ما مستقبل الليرة التركية بعد الانتخابات؟
تراجعت العملة، التي دعمها المصرف المركزي بصورة مكثفة قبل الانتخابات الرئاسية، سبعة في المئة إلى 23.15 ليرة للدولار.

السياق
هبطت قيمة الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار، بعد أكثر من أسبوع على إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان.
وتراجعت العملة، التي دعمها المصرف المركزي بصورة مكثفة قبل الانتخابات الرئاسية، سبعة في المئة إلى 23.15 ليرة للدولار.
ووصل تراجعها إلى 7.7% مقابل اليورو بعدما تخطت عتبة 25 ليرة لليورو الواحد الرمزية، مسجلة أكبر تراجع في يوم واحد منذ انهيارها أواخر عام 2021.
يأتي تراجع الليرة بعد أن أوقفت مؤسسات الإقراض الحكومية مبيعات الدولار مؤقتاً، في إشارة إلى تخلي الفريق الاقتصادي الجديد عن استراتيجية الدعم المكلفة، في إطار التحول المتوقع نحو سياسات أكثر تقليدية، حسبما ورد في تقرير لوكالة بلومبرغ الأمريكية.
نُصب أردوغان -السبت- بعد فوزه في الدورة الانتخابية الثانية في 28 مايو، وشكّل حكومة جديدة عيّن فيها السياسي الداعم للأسواق محمد شيمشك وزيرًا للمال.
وأقر شيمشك، خبير الاقتصاد السابق لدى شركة ميريل لينش، المعروف بمعارضته لسياسات أردوغان الاقتصادية المخالفة للمبادئ السائدة، بأن "لا حلّ سريعًا" للنهوض بالعملة الوطنية.
وأكد مجددا -في تغريدة- التزامه بـ"احترام القواعد" موضحًا "أولويتنا الفورية تعزيز فريقنا ووضع برنامج جدير بالمصداقية".
شيمشك قال بعد وقت قصير من توليه المنصب: "لا خيار لدينا غير العودة إلى المنطق"، في مؤشر على ابتعاده عن السياسة غير التقليدية القائمة على خفض معدلات الفائدة لمكافحة التضخم المرتفع.
وقال خبير الاقتصاد المتخصص بالأسواق الناشئة تيموثي آش في لندن: "بصرف النظر عمّن يفوز في الانتخابات، كانت التوقعات بأن الليرة ستتراجع إلى مستوى أكثر تنافسية".
وأفاد آش -في مذكرة- بأن تراجع الليرة يكشف "تأثير" دفع شيمشك المصرف المركزي، إلى اتباع "سياسة عقلانية"، ما يعني عملة أضعف وأكثر تنافسية. وأضاف: "نرى آثار تطبيع السياسة".
رفعت المصارف المركزية بالعالم معدلات الفائدة، في مسعى للسيطرة على التضخم، بينما كان أردوغان متمسكـًا بمعدلات الفائدة المنخفضة سعيًا لتحفيز النمو. ووصف في إحدى المرات رفع المعدلات بأنه "أساس الشر كلّه" وتدعمه "جماعة ضغط تنفّذ مصالح" خارجية.
إزالة الفوضى
وقالت خبيرة الاقتصاد غولدم أتاباي، إن هبوط الليرة انعكاس لتراجع تدخلات المصرف المركزي المكلفة في سوق العملات الأجنبية.
وأوضحت: "تم الآن إما التخلي عن ذلك أو تخفيفه كثيرًا".
وتوقعت بأن تواصل الليرة تراجعها إلى حين صدور قرار المصرف المركزي بشأن معدل الفائدة في 22 يونيو. وأفادت: "سنرى إلى حين حلول ذلك الموعد، إن كان الدولار سيبقى عند 23 أو 25 ليرة".
التقى شيمشك حفيظة غاية أركان، وهي مسؤولة مالية بارزة في الولايات المتحدة، يُعتقد أنها ستكون الحاكمة المقبلة للمصرف المركزي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية هذا الأسبوع.
ويتوقع كثيرون أن تحل المساعدة السابقة للرئيس التنفيذي لمصرف الجمهورية الأول، المديرة العامة لغولدمان ساكس، مكان حاكم المصرف المركزي شهاب قافجي أوغلو.
وفي عهد قافجي أوغلو، خفض المصرف معدل الفائدة إلى 8.5 في المئة، في حين كان المعدل 19 في المئة عام 2021.
وأشارت المحللة البارزة في مصرف سويس كوت، إبيك أوزكاردسكايا، إلى أنه يفترض أن يعمل شيمشك على "إزالة الفوضى" التي سادت خلال عام ونصف العام، لاستعادة ثقة المستثمرين، لكنها حذّرت من أن "الأمر لن يكون سهلًا".
وقالت بمذكرة: "في السنوات الماضية، لم تفتقر تركيا إلى وزراء مال موهوبين أو مصرفيين أذكياء في البنك المركزي، لكن في كل مرة يحاول شخص ما أداء وظيفته أو وظيفتها بشكل صحيح -وهو ما يعني في تركيا رفع المعدلات- سرعان ما يقال أو تقال".
وتابعت: "لذلك، ما يرغب المستثمرون برؤيته في تركيا هو ليس إلى أي حد يعد محمد شيمشك موهوبًا في مجال المال، بل إلى أي حد سيقاوم ضغط مكتب الرئاسة لإبقاء معدلات الفائدة منخفضة".