ذا ناشيونال إنترست: لماذا لم تطبع عُمان العلاقات مع إسرائيل؟
سلطنة عُمان لديها القدرة على أن تكون قوة استقرار في الخليج العربي، وهو ما تحتاجه المصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة، بحسب الصحيفة.

ترجمات – السياق
لماذا لم تطبع عمان العلاقات مع إسرائيل؟، سؤال طرحته صحيفة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، في تقرير نشرته، حاولت فيه البحث عما وصفته بـ«التردد العُماني»، متقدمة باقتراحات لتجاوز عتبة ذلك التردد.
وقالت الصحيفة الأمريكية، في التقرير الذي كتبه إريك ماندل، مدير شبكة المعلومات السياسية في الشرق الأوسط، أحد أبرز مقدمي التقارير لأعضاء الكونغرس الأمريكي عن قضايا السياسة الخارجية، إن سلطنة عُمان لديها القدرة على أن تكون قوة استقرار في الخليج العربي، وهو ما تحتاجه المصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة، مشيرة إلى أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل سيكون الخطوة الأولى نحو ذلك.
وبحسب التقرير، فإن عُمان تقع بين إيران والمملكة العربية السعودية، اللتين لا تهددان بعضهما في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن عُمان تحاول جاهدة أن تظل محايدة، وتسير على خط رفيع، ولا تنحاز بشكل علني.
ويقول مدير شبكة المعلومات السياسية في الشرق الأوسط، في تقريره، إن السياسة الخارجية لسلطنة عُمان تتمثل في أن تكون صديقًا للجميع، وألا تعادي أحدًا، مشيرًا إلى أنه لتحقيق هذه الغاية، فإن مسقط تأخذ خطوة إلى الخلف، لتجنُّب أي أعمال استفزازية أو مبادرات دبلوماسية، يمكن أن تضعها في مأزق سياسي.
إلا أن الكاتب الأمريكي، قال إن نهج السياسة الخارجية لسلطنة عُمان هذا، ينطوي على بعض التناقضات، ليس على حساب عُمان فحسب، بل على حساب آخرين أيضًا، مستدلًا على رؤيته بتوقيع عُمان الأسبوع الماضي «وثيقة استراتيجية جديدة لتعزيز التعاون الثنائي» مع إيران، في محاولة لإرضاء الدول المجاورة لها، وتعزيز مصالحها الاقتصادية في الوقت نفسه.
وأشار إلى أن مسقط تحاول -بشكل خاص- الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران، التي يمكن رؤيتها تقريبًا من ساحلها في الخليج العربي، إلا أن هذه الاتفاقية الجديدة تدعم اقتصاد إيران المقاوم للعقوبات الأمريكية، التي تفيد أيضًا الصين وروسيا، اللتين ملأتا الفراغ الذي أحدثته أمريكا في الشرق الأوسط.
ويقول الكاتب الأمريكي، إنه يمكن للمرء أن يجادل بأنه بالنسبة لدولة لا تنحاز إلى أحد الأطراف، فإن توقيع اتفاقية كهذه يمكن تفسيره على هذا النحو، إلا أن هذه الآراء لا تصمد، لأن عُمان تحافظ أيضًا على علاقات حميمة بالولايات المتحدة وحلفائها.
وبحسب إريك ماندل، مدير شبكة المعلومات السياسية في الشرق الأوسط، فإنها كعديد من الدول العربية، قبل انضمامها إلى اتفاقيات إبراهيم، فإن مسقط تجري بشكل سري أعمالًا مع إسرائيل، التي تعد الشريك الأول لواشنطن في الشرق الأوسط.
فعلى عكس الدول التي انضمت إلى اتفاقيات إبراهيم، أبرزها: الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، التي شهدت جميعها نموًا كبيرًا في التجارة مع إسرائيل، ما أفاد اقتصاداتها وشعوبها، اختارت عُمان البقاء على الهامش، رغم حقيقة أن مسقط بحاجة إلى الاستثمار الاقتصادي والمشاريع المشتركة، التي يمكن أن تقدمها إسرائيل.
ويقول أحد أبرز مقدمي التقارير لأعضاء الكونغرس الأمريكي، إنه على نطاق أوسع، ستستفيد منطقة الخليج من عمل عُمان كوسيط موثوق به بين الجانبين، مشيرًا إلى أنه لواشنطن والقدس مصلحة في تسهيل تطبيع العلاقات بين عُمان وإسرائيل.
شرح التردد العماني
ويقول إريك، إنه في النهاية، ما يهم كل دولة عربية، الفائدة الاقتصادية التي ستجنيها من التعامل مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن إسرائيل قامت سرًا بأعمال تجارية مع عديد من الدول العربية، مشيرًا إلى أنه غالبًا ما تكون لها علاقة بما تحتاجه الأخيرة (عُمان): الخبرة في إدارة المياه، والزراعة، والتكنولوجيا، والأمن.
وأوضح الكاتب الأمريكي، أن هناك أكثر من 1200 شركة إسرائيلية في الخليج، تمارس الأعمال التجارية، مشيرًا إلى أنه حتى القطريون، الذين تدعم حكومتهم قناة الجزيرة الإعلامية بخطابها المناهض لإسرائيل، لديهم نظام إسرائيلي مضاد للطائرات من دون طيار مثبت حول مطار الدوحة.
فلماذا لم تنضم عُمان، التي ستستفيد كثيرًا، إلى اتفاقيات إبراهيم عام 2020؟
يقول أحد أبرز مقدمي التقارير لأعضاء الكونغرس الأمريكي، إن أحد الأسباب في ذلك الوقت كانت وفاة السلطان قابوس، بينما السلطان الجديد هيثم بن طارق، لم يكن قد عزز قاعدة سلطته.
وأوضح الكاتب الأمريكي، أن عُمان عرفت تحت حكم قابوس بأنها محايدة مع إسرائيل، مشيرًا إلى أنه خلال فترة حكمه، لم يستضف السلطان قابوس، رئيس وزراء إسرائيلي واحدًا بل اثنين، إسحاق رابين عام 1994 وبنيامين نتنياهو عام 2018.
وأشار إلى أن زيارته الأخيرة لسلطنة عُمان، وحديثه مع مسؤولين عُمانيين، كشفت أنهم لا يحملون أي عداء تجاه اليهود ولا إسرائيل، لكن بالنظر إلى موقعها الجغرافي، فهي ليست في وضع يسمح لها بالانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، حتى تقدم السعودية على هذه الخطوة أولًا.
ونقل إريك ماندل عن وزير الإعلام العُماني عبدالله الحراصي، الذي التقاه في مسقط، قوله: «نسمع معاناة السخط الفلسطيني اليومي، لكن إسرائيل لا تظهر أي استعداد لإظهار بوادر طيبة، مشيرًا إلى أن عُمان لن تتدخل حتى يقوم الإسرائيليون والفلسطينيون بالإيماءات الأولى تجاه بعضهم.
لكن وزير الإعلام العُماني ذكر أيضًا أن مواطنه وزير الخارجية السابق قال: «نحن، الوطن العربي، يجب أن نجعل إسرائيل تشعر بالأمان»، بحسب الكاتب الأمريكي، الذي قال إن الأخير يؤيد حل الدولة الواحدة.
ورغم أن عُمان فخورة بأنها تتحدث مع جميع الأطراف، فإنه عندما سئل: كيف لا تستطيع التحدث إلى إسرائيل، التي تعد الطرف الآخر في النزاع؟ تهرب العُمانيون من الإجابة عن السؤال، قائلين إن الوقت ليس مناسبًا.
ونقل الكاتب الأمريكي، عن رئيس وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العمانية، قوله: «المعرفة ليست كافية، يجب أن نتعرف إلى الآخر، لكن ليس الإسرائيليين. هذا ليس بالعداء ولكن بقدر من الاحترام للشعب اليهودي، إن لم يكن للأمة اليهودية».
تحرك نحو التطبيع
يقول أحد أبرز مقدمي التقارير لأعضاء الكونغرس الأمريكي، في تقريره بـ«ناشيونال إنترست»، إن مسار التطبيع العُماني مع إسرائيل، الذي سيفيدهم بشكل كبير، من الخطوات الصغيرة لوضع الأساس لمزيد من التعاون والمبادرات الدبلوماسية.
واقترح الكاتب الأمريكي، أن تدخل سلطنة عُمان بوابة التطبيع عبر تبني مشاريع اقتصادية ثلاثية مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل، بشأن قضايا تتجاوز السياسة، كتلك المتعلقة، بقضايا مثل معالجة المياه، مشيرًا إلى أنه بينما لدى عُمان مركز أبحاث لتحلية المياه، فإن إسرائيل تمتلك خبرات متميزة عالميًا في هذا المجال.
وأشار إلى أن الشكوى الشائعة للفلسطينيين هي أنهم لا يملكون موارد مائية كافية للمستقبل، مؤكدًا أن هذا قد يكون وسيلة لمساعدة الفلسطينيين على الأرض، والسماح لعُمان باستضافة الإسرائيليين والفلسطينيين للتحدث وجهاً لوجه مع بعضهم.
خيار إضافي يتمثل في أن تشارك سلطنة عُمان في منتدى النقب للدول العربية وإسرائيل، وطرح مشاريع في المؤتمر من شأنها أن تفيدهم، ويمكن أن تكون ممولة من الولايات المتحدة ودول الخليج الأكثر ثراءً.
ويقول الكاتب الأمريكي، إنه إذا كانت عُمان أكثر دخولًا بشكل مباشر في مراقبة الأموال، فقد تشعر تلك الدول بثقة أكبر في أن مواردها لن ينتهي بها المطاف في جيوب من وصفهم بـ«اللصوص».
وأشار إلى أن العُمانيين والإسرائيليين وبقية دول الخليج، يعلمون أن الثقة مطلوبة قبل أن تبدأ الصداقة والتطبيع، مؤكدًا أن هذا هو المكان المطلوب لمساعدة واشنطن في رعاية علاقات جديدة.
وبحسب إريك ماندل، فإن مبادرة أمريكية سعودية مشتركة لتغطية التعاون العُماني مع إسرائيل، في مصلحة جميع الدول المعنية، وكذلك الشعب الفلسطيني، إلا أن هذا سيتطلب رأس مال سياسي.
وأكد الكاتب الأمريكي، أنه إذا لم تستطع أمريكا إقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في هذا الوقت، فإن إشراك العُمانيين يمكن أن يكون خطوة وسيطة، مشيرًا إلى أنه يمكن لواشنطن أن تقدم حوافز اقتصادية وضمانات أمنية لتخفيف المخاوف العُمانية من مسألة التطبيع، ما سيكون في مصلحة أمريكا وحلفائها الخليجيين.
وختم الكاتب الأمريكي تقريره، بقوله: «كل ما يؤدي إلى تثبيت الاستقرار في المنطقة يعود بالفائدة على الجميع».