السودان.. اتفاق سياسي يعيد حمدوك إلى رئاسة الوزراء

قال قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، إن الاتفاق السياسي، سيضع الأسس الصحيحة لإكمال الفترة الانتقالية بصورة توافقية.

السودان.. اتفاق سياسي يعيد حمدوك إلى رئاسة الوزراء

السياق

اتفاق من 14 نقطة، حسم أشهرًا من الجدل والتظاهرات التي صاحبت قرارات المجلس العسكري في السودان، لتعيد البلاد مجددًا إلى مسار التصحيح الديمقراطي، وتساهم في إخراجه من أزمته السياسية.

ووقَّع رئيس الحكومة عبدالله حمدوك، وقائد الجيش ورئيس المجلس السيادي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وسط حضور نائب رئيس المجلس حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي»، في القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم، اتفاق الإعلان السیاسي، الذي نص على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وبدء حوار بين القوى السياسية لتأسيس المؤتمر الدستوري، فضلاً عن إلغاء قرار قائد الجيش إعفاء رئيس الوزراء.

شراكة حقيقية

 

وقال قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، إن الاتفاق السياسي، سيضع الأسس الصحيحة لإكمال الفترة الانتقالية بصورة توافقية.

وأكد في كلمة عقب التوقيع، أن القوات المسلحة لا تريد إقصاء أحد، بل تسعى لشراكة حقيقية مع كل الفرقاء، معتبرًا أن موقف جميع الأطراف اليوم موحد لوجوب الدفاع عن ثورة ديسمبر.

وقال إن حمدوك سيظل محل ثقة القوات المسلحة، موضحًا أن الاتصال خلال الأزمة لم ينقطع مع رئيس الحكومة، ولفت إلى أن القوى المسلحة ستعمل -بالشراكة مع المكون المدني- على استكمال المسار الديمقراطي الانتقالي، من أجل الوصول إلى انتخابات حرة نزيهة.

وأوضح أن الانسداد حتَّم على القوات الأمنية ضرورة التوقف في مسيرة الانتقال الديمقراطي، وإعادة النظر فيما تم وسيتم في المستقبل، وأضاف: "نعلم حجم التضحيات والتنازلات التي قدِّمت من كل الأطراف لحقن دماء الشعب السوداني".

 

حقن الدماء

بدوره، قال رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، إنه وقَّع الاتفاق السياسي، لأسباب أساسية، في مقدمتها حقن دماء الشباب السوداني. وأضاف: "أعرف أن لدى الشباب القدرة على التضحية والعزيمة وتقديم كل ما هو نفيس لكن الدم السوداني غالٍ".

وأوضح أن الاتفاق يهدف لإعادة البلاد إلى الانتقال الديمقراطي، والحفاظ على مكتسبات العامين الماضيين، كما سيحصن التحول المدني الديمقراطي، مشددًا على أن "لا مجال للذهاب إلى نقطة اللاعودة".

وقال حمدوك: "عندما قبلت تكليف رئيس مجلس الانتقالي عرفت أن الطريق محفوف بالمخاطر، لكننا نستطيع العبور ببلدنا من المستحيل".

ونص الاتفاق، الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، على تأكيد أن الوثيقة الدستورية لسنة 2019، المعدلة عام 2020، هي المرجعية الأساسية القائمة لاستكمال الفترة الانتقالية مع مراعاة الوضعية الخاصة بشرق السودان، والعمل على معالجتها في إطار قومي يضمن الاستقرار بصورة ترضي أهل الشرق.

 

تعديل الوثيقة الدستورية

كما نصت الفقرة الثانية منه على تأكيد الطرفين لضرورة تعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق، بما يحقق ويضمن مشاركة سياسية شاملة لكل مكونات المجتمع، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول.

بينما حملت الفقرة الثالثة، نصًا، مفاده: «يؤكد الطرفان أن الشراكة الانتقالية القائمة بين المدنيين والعسكريين، هي الضامن الآمن والسبيل لاستقرار وأمن السودان، وبناءً على ذلك اتفقا على إنفاذ الشراكة بروح وثقة مع الالتزام بتشكيل حكومة مدنية من الكفاءات الوطنية المستقلة (تكنوقراط)».

وبحسب الاتفاق، فإن الفقرة الرابعة نصت على «أن يكون مجلس السيادة الانتقالي مشرفًا على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية الواردة بالمادة (8) من الوثيقة الدستورية، من دون التدخل المباشر في العمل التنفيذي»، لتأتي الفقرة الخامسة وتنص على «ضمان انتقال السلطة الانتقالية في موعدها المحدد لحكومة مدنية  منتخبة».

ونصت النقطة السادسة من الاتفاق، على أن تكون «إدارة الفترة الإنتقالية بموجب إعلان سياسي، يحدد إطار الشراكة بين القوى الوطنية السياسية والمدنية والمكون العسكري والإدارة الأهلية ولجان المقاومة وقوى الثورة الحية وقطاعات الشباب والمرأة ورجالات الطرق الصوفية»، لتأتي الفقرة السابعة وتنص على «إطلاق سراح المعتقلين السياسيين» .

 

اتفاق جوبا

وبحسب الفقرة الثامنة من الاتفاق، جرى التوافق على تنفيذ اتفاق سلام جوبا واستكمال الاستحقاقات الناشئة بموجبه وإلحاق غير الموقعين على اتفاق السلام، لتأتي الفقرة التاسعة وتؤكد ضرورة الإسراع في استكمال مؤسسات الحكم الانتقالي، بتكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستوية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام، على أن تتوالى تباعًا المفوضيات ومؤسسات الانتقال الأخرى ومباشرة مهامها فورًا وفق جداول زمنية محددة.

أما النقطة العاشرة من الاتفاق السياسي، فنصت على «ابتدار حوار موسع وشفاف بين القوى السياسية والمجتمعية وقوى الثورة الحية يؤسس لقيام المؤتمر الدستوري»، لتأتي النقطة الحادية عشرة وتنص على: «يؤكد الطرفان ضرورة إعادة هيكلة لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو مع مراجعة أدائها في الفترة السابقة، ورفدها بالكوادر المؤهلة في التخصصات والخبرات اللازمة التي تمكنها من أداء عملها بصورة ناجزة وعادلة مع تفعيل لجنة الاستئنافات ومراجعة قراراتها وفقًا لدرجات التقاضي المقررة قانونًا».

وحملت النقطة الثانية عشرة، أملًا للمتظاهرين وأسرهم، لتنص على: التحقيق في الأحداث التي جرت أثناء التظاهرات من إصابات ووفيات للمدنيين والعسكريين وتقديم الجناة للمحاكمة».

ونصت النقطة الثالثة عشرة على «العمل على بناء جيش قومي موحد»، بينما حملت النقطة الرابعة عشرة كلمات وُصفت بـ«المهمة»، لتنص على: «بالتوقيع على هذا الإعلان السياسي يلغى قرار القائد العام للقوات المسلحة بإعفاء رئيس مجلس الوزراء الانتقالي» .

اتفاقية الأربع عشرة نقطة، حملت توقيع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، ورئيس مجلس الوزراء الانتقالي عبدالله حمدوك.

 

ترحيب أممي

من جانبها، رحبت البعثة الأممية في السودان، بالاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك، مؤكدة أن شركاء الانتقال يحتاجون لمعالجة القضايا العالقة بسرعة.

وأكدت البعثة الأممية، في بيان مقتضب، استعدادها لتقديم الدعم اللازم للعملية الانتقالية، مطالبة أطراف العملية الانتقالية بضم أصوات الشباب.

جامعة الدول العربية رحبت بالإعلان السياسي، الذي وصفته بـ«المهم»، الذي تم توقيعه بعد ظهر اليوم، معتبرة إياه نتيجةً لجهود  سودانية ضخمة ومتواصلة، مدعومة عربياً ودولياً، بذلت على مدى الأسابيع الماضية، للخروج من الأزمة التي شهدتها البلاد و إنجاح الفترة الانتقالية، وصولاً إلى إجراء الانتخابات في ختامها.

وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الأمين العام أحمد أبوالغيط وجَّه بأن تعمل الجامعة ومنظماتها بشكل حثيث مع الحكومة التي سيشكلها الدكتور حمدوك، لتنفيذ أهداف الوثيقة الدستورية الموقعة عام 2019، واتفاق جوبا للسلام الموقع عام 2020.

 

السعودية ترحب وتدعم

من جانبها، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بما توصلت إليه أطراف المرحلة الانتقالية في جمهورية السودان، من اتفاق حول مهام المرحلة المقبلة واستعادة المؤسسات الانتقالية، وصولاً إلى إجراء الانتخابات في موعدها، وتشكيل حكومة كفاءات لدفع العملية الانتقالية للأمام.

وعبَّرت عن آمالها، بأن يسهم الاتفاق في تحقيق تطلعات الشعب السوداني، بما يحافظ على المكتسبات السياسية والاقتصادية، ويحمي وحدة الصف بين المكونات السياسية السودانية.

وأكدت وزارة الخارجية السعودية، ثبات واستمرار موقف المملكة الداعم لكل ما من شأنه تحقيق السلام وصون الأمن والاستقرار والنماء في جمهورية السودان.