ماذاوراء حذف 'شراء أيام السجن' من قانون العقوبات البديلة في المغرب؟

المشروع الجديد لقانون العقوبات البديلة الذي أقرته الحكومة، خلا من المادة المثيرة للجدل، الخاصة بأداء غرامات مالية مقابل كل يوم سجن، التي حدد قيمتها ما بين 100 و2000 درهم.

ماذاوراء حذف 'شراء أيام السجن' من قانون العقوبات البديلة في المغرب؟

ترجمات - السياق

بعد صعوبات واجهتها وزارة العدل في طريقها نحو إقراراه، صدَّقت الحكومة المغربية –الخميس- على الصيغة الجديدة لمشروع قانون العقوبات البديلة، ما يحل أزمة الاكتظاظ داخل السجون، ويؤدي إلى خفض التكاليف.

قانون واجه صعوبات بداية طرحه، إلا أن مزيدًا من التنقيح عليه، منحه تذكرة المرور، بتصديق الحكومة عليه، بعد أن أزالت وزارة العدل، مواد الغرامات اليومية، أو ما يعرف بـ«شراء أيام السجن».

كانت النسخة الأولى من مشروع قانون العقوبات البديلة، الذي اقترحه وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي، واجه عراقيل، قبل أن تجمده الحكومة وتقرر تعيين لجنة تقنية وزارية لتدقيقه.

 

ماذا عن القانون؟

المشروع الجديد لقانون العقوبات البديلة الذي أقرته الحكومة، خلا من المادة المثيرة للجدل، الخاصة بأداء غرامات مالية مقابل كل يوم سجن، التي حدد قيمتها ما بين 100 و2000 درهم، الأمر الذي اعترض عليه رئيس الحكومة ومعه وزير الداخلية.

مشروع القانون عرف العقوبات البديلة، بتلك التي يحكم بها بديلًا للعقوبات السالبة للحرية، في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات حبسًا نافذًا، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه، مقابل حريته وفق شروط محكمة.

وبحسب القانون الذي أقرته الحكومة، جرى إقرار عقوبات بديلة روعيت فيها خصوصية المجتمع المغربي، لكي تكون ناجعة وقابلة للتنفيذ، إضافة إلى استثناء الجرائم التي لا يحكم فيها بالعقوبات البديلة نظرًا لخطورتها.

وبحسب نصوص المشروع التي نشرتها وسائل إعلام محلية، فإنه اكتفى بالتنصيص على العمل لأجل المنفعة العامة، كعقوبة بديلة يمكن للمحكمة أن تحكم بها، بديلًا لعقوبة السالبة للحرية، إذا كان المحكوم عليه بالغًا من العمر خمس عشرة سنة على الأقل، في تاريخ صدور الحكم.

ونص القانون على: العمل لأجل المنفعة العامة يكون غير مؤدى عنه، وينجز لمدة تتراوح بين 40 و1000 ساعة لفائدة مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة، أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام.

وبحسب المشروع، فإن المحكمة تَعتبِر لتحديد عدد ساعات العمل لأجل المنفعة العامة المحكوم بها، موازاة كل يوم من مدة العقوبة الحبسية المحكوم بها ساعتين من العمل، مع مراعاة الحدين الأدنى والأقصى لعدد ساعات العمل المنصوص عليها.

ويراعى القانون عند الاقتضاء، توافقه مع مهنة أو حرفة المحكوم عليه، كما يمكن أن يكون مكملًا لنشاطه المهني أو الحرفي المعتاد، ويلتزم المحكوم عليه بتنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، بما لا يتجاوز عامًا واحدًا.

وتطبق على أنشطة العمل لأجل المنفعة العامة المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية أمن وصحة العاملين، إذ تتحمل الدولة مسؤولية تعويض الأضرار التي تسبب فيها المحكوم عليه، التي لها علاقة مباشرة بتنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، ويحق لها الرجوع على المحكوم عليه للمطالبة بما تم أداؤه.

كما يمكن للمحكمة أن تحكم بالمراقبة الإلكترونية بديلًا للعقوبة السالبة للحرية، بالخضوع للمراقبة الإلكترونية، من خلال مراقبة حركة وتنقل المحكوم عليه إلكترونيًا، بواحدة أو أكثر من وسائل المراقبة الإلكترونية المعتمدة.

ويحدد مكان ومدة المراقبة الإلكترونية من المحكمة، ويراعى في تحديدها خطورة الجريمة والظروف الشخصية والمهنية للمحكوم عليه وسلامة الضحايا.

وعدَّ القانون تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية، يحقق قدراً كبيراً من التوازن بين حقوق وحريات الأفراد والمصلحة العامة، المتمثلة في سعي الدولة إلى ردع مرتكب الجريمة.

وقصر القانون النوع الثالث من العقوبات البديلة، على تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، إذ اشترط المشروع للعمل بهذا البديل، في الحالات التي لا تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها خمس سنوات.

ونص القانون على أنه «يمكن للمحكمة أن تحكم بالعقوبة المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية بديلًا للعقوبات السالبة للحرية، في حين نص على اختبار المحكوم عليه والتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج».

ومنح هذا النوع من العقوبات المحكمة، إمكانية أن تحكم بواحدة منها أو أكثر، وهي إما مزاولة المحكوم عليه نشاطًا مهنيًا محددًا أو تتبعه دراسة أو تأهيل مهني محدد، في إجراء يهدف من خلاله المشرع إلى توجيه المحكوم عليه نحو التأهيل على مستوى المهن والحرف التي تتلاءم مع إمكاناته المعرفية، إما بتقييده بمزاولة نشاط مجني معين أو تتبعه دراسة معينة أو تكوين معين.

ونص القانون -كذلك- على إقامة المحكوم عليه بـ«مكان محدد والتزامه بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، أو من عدم ارتيادها في أوقات معينة»، لوضع «قيود على تحركات المحكوم عليه حسب الجريمة التي اقترفها ومدى خطورتها على المجتمع».

ومن العقوبات الأخرى، فرض رقابة يلزم بموجبها المحكوم عليه من قبل قاضي تطبيق العقوبات، بالتقدم في مواعيد محددة، إما إلى السجن وإما إلى مقر الشرطة أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة، فضلًا عن التعهد بعدم التعرض أو الاتصال بالأشخاص ضحايا الجريمة بأية وسيلة كانت، وخضوع المحكوم عليه لعلاج نفسي أو علاج ضد الإدمان، وتعويض أو إصلاح المحكوم عليه للأضرار الناتجة عن الجريمة.

 

أهمية القانون

يقول الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، المتحدث الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن مشروع القانون يواكب التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة والحد من آثارها السلبية وفتح المجال للمستفيدين منها للتأهيل والاندماج داخل المجتمع.

وبحسب متحدث الحكومة المغربية، فإن المشروع يتضمن مقتضيات موضوعية تندرج ضمن المبادئ العامة الواردة في مجموعة القانون الجنائي، وأخرى شكلية تتعلق بتنفيذ العقوبات وفق قواعد الإجراءات الجنائية، من خلال إقرار مجموعة من العقوبات البديلة، بعد الاطلاع على عديد من التجارب ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي، مع استثناء الجرائم التي لا يحكم فيها بالعقوبات البديلة نظرًا لخطورتها، وأخذا بالاعتبار حالات العود التي لا يتحقق فيها الردع المطلوب.

ويقول مراقبون، إن أفضل شيء أقرته الحكومة، إلغاء بيع العقوبة وشرائها، مشيرين إلى أن فقرة كهذه، كانت ستحول السجون للفقراء، وستجعل من الجريمة منتجات تباع وتشترى.