بعد أنباء تصفية الأمير ونائبه... هل داعش سيناء إلى زوال؟
يرى اللواء شوقي صلاح، الخبير الأمني وعضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة المصرية في تصريحات لـ السياق- أن تكامل المحورين الأمني والتنموي في سيناء، ساعد في دحر الجماعات الإرهابية ومنها داعش.

السياق
شلل أصاب تنظيم داعش الإرهابي في سيناء المصرية، بعدما توالت الضربات القوية عليه من الجيش المصري وقوات القبائل المساندة والداعمة للأجهزة الأمنية، لتصبح سيناء في مرحلة التطهير الأخير من الإرهاب وفلوله.
أنباء غير رسمية تواردت من مصادر موثوقة في سيناء، مفادها تصفية أمير تنظيم داعش أحمد سليمان عودة ونائبه أحمد منيزل بركات.
هذه الأنباء لم يصدر نفي أو تعقيب عليها بشكل رسمي، وهو ما يؤشر إلى أنها تحمل قدرًا من الصحة، خصوصًا مع ما حمله الإصدار الصوتي للمتحدث باسم داعش أبو عمر المهاجر، قبل ساعات، الذي أفتى فيه بكفر الجميع بما فيهم تنظيم القاعدة.
فقد بدأ المهاجر حديثه بامتداح داعش، وأثنى على عمليات الهروب من سجون نيجيريا في يوليو الماضي، والكونغو بأغسطس الماضي، تنفيذًا لتوجيهات قيادة التنظيم الإرهابي المعروفة بـ"هدم الأسوار"، داعيًا الإرهابيين الهاربين إلى العودة والانضمام للتنظيم.
وكشف المتحدث باسم داعش عن استراتيجية التنظيم في إفريقيا، التي ستركز على "ذبح وتهجير المسيحيين"، لبث الرعب في قلوبهم، وزعم أن "العالم الإسلامي ظلم داعش بعدم الانضمام إليهم والدفاع عنهم".
هذه التطورات، تفرض الإجابة على مستقبل التنظيم الإرهابي وسيناريوهات وجوده في سيناء المصرية.
سلفيو غزة
عمرو فاروق الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، يقول لـ"السياق"، إن مستقبل تنظيم داعش في سيناء انتهى بنسبة كبيرة جدًا، إذ إن العمليات العسكرية للجيش المصري في سيناء، التي جاءت بعنوان "العملية الشاملة"، قضت تمامًا على قيادات الصف الاول والثاني والثالث للتنظيم، فضلًا عن إجراءات تجفيف منابع التمويل، التي أثرت في قدرته على التجنيد، خصوصًا من الجنسيات الأجنبية.
وشدد الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية على أن خطر التنظيم مازال قائمًا، ونوه بأن "داعش سيناء" يلقى دعمًا ملحوظًا من "سلفيي غزة"، إذ يمثلون رافدًا أساسيًا وداعمًا لبعض فلول التنظيم أو للأجانب في سيناء.
لكن فاروق أكد أنه يمكن القول إن سيناء خالية تمامًا من التنظيمات والجماعات المتطرفة، وأن ما يحدث من جانبهم مجرد "عمليات خاطفة"، تنفذها مجموعات بسيطة جدًا تأتى وفق استراتيجية حرب العصابات أو حرب المدن.
ولفت إلى أن هذه العمليات تأتى ضمن "استراتيجية الجهاد منخفضة التكاليف"، هدفها دعاية إعلامية للتنظيم، وبث رسالة لبعض دوائر الإسلام السياسي المؤيدة لفكره ومنهجه، ورسائل للممولين له بالخارج، بأنه مازال قادرًا على الحركة والاستمرار.
تعاون القبائل
من جانبها، أكدت مها سالم، الكاتبة والمحللة السياسية والعسكرية في تصريحات لـ"السياق"، أن هذا العام شهد انحسارًا كبيرًا للجماعات المسلحة والتكفيريين في شمال سيناء، خاصة في مثلث رفح الشيخ زويد العريش، الذي كانوا يتخذونه معقلًا لهم خلال الانفلات الأمني الذي أعقب ثورة 2011.
ونوهت إلى أن انحسار تأثير هذه الجماعات على الأرض، بعد القضاء على العقول المدبرة، وقطع خطوط الإمداد التي كان يتم ضخها من الخارج، سواء "اللوجستيات" التي كان يتم رصدها، لاسيما سيارات الدفع الرباعي التي كان يتم تهريبها عبر ليبيا، أو ما كان ينقل بحرًا من حدود مصر في الشمال الشرقي.
وأوضحت أن تباعد وندرة وقوع العمليات الإرهابية، خير دليل علي جهود إنفاذ القانون من القوات المسلحة والشرطة المدنية، في محاصرة معاقل الإرهابيين والخارجيين على القانون.
ونوهت الكاتبة والمحللة السياسية والعسكرية، إلى ثمة عامل إضافي ظهر العام الماضي في محاربة الإرهابيين، تمثل في تعاون القبائل كحائط صد للأفكار التكفيرية، بقناعة من القرى والقبائل.
شراكة مجتمعية
يرى اللواء الدكتور شوقي صلاح، الخبير الأمني وعضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة المصرية -في تصريحات لـ"السياق"- أن تكامل المحورين الأمني والتنموي في سيناء، ساعد في دحر الجماعات الإرهابية ومنها داعش.
وأشار إلى أن انحسار تنظيم داعش الإرهابي في سيناء، سببه الشراكة المجتمعية لمواجهة الجريمة الإرهابية، إذ إن مكافحة الإرهاب وتفكيك تنظيماته يحتاجان لجهود ومواجهات أخرى، في مقدمتها التنمية والمواجهات الفكرية للفكر الديني المتطرف، وكذا الارتقاء بمستوى التعليم ونشر ثقافة مستنيرة في مواجهة الفكر الظلامي، وهو ما يتم تنفيذه على أرض الواقع في سيناء.
ونوه الخبير الأمني إلى أن الحرب ضد داعش في سيناء لم تنتهِ، رغم تراجع عملياته بشكل كبير، وذكر بتصريحات رئيس تركيا لوكالات الأنباء العالمية في 5 نوفمبر 2017، إذ قال: "الإرهابيون الذين غادروا الرقة أُرسلوا إلى مصر".
ونوه إلى أن المعركة مازالت مستمرة مع تنظيم داعش، بسبب استمرار التمويل الخارجي له، رغم انحساره بشكل ملحوظ، وهو ما يتطلب يقظة أمنية، ودمج المسارات الأمنية والتنموية والمجتمعية، لتجفيف منابع "التجنيد" لهذا التنظيم، الذي يستقطبهم بالمال.