أوبك بلس وخفض الإنتاج... كيف استفادت الولايات المتحدة من القرار؟

من المرجح أن يمنح قرار أوبك بلس بتمديد التخفيضات الحالية عامًا آخر، المنتجين الأمريكيين ثقة في الأسعار على المدى الطويل، ويعزز قدرتهم على الاقتراض.

أوبك بلس وخفض الإنتاج... كيف استفادت الولايات المتحدة من القرار؟

السياق

منذ جائحة كورونا مروراً بالحرب في أوكرانيا، والتوترات سيدة الموقف في ما يتعلق بأسواق النفط العالمية، إنتاجًا وإمدادًا، وبين الخفض والرفع تبحث الحكومات عن مصالحها، بينما تتغير مصالح الساسة وتتبدل أهداف الدول.

آخر القرارات، التي ستحدث تغييًرا كبيرًا على الصعيد الدولي في أسعار النفط، إعلان السعودية المفاجئ خفض إنتجاها اليومي مليون برميل.

وأعلنت المملكة -وهي من أبرز الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)- أنها ستنفذ خفضًا طوعيًا إضافيًا في إنتاجها من النفط الخام مقداره مليون برميل يوميًا، ابتداءً من يوليو.

 

الأسعار

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع لوزراء منظمة الدول المصدرة للنفط وشركائهم في تكتل أوبك بقيادة روسيا، إن هذا الإجراء سيسري ابتداءً من يوليو لمدة شهر قابلة للتمديد.

ونتيجة لهذا القرار زادت أسعار النفط بنحو دولارين للبرميل في وقت مبكر من تعاملات الاثنين، ليصبح سعره 78 دولارًا.

وقال محللون لوكالة رويترز إن المكاسب ما هي إلا بداية وإن التخفيضات ستسْهم كثيرًا في نقص الإمدادات العالمية، ما قد يدفع الأسعار نحو 100 دولار للبرميل.

وأشار جورج ليون، من "ريستاد إنرجي"، إلى أن التخفيضات السعودية ستزيد عجز السوق إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميًا، من يوليو، ما يزيد الضغوط المتصاعدة في الأسابيع المقبلة.

من جهته، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك للصحفيين عقب الاجتماع، إن التخفيضات التي قررتها منذ مطلع مايو تسع دول، بما فيها الرياض وموسكو، بـ 1.6 مليون برميل يومياً "تم تمديدها حتى نهاية عام 2024".

 

البيع على المكشوف

وتعهد وزير الطاقة السعودي مجددًا بمعاقبة "البائعين على المكشوف" الذين يراهنون على انخفاض الأسعار.

وانخفضت الأسعار -في الأسابيع الأخيرة- إلى ما يقرب من 70 دولاراً للبرميل، بعد أن تخطت 130 دولاراً قبل عام، عندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال مصدر مطلع لـ "رويترز": "تحرك السعودية جاء برغبة منها في ردع البائعين على المكشوف ومنعهم من خفض السعر".

بدورها، أشارت ناتاشا كانيفا من "جي بي مورغان" إلى أن "التخفيض السعودي جدير بالثقة، وينبغي -على الأقل- أن يحد من الضغوط النزولية على الأسعار لبقية العام".

 ويؤدي رفع الأسعار -بصورة غير متوقعة- إلى إجبار البائعين على المكشوف على إغلاق صفقاتهم بخسارة.

في غضون ذلك، تؤكد "أوبك" أنها لا تستهدف سعراً معيناً للنفط وأن القرارات المتعلقة بسياستها تهدف إلى منع حدوث تقلبات، من خلال موازنة العرض والطلب.

 

روسيا

عن روسيا، فإنها تبدو مترددة في مزيد من التشديد في تدفق الذهب الأسود، الذي تساعدها عائداته في تمويل هجومها العسكري.

فبسبب العقوبات الغربية، لا يمكن تسليم النفط الروسي، الذي يتجاوز سعره 60 دولارًا وإذا تجاوز هذا السعر، يحظر على الشركات تقديم خدمات تسمح بالنقل البحري، من شحن وتأمين وغيرهما.

وقالت باربارا لامبرخت من مجموعة كوميترس بنك لـ "رويترز": "نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يرى أن لا حاجة "لأوبك بلس إلى تغيير المسار، لأن موسكو بالكاد تستفيد من زيادة في الأسعار".

وأضافت: "من جهة أخرى، تحتاج السعودية إلى أسعار أعلى لموازنة ميزانيتها"، مشيرة إلى أن عتبة الربح تبلغ نحو 80 دولارًا للبرميل بالنسبة إلى الرياض.

 

الولايات المتحدة

كانت أحدث التخفيضات التي تعلنها "أوبك" مدعاة للتفاؤل بالنسبة للولايات المتحدة. وقال مسؤول في البيت الأبيض –الأحد- إن الإدارة الأمريكية لا تركز على "البراميل" وإنما على الأسعار لعملائها، مشيراً إلى أن الأسعار هبطت هبوطاً كبيراً العام الماضي.

ورأى جورج ليون من "ريستاد إنرجي" أن التخفيضات السعودية ستزيد عجز السوق إلى أكثر من 3 ملايين برميل يومياً، من يوليو، ما يزيد "الضغوط الصعودية" في الأسابيع المقبلة.

وحال ارتفاع الأسعار بسبب تخفيض "أوبك بلس" لإنتاجها من النفط، سوف يستفيد منتجون منافسون من خارج التحالف أيضاً، والولايات المتحدة أكبر منافس.

وزادت الولايات المتحدة إنتاجها من النفط والغاز بأكثر من المثل خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، ويرجع ذلك -في الغالب- إلى تطوير حقول النفط الصخري.

وانخفض إنتاج النفط الصخري خلال الجائحة، ووضعت البنوك قيوداً على التمويل، لكن البلاد تعافت منذ ذلك الحين، وسجلت صادرات وإنتاج الخام الأمريكي مستويات قياسية.

ومن المرجح أن يمنح قرار "أوبك بلس" بتمديد التخفيضات الحالية عامًا آخر، المنتجين الأمريكيين ثقة في الأسعار على المدى الطويل، ويعزز قدرتهم على الاقتراض.