في منطقة المحيط الهادئ.. الصين أصبحت أكثر خطورة عسكريا من الولايات المتحدة
الطائرات والسفن الصينية تطارد السفن بشكل روتيني أثناء عمليات العبور، لاسيما حول الجزر الاصطناعية، التي تطالب بها بكين في بحر الصين الجنوبي

ترجمات - السياق
في الوقت الذي تضاعف فيه الولايات المتحدة الأمريكية جهودها، لتعزيز علاقاتها بدول المحيط الهادئ كقوة موازنة للصين، التي تحاول توسيع وجودها ونفوذها في المنطقة، أصبحت بكين أكثر خطورة.
فبينما اتخذت إدارة بايدن خطوات لتوسيع علاقتها العسكرية والأمنية بدول المحيطين الهندي والهادئ، كجزء من حملة لبناء شبكة أقوى من التحالفات في الفناء الخلفي للصين، ومواجهة نفوذها المتزايد، قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن الجيش الصيني أصبح في السنوات الخمس الماضية، أكثر عدوانية وخطورة.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن كبير ضباط الجيش الأمريكي، خلال رحلة إلى المحيطين الهندي والهادئ، تضمنت التوقف في إندونيسيا، قوله إن الجيش الصيني أصبح أكثر عدوانية وخطورة بشكل ملحوظ، خلال السنوات الخمس الماضية.
وقال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، إن عمليات اعتراض الطائرات والسفن الصينية في منطقة المحيط الهادئ مع الولايات المتحدة والقوات الشريكة الأخرى، زادت بشكل كبير خلال ذلك الوقت، كما ارتفع عدد التفاعلات غير الآمنة، بنسب مماثلة.
وضع مقلق
وأوضح ميلي، الذي طلب من فريقه تجميع تفاصيل التفاعلات بين الصين والولايات المتحدة وآخرين في المنطقة، إن هذه منطقة تحاول فيها الصين التوعية لأغراضها الخاصة، مشيرًا إلى أن الوضع مقلق، لأن الصين لا تفعل ذلك لأسباب حميدة فقط، بل لتوسيع نفوذها في المنطقة.
وبينما حذر العسكري الأمريكي، من عواقب محتملة للسياسة الصينية على حلفاء أمريكا وشركائها في المنطقة، أشار إلى أن دول المحيط الهادئ -مثل إندونيسيا- تريد مشاركة الجيش الأمريكي في المنطقة.
وقال ميلي: «نريد العمل معهم لتطوير قابلية التشغيل البيني وتحديث جيوشنا بشكل جماعي، من أجل ضمان قدرتهم على مواجهة أي تحدٍ تشكله الصين»، مشيرًا إلى أن إندونيسيا لها أهمية استراتيجية في المنطقة، وكانت شريكًا رئيسًا للولايات المتحدة.
وقال ميلي إن هناك عمليات اعتراض صينية مع اليابان وكندا وأستراليا والفلبين وفيتنام، مشيرًا إلى أنها شهدت زيادة «ذات دلالة إحصائية» في عمليات الاعتراض، إضافة إلى زيادة عدد الحوادث غير الآمنة بنسبة متساوية.
وبينما رفض ميلي ذكر أعداد محددة من التفاعلات الصينية غير الآمنة، مع الطائرات والسفن الأمريكية والحليفة، أشار لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي -في خطاب ألقاه في سنغافورة الشهر الماضي- إلى «زيادة مقلقة» في عدد عمليات الاعتراض غير الآمنة من طائرات وسفن جيش التحرير الشعبي.
وأشار أوستن -على وجه التحديد- إلى حادثة فبراير حيث وجهت سفينة تابعة للبحرية لجيش التحرير الشعبي ليزر على طائرة دورية بحرية أسترالية من طراز P-8.
وبحسب صحيفة لوس أنجلوس تايمز، فإن الطائرات والسفن الصينية تطارد السفن بشكل روتيني أثناء عمليات العبور، لاسيما حول الجزر الاصطناعية، التي تطالب بها بكين في بحر الصين الجنوبي.
جاءت تصريحات ميلي، التي أدلى بها في طريقه إلى اجتماع مع قادة الدفاع الإندونيسي في جاكرتا، في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، للانطلاق إلى بيجينغ في زيارة تستغرق يومين، للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ، بحسب «الغارديان»، التي قالت إن هذه ستكون المرة الأولى منذ عامين، التي تستقبل فيها بكين زعيمًا أجنبيًا بشكل فردي، باستثناء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير الماضي.
وتركز رحلة ميلي إلى المنطقة على "التهديد الصيني"، ويحضر الأسبوع المقبل، اجتماعًا لوزراء دفاع منطقة المحيطين الهندي والهادئ في أستراليا، لمناقشة النمو العسكري المتصاعد للصين والحاجة إلى الحفاظ على منطقة المحيط الهادئ حرة ومنفتحة وسلمية.
أزمة تايوان
وأثار المسؤولون العسكريون الأمريكيون أيضًا مخاوف من احتمال غزو الصين لتايوان، بحلول عام 2027، بعد أن صعدت الصين استفزازاتها العسكرية ضد الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.
وتظل الولايات المتحدة الحليف الرئيس لتايوان وموردها للأسلحة الدفاعية، بينما يتطلب قانون الولايات المتحدة من الحكومة التعامل مع جميع التهديدات على الجزيرة كمسائل «تثير قلقًا بالغًا»، لكنه يظل غامضًا بشأن ما إذا كان الجيش الأمريكي سيدافع عن تايوان إذا تعرضت لهجوم من الصين.
وقال كبير الضباط العسكريين الصينيين، الجنرال لي زوتشنغ، إن بكين «ليس لديها مجال للتسوية» بشأن قضايا مثل تايوان، مشيرًا إلى أنه أبلغ ميلي بأنه يجب على الولايات المتحدة «وقف التواطؤ العسكري بين الولايات المتحدة وتايوان، وتجنُّب التأثير في الصين والولايات المتحدة، والعلاقات والاستقرار في مضيق تايوان».
اتفاقية جزر سليمان
كما تشعر الولايات المتحدة وغيرها بالقلق، من أن الاتفاقية الأمنية الأخيرة التي وقعتها بكين في أبريل الماضي، مع جزر سليمان يمكن أن تؤدي إلى إنشاء قاعدة بحرية صينية جنوبي المحيط الهادئ. وأبلغت الولايات المتحدة وأستراليا جزر سليمان بأن استضافة قاعدة عسكرية صينية لن يتم التسامح معها.
واستقبل ميلي في مقر الجيش الإندونيسي بجاكرتا، بلوحة إعلانية ضخمة تحمل صورته واسمه، واستعراضًا عسكريًا وشاشة تلفزيون كبيرة أظهرت مقطع فيديو لمسيرته المهنية، بحسب «الغارديان».
ونهاية الزيارة، قال أنديكا للصحفيين إن إندونيسيا وجدت الصين أكثر حزمًا و«عدوانية بعض الشيء» مع السفن البحرية في ما يتعلق بالنزاعات الإقليمية مع بلاده.
كانت الولايات المتحدة قد وافقت على بيع طائرات مقاتلة متقدمة بـ 13.9 مليار دولار إلى إندونيسيا.
وفي جاكرتا، وقَّع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، في ديسمبر الماضي، اتفاقيات لتعزيز التدريبات البحرية المشتركة بين الولايات المتحدة وإندونيسيا.
وأدانت الصين جهود الولايات المتحدة لتوسيع انتشارها في المنطقة، متهمة أمريكا بمحاولة بناء «الناتو الآسيوي»، إلا أن واشنطن رفضت هذا الادعاء، قائلة إنها «لا تسعى إلى حرب باردة جديدة، ولا حلف شمال الأطلسي آسيوي، ولا منطقة منقسمة إلى كتل معادية».
تهديدات عسكرية
وبحسب تقرير نشرته مؤخرًا شبكة «سي إن إن»، فإن السفن الصينية تشكل تهديدًا أكبر للولايات المتحدة وحلفائها في المحيطين الهندي والهادئ، مشيرة إلى أن المدمرة من النوع 05، التي أطلقت عام 2017، كبيرة بما يكفي كطراد، وفقًا لمعايير "الناتو" ومجهزة بـ 112 أنبوب إطلاق عمودي، يمكنها إطلاق العديد من الصواريخ، بما في ذلك المقذوفات المضادة للسفن والهجوم الأرضي بعيد المدى.
وقال تيموثي هيث، كبير المحللين في مؤسسة RAND Corp لشبكة «سي إن إن»، إن هذه السفينة -على وجه الخصوص- لديها تصميم متطور وميزات خلسة ورادارات ومخزون صواريخ كبير، مؤكدًا أنها أكبر وأقوى من معظم المدمرات الأمريكية واليابانية والكورية الجنوبية.
وتوجد غواصات من النوع 39A/B الصينية، التي تم بالفعل بناء 17 منها، على الرادار الأمريكي، وتحتوي الغواصات على دفع مستقل عن الهواء (AIP) يمكّنها من البقاء تحت الماء فترات أطول من دون الحاجة إلى السطح للحصول على الهواء المطلوب لتشغيل بطارياتها عن طريق احتراق الديزل.
ونقلت شبكة «سي إن إن» عن ضابطي البحرية الأمريكية مايكل ووكر وأوستن كروسز قولهما عام 2018: «عند العمل بالبطاريات، تكون الغواصات المجهزة بـ AIP صامتة تقريبًا، مع الضوضاء الوحيدة المقبلة من محامل العمود والمروحة والتدفق حول الهيكل».
وقالت شبكة «سي إن إن»، إن الغواصة قادرة على إطلاق طوربيدات، تتبع في أعقاب سفينة مستهدفة قبل أن تنفجر بالقرب من أنظمة الدفع والتوجيه، مشيرة إلى أن الأسطول الصيني مصدر آخر من العبارات المدنية التي يمكن تحويلها بسهولة للاستخدام العسكري.
وقال توماس شوجارت، قائد غواصة البحرية الأمريكية السابق، إن الصين نظمت بالفعل شركات عبارات مدنية تعمل في البحر الأصفر وبحر الصين الجنوبي، في وحدات مساعدة لجيش التحرير الشعبي.
وقالت شبكة «سي إن إن»، إن الميليشيا البحرية أيضًا شيء آخر يجب على الولايات المتحدة مراقبته.
وتتكون القوة من 122 سفينة على الأقل، وما يصل إلى 174 سفينة، وفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS.
وتتكون الميليشيا من جزءين: قوارب الميليشيا المحترفة وقوارب الصيد الفعلية، التي يستخدمها الجيش الصيني بموجب خطة الدعم، حسبما نقلت شبكة «سي إن إن» عن تقرير CSIS، الذي قال إن القوة المحترفة تضايق سفن الحفر الأجنبية، وتحجب قوارب الصيد الأجنبية، بينما تركز قوارب الصيد على التخويف من خلال الأعداد الهائلة.