هجوم شيراز... تخادم بين إيران وداعش للهروب من احتجاجات مهسا أميني أم اختراق أمني؟

هل اخترق داعش الجدار الأمني في إيران، أم أن الحادث وقع بتسهيلات من الأجهزة الأمنية هناك، لتخفيف الضغوط الداخلية؟

هجوم شيراز... تخادم بين إيران وداعش للهروب من احتجاجات مهسا أميني أم اختراق أمني؟

السياق

«الهجوم على ضريح شيراز لن يمر من دون رد»... كلمات مقتضبة تكررت على لسان قادة ومسؤولين إيرانيين، خلال الأيام الأخيرة، بعد هجوم تبناه تنظيم داعش الإرهابي على ضريح شيراز، الذي أسفر عن قتل وإصابة العشرات.

إلا أن توعد المسؤولين الإيرانيين بالرد على الهجوم، صاحبه اتهام للاحتجاجات في إيران، التي لم تنطفئ جذوتها، بأنها مهدت الطريق للهجوم، بإفساح المجال لـ«مشروع تدمير إيران»، وتحويلها لأفغانستان أو سوريا أو العراق، بحسب بيان رسمي.

وبينما نظمت الحكومة الإيرانية مظاهرات في أنحاء البلاد، للتنديد بإطلاق النار، حاولت من خلال تلك الاحتجاجات، التغطية على التظاهرات العارمة، التي اندلعت في مناطق عدة، تطالب بإسقاط النظام الإيراني.

إلا أن «الجريمة» وفق وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان، «جعلت النيات الآثمة لمروِّجي الإرهاب والعنف في إيران واضحة جلية»، وشكك مراقبون في ما ذهبت إليه التصريحات الرسمية الإيرانية، بل إنهم راحوا يطرحون نظريتي المؤامرة أو التحالف، اللتين يجيد النظام الإيراني استخدامهما.

وبحسب مراقبين، فإن توقيت العملية أثار تساؤلات من قبيل: هل اخترق داعش الجدار الأمني في إيران، أم أن الحادث وقع بتسهيلات من الأجهزة الأمنية هناك، لتخفيف الضغوط الداخلية؟

محاولة هروب

إلى ذلك، قالت الكاتبة والباحثة في الشأن الإيراني ولاء عبد الله أبوستيت، في تصريحات لـ«السياق»، إن إعلان «داعش» الإرهابي، مسؤوليته عن تنفيذ هجوم ضريح شيراز جنوبي إيران، يثير العديد من علامات الاستفهام، عن كيفية وصول التنظيم الإرهابي إلى إيران.

وأوضحت الباحثة في الشأن الإيراني، أن الهجوم المزعوم ما هو إلا محاولة من النظام الإيراني، للافتئات على ما يجري في الشارع منذ وفاة مهسا أميني، بعد أن اشتعلت المدن والمحافظات الإيرانية بالاحتجاجات، التي كان وقودها طلبة الجامعات، بما فيهم جامعة طهران، والكرد الإيرانيون الذين تنتمي لهم مهسا أميني.

وبينما قالت إن ثمة مخاوف أمنية إيرانية من حراك شعبي كردي في مدينة مهاباد، بتظاهرات يتوعدها الحرس الثوري بالعنف، أشارت إلى أن تلك العملية الإرهابية، تعد محاولة للهروب من الضغوط الداخلية، عبر فزاعة تنظيم داعش الإرهابي.

وأكدت الباحثة في الشأن الإيراني، أن تصريح رئيس هيئة الأركان المسلحة الإيرانية، محمد باقري، الذي استخدم فيه لأول مرة كلمة العربي، حينما قال إنه «تم التخطيط للفتنة في إيران وإدارتها بواسطة المثلث المشؤوم العبري العربي الغربي»، يشير إلى أن طهران خططت لاستخدام تنظيم داعش، كممثل للخطر العربي المزعوم، أملًا بتوحيد جبهتها الداخلية.

مشهد مصنوع

الباحث في الشؤون الإيرانية إسلام المنسي وافق الباحثة أبوستيت، مشيرًا إلى أن الهجوم المنسوب إلى تنظيم داعش، يأتي في وقت يعاني في النظام الإيراني أزمة كبيرة، إذا يطالب مواطنون من جميع أنحاء البلاد برحيله.

وبينما قال إن سيناريو داعش والإرهاب هو من صُنع نظام طهران لأنه المستفيد منه لتحفيف الضغوط الداخلية، قال إن التنظيم الإرهابي له ارتباطات قديمة بإيران، فقد سبق أن استخدمته السلطات الإيرانية في قضية الأحواز لتشويه المعارضة هناك، ووصفها بأنها تتبع تنظيم داعش الإرهابي.

وأكد الباحث في الشؤون الإيرانية، أنه ثبت من عمليات وشواهد كثيرة، وجود تنسيق وعلاقة قوية وترابط بين تنظيم داعش الإرهابي وإيران، وأن طهران تستفيد من عمليات هذا التنظيم الإرهابي، كما حدث في العراق وسوريا وغيرها.

وأشار إلى أن المشهد الحالي باستدعاء «داعش»، ربما يكون مصنوعًا لخدمة النظام وتشويه الاحتجاجات، ووصفها بأنها احتجاجات إرهابية، وأن إرهابًا دوليًا بدأ يضرب داخل الأراضي الإيرانية، ما يشرع إجراءات النظام بقمع المحتجين، لأنه يحارب إرهابيين.

عملية نوعية

إلا أن رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، الدكتور محمد محسن أبو النور، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن هذه العلمية لا تعد اختراقًا للجدار الأمني الإيراني من «داعش»، مشيرًا إلى أنها عملية نوعية غير مرتب لها، نفذها مسلح، ما يعني أن إمكانية حدوثها في أي مكان واردة.

وعبَّـر أبو النور عن عدم اعتقاده بأن أجهزة الأمن الإيرانية يمكن أن تلجأ لتسهيل تلك العمليات، خاصة أنها ستضرب سمعة النظام الإيراني أمام الكتل المؤيدة له، في الأوساط الشعبية والأطياف المحافظة، وكذلك الأجنحة الشعبية الأكثر تشددًا، مؤكدًا أن هذا التساهل -إن حدث- سينعكس سلبًا على صورة النظام أمام الشعب.

ولم يغفل رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، ما يعانيه الأمن الإيراني من مشكلات كبرى، كالتنظيم الأمني والتنسيق بين الأجهزة المختلفة، بخلاف مشكلات بنيوية مرتبطة بتضارب المهام والاختصاصات والتراتبية.