احتجزت نائبه.. الغنوشي أمام النيابة للتحقيق في جرائم إرهابية
أجلت الشرطة التحقيق مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى منتصف نهار اليوم الثلاثاء بعد الانتظار نحو 14 ساعة يوم الاثنين داخل ثكنة بوشوشة.

السياق
فصل جديد بدأته تونس مع القرارات الاستثنائية، التي أصدرها الرئيس قيس سعيد في يوليو 2021، التي وضعت البلد الإفريقي على طريق التخلص من تنظيم الإخوان، الذي جثم على صدره طوال عشرية من الزمان.
تلك العشرية التي كانت تونس فيها عنوانا للإرهاب، بتصديرها آلاف المقاتلين إلى مناطق التوتر، وبات البلد الإفريقي على طريق التخلص من آثارها، بتقديم قيادات تلك الفترة إلى المحاكمة، بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، والقيادي في الحركة علي العريض للاستجواب في تحقيق عن "إرسال إرهابيين إلى سوريا".
إلى ذلك، قال محام إن شرطة مكافحة الإرهاب في تونس قررت احتجاز رئيس الوزراء السابق والقيادي بحركة النهضة علي العريض لمدة يوم بعد ساعات من التحقيق معه بشبهة تسفير جهاديين إلى سوريا.
وفي نفس القضية، أجلت الشرطة التحقيق مع رئيس النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي إلى منتصف نهار اليوم الثلاثاء بعد الانتظار نحو 14 ساعة يوم الاثنين داخل ثكنة بوشوشة.
وقال المحامي مختار الجماعي إن العريض سيمثل أمام قاض بقطب مكافحة الإرهاب غداً الأربعاء.
ويواجه الغنوشي (81 عاماً) الذي كان رئيساً للبرلمان المنحل تحقيقاً في اتهامات تتعلق بالإرهاب، ودوراً في تسفير متشددين إلى سوريا والعراق، وهي اتهامات ينفيها حزبه واصفاً إياها بالهجوم السياسي على خصوم الرئيس قيس سعيد.
وتجمع عشرات المتظاهرين بينهم محامون ونشطاء سياسيون أمام قسم شرطة بوشوشة بالعاصمة احتجاجاً على استجواب الغنوشي الذي ندد بسيطرة الرئيس قيس سعيد على سلطات واسعة وحله البرلمان.
وبعد نحو خمس ساعات من وصول نائب حركة "النهضة" علي العريض إلى ثكنة بوشوشة بدأ المحققون في استجوابه وفقاً لما ذكره المحامون، وقال المحامي رضا بلحاج لـ "رويترز" إن "كل ساعات الانتظار هي محاولة واضحة للتنكيل، ثم إن الملف فارغ وبلا أدلة".
ولم تدل السلطات التونسية بأي بيان عن سبب استدعاء الغنوشي والعريض.
وألقت السلطات الشهر الماضي القبض على عدد من المسؤولين الأمنيين السابقين وعضوين من حركة "النهضة" بتهم تتعلق بسفر تونسيين متشددين إلى سوريا، وحبس محمد فريخة وهو قيادي سابق في "النهضة" وصاحب شركة طيران خاصة، فيما أصبح يعرف في تونس بقضية "تسفير المتشددين إلى سوريا".
وقدرت مصادر أمنية ورسمية في السنوات الماضية أن نحو 6 آلاف تونسي توجهوا إلى سوريا والعراق خلال العقد الماضي للانضمام إلى الجماعات المتشددة، ومنها تنظيم "داعش"، وقتل كثيرون هناك بينما فر آخرون الى بلدان أخرى وعاد بعضهم الآخر إلى تونس.
قبضة الإخوان
من جانبه، قال المحلل السياسي التوسني نزار جليد، في تصريحات لـ«السياق»، إن تونس الجديدة، بعد تحرر القضاء فيها من قبضة الإخوان، لم تعد تدار بمنطق التشفي أو تكوين الملفات القضائية وتلفيق القضايا لخصوم الإخوان ومن والاهم.
وأوضح المحلل السياسي، أن القضاء اليوم في تونس يعمل وفق المصلحة الوطنية، مشيرًا إلى أنه في تناغم مع رئاسة الجمهورية ونظرتها للأمن القومي، الذي اختُـرق في العشرية الأخيرة بخيار إخواني، عبر الاصطفاف في محاور إقليمية مشبوهة، أقرب للتخابر منها إلى الأحلاف التقليدية.
وأشار إلى أن ملف التسفير إلى مناطق النزاع في سوريا والعراق و ليبيا واليمن، يعد «المسمار السام» الذي دقه الإخوان بتعليمات مباشرة من قيادة التنظيم، مؤكدًا أن هذا الملف وسم تونس بالإرهاب والتشدد، ليجعلها تحتل المرتبة الأولى بالنظر لعدد السكان في تصدير المقاتلين، بتسهيلات وإغراءات كبيرة من تنظيم الإخوان (سهولة في توفير جوازات السفر ورحلات مجانية عبر تركيا في اتجاه سوريا والعراق وأموال تصرف للمقاتلين وعائلاتهم...).
كبش فداء
ومنذ عام 2012 حاول عدد من النواب إثارة هذا الملف وإحالته للقضاء، كما تم تشكيل لجنة برلمانية عام 2017 أفشلها الإخوان، بحسب المحلل السياسي، الذي قال إن التنظيم جمد الملفات القضائية التي تدين كبار قادة الإخوان وتم فقط تقديم كبشي فداء من غير الضالعين الرئيسين، الآن يقبعان في السجون ويدفعان الثمن بدل «المجرمين الحقيقيين».
وأشار إلى أنه تمت إثارة هذا الملف من جديد، بعد إسقاط الإخوان وإنزالهم من على سدة الحكم، مؤكدًا أن المسار القضائي يسير بسرعة قصوى، حيث تم استنطاق وإيقاف أكثر من 100 شخص كلهم مقربون أو منتمون للإخوان، وبعضهم قيادات عليا.
وبتقدم الأبحاث، بدأت الدائرة تضيق على القيادات الكبرى للنهضة، المتهمة بإنشاء جهاز أمني سري في تونس، كان المشرف المباشر على عمليات التسفير هذه، بحسب المحلل السياسي الذي قال إن صفحة الإخوان في تونس طُويت، في انتظار طي الكتاب برمته، بعد مثول رئيس حركة النهضة الإخواني راشد الغنوشي ونائبه وزير الداخلية الأسبق علي العريض أمام جهات التحقيق.
ويقول ملاحظون ومحامون وقضاة إن التهم ثابتة في حق الغنوشي، مشيرين إلى أن جرائم «فظيعة» ارتكبت في حق التونسيين بسبب ملف التسفير، مشيرين إلى أن الغنوشي لن يفلت هذه المرة من المحاسبة القضائية، بعدما فقد كل دعم خارجي وداخلي له، ويواجه القضاء بعد تجريده من كل نفوذ ومن كل ثقل سياسي أو إقليمي.
وبحسب المحلل السياسي التونسي نزار جليدي، فإن شيخ الإخوان بات يرقص رقصة الديك المذبوح، مؤكدًا أنه بانتهاء رقصته تكون تونس قد طوت صفحة الإخوان والإسلام السياسي.