بتهمة تنفيذ هجوم شيراز الدامي... إيران تعلن اعتقال 26 أجنبياً

أعلنت وزارة الأمن الإيرانية -في بيان- أن عمليات الرصد التي تم تنفيذها حتى الآن، أدت إلى تحديد هوية واعتقال مسبّبي الحادث الدامي في شيراز.

بتهمة تنفيذ هجوم شيراز الدامي... إيران تعلن اعتقال 26 أجنبياً

السياق

بعد أيام من الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من عشرة أشخاص، أعلنت السلطات الإيرانية –الاثنين- توقيف 26 "إرهابيًا" من الأجانب، لصلتهم بالاعتداء على مرقد ديني في مدينة شيراز تبناه تنظيم داعش.

وقُتل 13 شخصًا على الأقل في 26 أكتوبر حين أطلق مسلّح النار في مرقد أحمد بن موسى الكاظم (المعروف بـ "شاه جراغ") في شيراز، مركز محافظة فارس، وهو أبرز المراقد الدينية الشيعية جنوبي إيران.

وأعلنت وزارة الأمن الإيرانية -في بيان- أن "عمليات الرصد التي تم تنفيذها حتى الآن، أدت إلى تحديد هوية واعتقال مسبّبي الحادث"، مضيفة: "تم حتى الآن اعتقال 26 إرهابيًا تكفيريًا" كانوا يعتزمون "تنفيذ عمليات مماثلة" للهجوم الذي كان الأكثر دموية في إيران منذ 2019.

وتستخدم عبارة "تكفيريين" عادة للإشارة إلى مسلحين ينتمون إلى تنظيمات دينية متطرفة.

وأضافت الوزارة أن الموقوفين غير إيرانيين ويحملون "جنسيات أذربيجان وطاجيكستان وأفغانستان"، وأن توقيفهم تم في محافظات عدة، مثل فارس وطهران وألبرز وكرمان وخراسان الرضوية، إضافة إلى "الحدود الشرقية" للبلاد.

وسبق لوزارة الأمن أن أعلنت في 31 أكتوبر توقيف سبعة أشخاص لصلتهم بالهجوم، بينهم "الثاني المنفّذ" الذي ساعد مطلق النار، علمًا بأن الأخير أوقف بعيد الاعتداء وتوفي لاحقًا متأثرًا بجروحه.

وأوضحت –الاثنين- أن المنفّذ "اسمه سبحان كمروني ويعرف بأبو عائشة، وكان من رعايا طاجيكستان"، ومن ساعده من دون أن يدخل المرقد برفقته "أفغاني يدعى محمد رامز رشيدي ويعرف بأبو بصير".

وأشارت الى أن "الموجه الرئيس لتنسيق العمليات داخل البلاد من رعايا أذربيجان"، ودخل إيران عبر مطار الإمام الخميني في طهران آتيًا من باكو.

وأضافت أنه "بعد وصوله إلى طهران، أبلغ التنسيقي في أذربيجان بوصوله واتصل على الفور بشبكة من الرعايا الأجانب لتنظيم داعش".

معاقبة المسؤولين

وتعهد مسؤولون إيرانيون، يتقدمهم المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي بـ"معاقبة" المسؤولين عن الهجوم.

وأوضح رئيسي في تصريحات بعد اعتداء شيراز، أن أعمال "الشغب" تمهّد الطريق أمام "الأعمال الإرهابية"، مشيرًا إلى أن "نيّة العدو هي إعاقة تقدم البلاد ومن ثم أعمال الشغب هذه تمهّد الطريق أمام أعمال إرهابية" مثل هجوم شيراز.

جاء الهجوم في وقت تشهد إيران منذ 16 سبتمبر، احتجاجات على خلفية وفاة مهسا أميني، بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في البلاد.

وقضى العشرات على هامش الاحتجاجات، أغلبيتهم من المحتجين، ومن قوات الأمن كذلك، وأوقف مئات آخرون في التحركات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات الإيرانية، وما يرى فيها المسؤولون "أعمال شغب".

محاولة هروب

إلى ذلك، قالت الكاتبة والباحثة في الشأن الإيراني ولاء عبد الله أبوستيت، في تصريحات لـ«السياق»، إن إعلان «داعش» الإرهابي، مسؤوليته عن تنفيذ هجوم ضريح شيراز جنوبي إيران، يثير العديد من علامات الاستفهام، عن كيفية وصول التنظيم الإرهابي إلى إيران.

وأوضحت الباحثة في الشأن الإيراني، أن الهجوم المزعوم ما هو إلا محاولة من النظام الإيراني، للافتئات على ما يجري في الشارع منذ وفاة مهسا أميني، بعد أن اشتعلت المدن والمحافظات الإيرانية بالاحتجاجات، التي كان وقودها طلبة الجامعات، بما فيهم جامعة طهران، والكرد الإيرانيون الذين تنتمي لهم مهسا أميني.

وبينما قالت إن ثمة مخاوف أمنية إيرانية من حراك شعبي كردي في مدينة مهاباد، بتظاهرات يتوعدها الحرس الثوري بالعنف، أشارت إلى أن تلك العملية الإرهابية، تعد محاولة للهروب من الضغوط الداخلية، عبر فزاعة تنظيم داعش الإرهابي.

وأكدت الباحثة في الشأن الإيراني، أن تصريح رئيس هيئة الأركان المسلحة الإيرانية، محمد باقري، الذي استخدم فيه لأول مرة كلمة العربي، حينما قال إنه «تم التخطيط للفتنة في إيران وإدارتها بواسطة المثلث المشؤوم العبري العربي الغربي»، يشير إلى أن طهران خططت لاستخدام تنظيم داعش، كممثل للخطر العربي المزعوم، أملًا بتوحيد جبهتها الداخلية.

مشهد مصنوع

الباحث في الشؤون الإيرانية إسلام المنسي وافق الباحثة أبوستيت، مشيرًا إلى أن الهجوم المنسوب إلى تنظيم داعش، يأتي في وقت يعاني في النظام الإيراني أزمة كبيرة، إذا يطالب مواطنون من جميع أنحاء البلاد برحيله.

وبينما قال إن سيناريو داعش والإرهاب هو من صُنع نظام طهران لأنه المستفيد منه لتحفيف الضغوط الداخلية، قال إن التنظيم الإرهابي له ارتباطات قديمة بإيران، فقد سبق أن استخدمته السلطات الإيرانية في قضية الأحواز لتشويه المعارضة هناك، ووصفها بأنها تتبع تنظيم داعش الإرهابي.

وأكد الباحث في الشؤون الإيرانية، أنه ثبت من عمليات وشواهد كثيرة، وجود تنسيق وعلاقة قوية وترابط بين تنظيم داعش الإرهابي وإيران، وأن طهران تستفيد من عمليات هذا التنظيم الإرهابي، كما حدث في العراق وسوريا وغيرها.

وأشار إلى أن المشهد الحالي باستدعاء «داعش»، ربما يكون مصنوعًا لخدمة النظام وتشويه الاحتجاجات، ووصفها بأنها احتجاجات إرهابية، وأن إرهابًا دوليًا بدأ يضرب داخل الأراضي الإيرانية، ما يشرع إجراءات النظام بقمع المحتجين، لأنه يحارب إرهابيين.

عملية نوعية

إلا أن رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، الدكتور محمد محسن أبو النور، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن هذه العلمية لا تعد اختراقًا للجدار الأمني الإيراني من «داعش»، مشيرًا إلى أنها عملية نوعية غير مرتب لها، نفذها مسلح، ما يعني أن إمكانية حدوثها في أي مكان واردة.

وعبَّـر أبو النور عن عدم اعتقاده بأن أجهزة الأمن الإيرانية يمكن أن تلجأ لتسهيل تلك العمليات، خاصة أنها ستضرب سمعة النظام الإيراني أمام الكتل المؤيدة له، في الأوساط الشعبية والأطياف المحافظة، وكذلك الأجنحة الشعبية الأكثر تشددًا، مؤكدًا أن هذا التساهل -إن حدث- سينعكس سلبًا على صورة النظام أمام الشعب.

ولم يغفل رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، ما يعانيه الأمن الإيراني من مشكلات كبرى، كالتنظيم الأمني والتنسيق بين الأجهزة المختلفة، بخلاف مشكلات بنيوية مرتبطة بتضارب المهام والاختصاصات والتراتبية.