدى الطويل، وهذا يؤدي إلى مشاكل في الاستبقاء التي تسببت في استمرار الجيش الروسي في الاعتماد على التجنيد الإلزامي.
وبينّت أنه مع شيخوخة السكان السريعة، تفتقر روسيا إلى المجندين الشباب، لافتة إلى أن المستوى المعيشي المتدني في معظم أنحاء البلاد ينتج عنه قوات غير متآلفة مع الكثير من التقنيات الحديثة.
علاوة على ذلك -حسب الصحيفة-، فإنه في غياب أي أيديولوجية واضحة أو قيادة قوية في الوحدات، تكون القوات غير محفزة إلى حد كبير، ولا تعمل بشكل فعّال كفرق وغير مستعدة للمخاطرة بحياتها من أجل بعضها البعض، لذلك افتقرت المشاة الروسية إلى القوة القتالية الهجومية.
وشددت الصحيفة على أن هذه المشاكل تفاقمت مع تزايد أعداد الضحايا في أوكرانيا، وهو ما منح كييف سيطرة ومزايا واضحة خلال الأيام الأخيرة من الحرب الدائرة منذ فبراير الماضي.
واعتبرت أن "التدريب" ربما يكون أحد أكبر نقاط الضعف في النظام العسكري في البلاد، مشيرة إلى أنه رغم أن روسيا لديها ما لا يقل عن 317 طائرة مقاتلة منتشرة في مسرح العمليات، إلا أن عدد الطيارين المتدربين جيدًا لا يزيد عن 100.
وفيما يخص "المعدات" فإنه على الرغم من تفوق معداتها على أوكرانيا في بداية الصراع، إلا أن أداء روسيا كان ضعيفًا بشكل ملحوظ مقابل إمكاناتها.
علاوة على ذلك -حسب الصحيفة-، فإن نقاط الضعف المؤسسية تجعل الجيش الروسي أقل قدرة على التكيف، مشيرة إلى أنه بعد أن أصبح عدد القوات الروسية أقل على الأرض، وأخذت معداتها في التدهور، فإن آفاق الكرملين نحو تحقيق نصر كبير في أوكرانيا، تتضاءل بسرعة.