ترشح سيف الإسلام القذافي.. وميليشيات عدم الاستقرار في ليبيا 

ترشح سيف الإسلام وقرار المفوضية بقبول أوراق ترشحه، أثارا جدلا كبيرًا في ليبيا، بين مؤيد وممتعض، بشأن قانونية ترشح سيف الإسلام للمنصب الرفيع، خاصة أنه مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية.

ترشح سيف الإسلام القذافي.. وميليشيات عدم الاستقرار في ليبيا 

السياق

لحظات حاسمة تمر بها ليبيا، تنذر بتصاعد توتر غير مسبوق و«حرب ضروس» ستشتعل نيرانها في البلد الإفريقي، بعد إعلان ترشح سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل، للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الشهر المقبل.

وقدَّم سيف الإسلام القذافي، ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية إلى فرع مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، في مدينة سبها جنوبي ليبيا، بينما أعلنت الأخيرة قبول أوراق ترشحه، ليكون المرشح الثاني رسميًا للمنصب الرفيع.

وقالت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن مقرات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، شهدت تقدم مرشحين جدد لرئاسة الدولة، مشيرة إلى أن مكتب الإدارة الانتخابية بطرابلس شهد خلال اليومين الماضيين قبول أوراق المرشح عبدالحكيم بعيو، كأول ملف لمرشح رئاسي، بينما شهد مكتب الإدارة الانتخابية بسبها، قبول أوراق المرشح سيف الإسلام القذافي، ليكون ثاني مرشح لهذا المنصب.

وتوقعت المفوضية في بيانها، أن تشهد الأيام المقبلة تقدُّم مزيدٍ من المرشحين، حال استكمال مصوغاتهم القانونية، التي حددتها لوائح المفوضية وفقًا لمواد القانون رقم (1) لسنة 2021 الصادر عن مجلس النواب بشأن انتخاب رئيس الدولة.

ترشح سيف الإسلام وقرار المفوضية بقبول أوراق ترشحه، أثارا جدلا كبيرًا في ليبيا، بين مؤيد وممتعض، بشأن قانونية ترشح سيف الإسلام للمنصب الرفيع، خاصة أنه مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية.

إلا أن محامي سيف الإسلام القذافي، حسم الجدل الدائر قائلًا، إنه لم يصدر قرار إدانة نهائي بحق سيف الإسلام من المحكمة الجنائية الدولية، مشيرًا إلى أنه ملف موكله قبلته مفوضية الانتخابات.

مواجهات وميليشيات

 

الجدل بشأن قانونية ترشح سيف الإسلام، تصاعدت وتيرته، بعد إعلان مليشيات غربي ليبيا رفضها ترشحه، محذرة الليبيين والمجتمع الدولي من «حرب ضروس» لن تبقي ولا تذر.

وأعلن ما يعرف بـ«قادة وثوار مدينة الزاوية»، في بيان مصور، رفضهم ترشح سيف الإسلام القذافي والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، مؤكدين أنهم يرفضون رفضًا قاطعًا ترشحهما، وأية شخصية «ساهمت في قتل الشعب الليبي، مهما كان دورها أو مركزها».

وزعم «ثوار الزاوية»، في بيان مصور، أن «هناك مؤامرة تحاك ضد ثورة 17 فبراير"، بتنصيب بعض المطلوبين الفارين من العدالة، الذين أساؤوا للشعب الليبي، من خلال ترشحهم للانتخابات الرئاسية، وفقًا للقانون الصادر من البرلمان».

وبينما رفض «ثوار الزاوية» دور العديد من الدول الداعمة للعملية الانتخابية الحالية، محملين إياها المسؤولية القانونية والأخلاقية، طالبوا المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، بعدم قبول ترشح سيف وحفتر.

الدائرة الأولى

وحذر البيان الليبيين والمجتمع الدولي، من إجراء هذه الانتخابات التي زعموا أنها ستعود بليبيا إلى الدائرة الأولى، وستنتج عنها «حرب ضروس لا تُعلم نتائجها».

ورغم تحذيرهم المسبق، فإنهم أكدوا موافقتهم على التزامن المطلق للعملية الانتخابية، بشرط أن تكون وفق قاعدة دستورية متفق عليها، قائلين إنهم لن يسمحوا بفتح المراكز الانتخابية داخل المدينة، إلا وفق هذه الشروط.

مجلس حكماء وأعيان مصراتة، دخل على خط رفض ترشح سيف الإسلام القذافي، قائلًا: «في الوقت الذي نؤكد فيه دعمنا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، فإننا نعلن رفضنا لترشح من استخدم القوة المفرطة في مواجهة ثورة الشعب الليبي، والصادر بحقه أوامر قبض من السلطات القضائية المحلية، ومحكمة الجنايات الدولية».

 

عدم الاستقرار

الجماعة الليبية المقاتلة، المدرجة على قوائم الإرهاب، اصطفت هي الأخرى إلى جانب المليشيات الرافضة لترشح سيف الإسلام، قائلة: «كل مَنْ يؤيد ترشح سيف الإسلام والمشير خليفة حفتر يساهم في عدم استقرار ليبيا».

وزعم سامي الساعدي القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة، عبر «فيسبوك»، أن «كل مَنْ يؤيد قانون عقيلة وعبث المفوضية من داخل ليبيا أو خارجها، أو يؤيد ترشح المطلوبَينِ في جرائم الحرب يساهم في عدم استقرار ليبيا».

وأشاد المليشياوي سامي الساعدي، برفض مليشيا الزاوية ترشح سيف الإسلام قائلًا: «تحية لمدينة الزاوية، ولكل مَنْ رفع صوته بإنكار مهازل مفوضية الانتخابات وعبث عصابة عقيلة، كفاكم عبثاً فقد آن لليبيا أن تستريح».

رفض المليشيا وتحذيرها من حرب ضروس، لم يقتصر على البيانات، بل إن بعض المليشيات في مدينة الزاوية غربي ليبيا، حاصرت عددًا من المقار الانتخابية التابعة للمفوضية بالمدينة لإيقاف عملها.

 

حشد مليشياوي

وبحسب مصادر «السياق»، فإن مليشيات الزاوية، حشدت سيارات مسلحة وأسلحة ثقيلة، وأغلقت المراكز الانتخابية، رافضة فتحها، إلا وفق قاعدة دستورية، متفق عليها، على حد زعمها.

وأكدت المصادر، أن المليشيات المسلحة التابعة للمليشياوي أسامة الجويلي، آمر غرفة العمليات المشتركة، استعرضت أسلحتها الثقيلة والدبابات والعربات ذات المدافع الرشاشة، ومنظومة الدفاع الجوي بانتسير الروسية، داخل الأحياء السكنية بمدينة الزنتان، غربي ليبيا، رفضًا لترشح القذافي الابن.

تلويح المليشيا بالحرب واستعراضها العسكري، تناغما مع بيان للمدعي العام العسكري في وزارة الدفاع، التي يتمركز فيها إخوان، في محاولة لاستخدام كل الأذرع والمحاولات، لمنع ترشح نجل القذافي للرئاسة.

وأصدر المدعي العام العسكري في وزارة الدفاع، المعين من قِبل الإخواني رئيس المجلس الرئاسي السابق فايز السراج، أوامر بإيقاف إجراءات ترشح سيف الإسلام القذافي، وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر، بتهمة ارتكاب جرائم خطيرة ضد الدولة، متناسيًا أنه لم تثبت أي أدلة ولم تصدر أي أحكام إدانة بحقهما.

ووجَّه مكتب المدعي العام العسكري، رسالة إلى رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، طلب فيها منه إيقاف إجراءات ترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر، إلى حين امتثالهما للتحقيق، في ما أسند إليهما من وقائع وجرائم، وحمَّله المسؤولية القانونية، حال مخالفة ذلك.

 

أمريكا تعلق

وزارة الخارجية الأمريكية، علقت على تقديم سيف الإسلام القذافي أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية، قائلة: الشعب الليبي وحده مَنْ يقرر مَنْ يمثله في الانتخابات المقبلة، في رسالة إلى المليشيات المسلحة الرافضة لترشح القذافي الابن.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، في تصريحات صحفية: «وجود سيف الإسلام في الحكم سيكون تحديًا كبيرًا لمستقبل ليبيا»، متسائلًا: «هل يريد الليبيون أن ينظروا اليوم للمستقبل أم للماضي؟».

وأضاف المسؤول الأمريكي: «نحن لا ندعم أي مرشح على آخر في ليبيا، ونشدد على ضرورة إجراء انتخابات ليبيا في موعدها»، مؤكدًا «ضرورة خروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية».