أزمة المياه في العراق... كيف تسلِّط الضوء على قبضة إيران الخانقة؟

قال وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني، إن الإيرانيين لم يظهروا أي رد إيجابي، وما زالوا يقطعون المياه عن مجاري سيروان وكارون والكرخه والوند، ما تسبَّب في أضرار جسيمة للسكان

أزمة المياه في العراق... كيف تسلِّط الضوء على قبضة إيران الخانقة؟
إحدى الروافد المائية في العراق

ترجمات - السياق

كشفت صحيفة «آسيا تايمز»، أن إيران تمارس -منذ سنوات- عدوانًا على جارتها الغربية العراق، بلغت ذروتها في السرقة الصريحة لموارد البلاد الطبيعية.

وأوضحت الصحيفة، أنه خلال الأسابيع الماضية، لفتت تقارير في وسائل الإعلام الدولية، الانتباه إلى إعادة توجيه إيران المنهجية، للممرات المائية الحيوية في العراق.

أضرار جسيمة

ورغم المطالب المستمرة من المسؤولين العراقيين، فإن إيران تعمل بنشاط على إعاقة مغذيات أهم الأنهار، في بلاد ما بين النهرين دجلة والفرات، التي يحصل العراق منها على أكثر من 90% من مياهه العذبة، بحسب الصحيفة.

من جانبه، قال وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني، إن الإيرانيين لم يظهروا أي رد إيجابي، وما زالوا يقطعون المياه عن مجاري سيروان وكارون والكرخه والوند، ما تسبَّب في أضرار جسيمة للسكان.

ويعتمد السكان العراقيون، الذين يشير إليهم حمداني، الذين يعيشون شرقي البلاد، اعتمادًا كليًا على المياه الآتية من الأراضي الإيرانية.

نقص كبير

أنيتا هوجن، المستشارة الأمنية وكاتبة المقال في صحيفة «آسيا تايمز»، قالت إنه يمكن لسدود المنبع في إيران، تقليص الروافد التي تتدفق إلى العراق، مشيرة إلى أن قطع هذا التدفق، يتسبَّب في نقص كبير في المياه عبر الحدود.

وأشارت إلى أن تصرفات إيران، التي أثَّرت في أنهار المنطقة، كانت مدمِّرة للعراق، ففي مايو الماضي، اضطرت تركيا إلى زيادة كمية المياه التي يتم إطلاقها في نهري دجلة والفرات، لمساعدة العراق في حساب أزمة المياه.

تقديم شكوى

ومع عدم وجود ملاذ وعدم استجابة إيران، يفكر المسؤولون العراقيون بجدية، في تقديم شكوى إلى كيانات الأمم المتحدة، لخرق القوانين الدولية، وإلحاق الضرر بقطع الأنهار عبر الحدود.

وأشارت أنيتا هوجن، إلى أنه حتى قبل إجراءات التخفيض الحالية التي اتخذتها إيران، كان العراق يعاني نقصًا حادًا في المياه، بسبب العادة التي وصفتها بـ«المربكة» لجيرانها الإقليميين، تركيا وإيران، في بناء سدود ضخمة.

حجب المياه

وتمنح هذه السدود، البلدين القدرة على حجب المياه، وحتى توجيهها إلى مشاريع أخرى، مثل محاولات إيران لإحياء بحيرة أرميا شمالي غربها، بحسب المستشارة الأمنية المتخصِّصة في الشؤون الآسيوية والشرق الأوسط.

وأوضحت أن نزوع طهران إلى مشاريع السدود، يثير قلق كثيرين من الإيرانيين، كون شركات المقاولات الكبرى -التي جميعها مرتبطة بقوة بفيلق الحرس الثوري القوي- تعمل على بناء عشرات السدود، من دون أي دراسة متأنية لتأثيرها في إمدادات المياه والبيئة.

المشكلة الأكبر

وأشارت إلى أن نقص المياه، الذي يعاني بسببه العراقيون، أبرز المشكلة الأكبر، المتمثِّـلة في النفوذ الإيراني في البلاد، على جميع المستويات، مؤكدة أن المؤامرة الإيرانية، لانتزاع السيطرة على الأمة العراقية، مستمرة منذ سنوات.

الخُطوة الأولى في بسط إيران سيطرتها على العراق، بدأت في وقت مبكر من حرب العراق، التي قادتها الولايات المتحدة عام 2003، بحسب أنيتا هوجن، التي قالت إن طهران طوَّرت برنامجًا عدوانيًا لدعم الميليشيات الشيعية في العراق، ودعمتهم بالأسلحة والتمويل والمساعدات اللوجستية والتدريب.

16 مليار دولار دعمًا

أكدت أنه إلى جانب تلك الميليشيات، التي تلقَّت دعمًا من طهران، يقترب من 16 مليار دولار، لأكثر من عقد من الزمان، نجحت إيران أيضًا في تنمية وتعزيز صانعي السياسة الموالين لإيران، الذين نجح العديد منهم في تولي مناصبهم، ومنذ ذلك الحين احتلوا السُّلطة السياسية في المؤسسات العراقية.

وأشارت المستشارة الأمنية، إلى أن هذه الخُطة كانت ورقة من كتاب قواعد اللعبة القديم لطهران، وهي في جوهرها، تكرار لكيفية اختراق إيران للحكومة اللبنانية، مع وكيلها المخلص حزب الله.

سرير موارد

المسؤولون الإيرانيون، يتمتعون الآن بالسيطرة على جميع المؤسسات الرئيسية في العراق، التي تنظر إليها طهران على أنها مجرَّد «سرير موارد»، يمكن أخذه، بحسب أنيتا هوجن، التي أكدت أن العراقيين يستيقظون يوميًا، على هذه الحقيقة.

ومع وصول نقص المياه إلى ذروته أواخر يونيو الماضي، قرَّرت مجموعة الميليشيات الشيعية، المتحالفة مع إيران والمعروفة باسم قوات الحشد الشعبي في العراق، إجراء مسيرة حاشدة بالقرب من بغداد.

رد فعل عنيف

وأشارت المسشارة الأمنية، إلى أنه مع إدراك المزيد من العراقيين لانتهاكات إيران، ازداد رد الفعل العنيف ضد إيران، مؤكدة أن العراق، الذي يخرج ببطء من سنوات الحرب والخلل الوظيفي، يرى أن مصالحه تكمن في تقوية الروابط مع العالم العربي الأوسع، والحفاظ على علاقات العمل مع الولايات المتحدة، وهو ما أثار حفيظة طهران، المهتمة فقط باستخدام الشعب العراقي، لمصلحتها الخاصة.

فبالنسبة للعديد من العراقيين، سلَّطت أزمة المياه الضوء فقط، على الحاجة إلى قطع العلاقات مع إيران، تقول أنيتا هوجن، مشيرة إلى أن تدمير إيران، لإمدادات المياه العراقية، صورة مصغَّرة من سيطرتها على البلاد.

آثار خطرة

وأشارت إلى أن نقص المياه النظيفة، أدى إلى تدمير الزراعة وتشريد السكان، وتوجيه ضربة خطرة للنظام الصحي، المنهك بسبب جائحة كورونا.

من جانبه، قال الخبير الإقليمي العراقي مؤيد سالم الجحيشي، إن على بلاده الابتعاد عن راعية طهران، مشيرًا إلى أن هذه خُطوة تشجع دول أخرى العراق على اتخاذها، إلا أن إيران تحاول مقاومتها وتهميش الإرادة الدولية.

وودعت المستشارة الأمنية، العراقيين والمجتمع الدولي للاستيقاظ، قائلة: يجب أن يكون الاضطراب الأخير، الذي أحدثه النظام الإيراني، دعوة للاستيقاظ، ليس فقط للعراقيين، بل للمجتمع الدولي، بشأن التأثير المعوِّق لوجود إيران في العراق.