بعد موافقة السلطات الأمريكية.. هل تسمح لإيلون ماسك بزرع جهاز في دماغك؟
الواقع يشير إلى أن أحد المخاوف، أن يكون الربط بين الدماغ والآلة باهظ الثمن، وأن الأثرياء فقط هم الذين سيستطيعون تحمل تكلفتها.

السياق
بعد أشهر من الانتظار، أعلنت شركة نورالينك الناشئة، التي يملكها إيلون ماسك، أنها تلقت موافقة السلطات الصحية الأمريكية، على إجراء اختبارات على البشر لعمليات زرع شرائح ذكية في الدماغ.
وبينما وصف مسؤول سابق في إدارة الأغذية والأدوية التكنولوجيا، الموافقة بـ«المهمة جدًا»، شكك أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة جورج مايسون الأمريكية تايلر كوين، في قدرة هذه التكنولوجيا على تغيير كل شيء.
وأضاف في مقال بصحيفة واشنطن بوست: "ليس كل تقدم تكنولوجي مهم له آثار اجتماعية واقتصادية كبيرة"، موضحاً أنه "مع جهاز نورالينك، يدخل رجل آلي جهازًا في الدماغ جراحياً، يستطيع هذا الجهاز بعد ذلك فك شفرة بعض أنشطة الدماغ، وربط إشارات الدماغ بأجهزة الكمبيوتر وأجهزة أخرى".
وعقب تركيب الجهاز، قد يصبح شخص مشلول من الرقبة فما تحت، قادراً على استخدام الواجهة للتأثير في ببيئته المادية، وكذلك في الكتابة والتواصل.
ويقول تايلر، إن هذا الأمر اختراق كبير -سواء للمصابين بالشلل أم بإصابات الدماغ، لكن بالنسبة للآخرين "فإنني لستُ واثقًا بذلك".
باهظ الثمن
طرح أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة جورج مايسون الأمريكية، أسئلة عدة عن جهاز نورالينك، قائلًا:" لنفترض أن هذه التكنولوجيا تعمل كما هو مذكور في الإعلانات، فمن الذين سيرغبون في استخدامها؟
وأوضح أن الواقع يشير إلى أن أحد المخاوف، أن يكون الربط بين الدماغ والآلة باهظ الثمن، وأن الأثرياء فقط هم الذين سيستطيعون تحمل تكلفتها. كما أن هؤلاء الأشخاص سيشكّلون طبقة جديدة من «المفكرين الخارقين»، الذين يختلفون عنا بقدراتهم الدماغية المتفوقة.
وقال إنه لا يعتقد أن هذا السيناريو وارد "ولو عُرض عليَّ 100 مليون دولار مقابل ربط دائم بين دماغي والحاسوب، لما قبلتُ ذلك، لأسباب ليس أقلها الخوف من الآثار الجانبية التي قد تنتج عن ذلك، والأضرار التي قد تلحق بالأعصاب.
وأوضح أنه كان سيطلب التأكد أولًا من أن مركز التحكم ينتقل منه إلى الكمبيوتر، وليس العكس، وأشار إلى "طرق أخرى لزيادة قدراتي الذهنية باستخدام أجهزة الكمبيوتر، خاصة بابتكارات الذكاء الاصطناعي الحديثة".
وأضاف كوين: "صحيح أنني سأصبح قادرًا على التفكير بشكل أسرع من قدرتي على التحدث أو الكتابة، لكنني لست في عجلة من أمري إلى تلك الدرجة، وأفضِّل تعلُّم كيفية الكتابة على هاتفي بشكل سريع على غرار المراهقين"، مشيراً إلى أن أحد الاستخدامات التي يمكن تصورها لواجهة مباشرة بين الدماغ والكمبيوتر، يتمثّل في قدرة أجهزة الكمبيوتر على ضخ المعلومات المفيدة في أدمغتنا بسرعة.
سيناريوهات غير حميدة
يقول أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة جورج مايسون الأمريكية تايلر كوين، إنه على سبيل المثال "يجب تخيُّل الذهاب إلى الفراش، وتشغيل جهاز دماغك، والاستيقاظ وأنت تعرف اللغة الصينية مثلًا، يبدو ذلك مذهلًا ".
لكن إذا كان ذلك ممكنًا، فكذلك ستكون أيضًا كل السيناريوهات الأخرى، وهي ليست كلها حميدة، لأن الكمبيوتر يستطيع تغيير أدمغتنا أو التحكم فيها.
ويرى كوين، أن هذا السيناريو مستبعد أيضاً، لأنه يبدو خيالًا علميًا، على عكس استخدام المرء لدماغه للقيام ببعض الأشياء".
وأشار إلى أن التقنيات الحالية تستطيع قراءة إشارات الدماغ، لكنها لا تتحكم فيها، "والواقع أنني كلما فكرتُ في هذه الخيارات والسيناريوهات والإمكانات، ازداد تشككي في إمكانية استخدام واجهة بين الدماغ والحاسوب استخدامات واسعة النطاق بالنسبة لغير المعاقين".
وأكد أن الذكاء الاصطناعي يتقدم بوتيرة مذهلة، ولا يتطلب إدخال أي شيء في أجساد البشر، ناهيك عن الأدمغة، لافتًا إلى خيارات أخرى مثل سماعات الأذن والنسخ المستقبلية من «نظارات غوغل».
علاوة على ذلك، يبدو أن الميزة الرئيسة لواجهة مباشرة بين الدماغ والكمبيوتر هي السرعة.
وأوضح أن السرعة الكبيرة مهمة فقط في عدد محدود من الظروف، بينما عديد من هذه الظروف مسابقات وجهود صفرية المحصلة، مثل الرياضات والمباريات.
وقال: "بالطبع، قد تُثبت شركات مثل «نورالينك» أنني مخطئ، لكنني في الوقت الحالي أفضل أن أبقي رهاني على الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الكبيرة، التي لا تبعد عني سوى بضع سنتيمترات بينما أكتبُ هذه السطور".