رحلات مجانية لكأس العالم مقابل الترويج لقطر والإبلاغ عن المنتقدين

قدمت ‎قطر للمشجعين رحلات لكأس العالم مجانية ... لكن فقط إذا وعدوا بعدم انتقاد قطر ، والإبلاغ عن من يفعلون ذلك

رحلات مجانية لكأس العالم مقابل الترويج لقطر والإبلاغ عن المنتقدين

ترجمات -السياق 

في تواصل لسلسلة الأحداث المرتبطة ببطولة كأس العالم لكرة القدم، التي تستضيفها قطر هذا الشهر، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن منظمي البطولة بدأوا منح مزايا مغرية لفئة من المشجعين المؤثرين، لكن وفق شروط مقيدة تفرضها الدوحة، أبرزها عدم انتقاد قطر والغناء عندما يُطلب منهم ذلك، والإبلاغ عن أي منشور ينتقد البلد المضيف.

وحسب الصحيفة، أعلن منظمو كأس العالم لكرة القدم في قطر أنهم سيقدمون رحلات مجانية لمجموعات من المشجعين لحضور البطولة، التي تنطلق 20 نوفمبر الجاري.

لكن هذا العرض، الذي يشمل رحلات طيران وتذاكر مباريات وإقامات جميعها مجانية، يتطلب من المشجعين تنفيذ بعض الشروط، التي حددها المنظمون.

ووفق الصحيفة، يُطلب من المشجعين المختارين، الذي يقبلون هذا العرض، الالتزام بعقود تتطلب منهم اتباع قواعد سلوك معينة.

وأشارت إلى أنه مقابل الحصول على هذه الامتيازات، سيُطلب من المشجعين المختارين، الذين يصل عددهم إلى 50 من كل دولة، المشاركة في احتفالية، قبل المباراة الافتتاحية للبطولة، 20 نوفمبر الحالي.

قبضة

وذكرت "نيويورك تايمز" أن المنظمين لكأس العالم سيوفرون تذاكر السفر ومسكنًا مجانيًا للمشجعين، الذين سيختارون بعناية، وتذاكر دخول المباريات بشكل مجاني، إلى جانب منح مصروف جيب للمشجع طوال وجوده في قطر، لكن إذا تعهد -من خلال عقد يوقع عليه- بالالتزام بالشروط التي فرضتها قطر.

ورأت الصحيفة أن هذه المزايا ليست سوى "قبضة"، لضمان ولاء المشجعين وعدم خروجهم عن الاتفاق، مشيرة إلى أن المنظمين خصصوا 5 دقائق من احتفالية الافتتاح لفقرة يقدمها المشجعون المستفيدون من العرض، تشمل غناء كل مشجع لهتاف أو أغنية خاصة ببلده، من اختيار اللجنة المنظمة.

كان المنظمون قد بدأوا هذه الحملة وإرسال الدعوات في سبتمبر الماضي، التي تستهدف المشجعين المؤثرين، ومن بينهم فنانون ومشجعون مشهورون في بلدانهم، ومن اتحادات كرة القدم العالمية.

وتتضمن شروط العرض أن يدعم المشجعين المختارين الترويج لكأس العالم في قطر، والمبالغة في دعم البطولة عن طريق "الإعجاب بمنشورات أطراف ثالثة، وإعادة مشاركتها" عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كما تتضمن الشروط أيضًا أن يبحث كبار المشجعين عن التعليقات السلبية على منشوراتهم، وإبلاغ المنظمين بـ "أي تعليقات هجومية، أو مهينة أو مسيئة"، وتقديم "لقطات شاشة" للمنشورات المسيئة، متى أمكن.

وبحسب وثائق وعقود -حصلت عليها "نيويورك تايمز"- وصدَّق على صحتها العديد من المشجعين، تلقى المشاركون تحذيرات من أنه رغم عدم مطالبتهم بأن يكونوا "لسانًا ناطقًا" باسم قطر، "فلن يكون من الملائم الانتقاص من قدر الدولة أو البطولة".

فقد أخبر مشجع هولندي شبكة إن أو إس الهولندية، بأنه وافق على اختيار مشجعين من هولندا، وكذلك وافق عضو مجلس إدارة في رابطة المشجعين الأمريكيين، المعروفة بـ"أمريكان آوت لوز"، على المشاركة، ثم ساعد في تسجيل مشجعين آخرين.

وأفادت الصحيفة الأمريكية، بأن مئات المشجعين من مختلف اتحادات الفيفا قبلوا العرض، إلا أن آخرين رفضوا بسبب الشروط، وفي هذا الشأن، قال مشجع فرنسي يدعى جوزيف ديلاغ -وهو عضو مجموعة مؤيدين فرنسيين بارزين- لصحيفة لو باريزيان الفرنسية: "رغم سخاء العرض، فضلت أن أظل مخلصًا لقيمي".

أصوات صديقة

وبينت "نيويورك تايمز" أن العرض القطري يُعد المرة الأولى التي تدفع دولة مضيفة لمجموعات من المشجعين من الدول المتنافسة لحضور كأس العالم، لكنها ليست المرة الأولى التي تعمل فيها قطر لملء المدرجات بأصوات صديقة، فعام 2019، استعانت قطر بالعمال المهاجرين وأطفال المدارس، لملء المقاعد الشاغرة في بطولات ألعاب القوى بالدوحة.

ومع الكشف عن هذه العروض، حاول ممثلو اللجنة العليا للمشاريع والإرث، هذا الأسبوع، التقليل من شأن الشروط الصريحة والضمنية في هذا العرض.

وقال مدير إدارة التفاعل مع المشجعين في اللجنة، أحسن منصور للصحيفة الأمريكية: "لا يوجد إلزام بترويج أو فعل أي شيء".

ودافع منظمو كأس العالم عن العرض المقدم للمشجعين، وقالوا إنه مجرد "تقدير للوقت الذي قدموه لمساعدة قطر في الاستعداد للتدفق الأجنبي غير المسبوق" في تاريخها، وفق "نيويورك تايمز".

وقال منصور: إن المشجعين "ليست لديهم أي علاقة رسمية أو تعاقدية مع كأس العالم، وليسوا سفراء لها"، مضيفًا أن المطلوب منهم هو شغل مقاعدهم في حفل الافتتاح.

ولكن -حسب الصحيفة الأمريكية- فإن من يخالف تلك الشروط، مهدد بالاستبعاد من البرنامج.

وقال مدير رابطة المشجعين الأوروبيين رونان إيفين: "على مدى اثني عشر عامًا منذ حصول قطر على حق تنظيم كأس العالم، بذلت جهودًا حثيثة لتحسين صورتها الوطنية والدفاع عنها وسط اتهامات بالفساد ومخاوف بيئية وقضايا حقوق الإنسان".

وحسب الصحيفة، بدأ برنامج تسجيل المعجبين كسفراء فعليين عام 2020، عندما تواصلت اللجنة العليا مع الاتحادات الوطنية في جميع أنحاء العالم، وطلبت الاتصال بمجموعات المشجعين الرائدة لفهم احتياجات الزوّار بشكل أفضل.

كانت قطر -التي لا تمتلك أي تقليد خاص بها لاستضافة الأحداث الرياضية الكبيرة، مع القليل من الثقافة المحلية للمشجعين- تكافح مع مهمة معقدة، وهي كيفية إنشاء تجربة بطولة تبدو جاذبة للمشجعين الزائرين، وفي الوقت نفسه مناسبة أيضًا للأعراف الثقافية لدولة قطر، كدولة مسلمة محافظة.

وأشارت الصحيفة إلى أن أغلبية الاتحادات امتثلت لهذه المفاهيم، وقال متحدث باسم كرة القدم الأمريكية إن اتحاد بلاده تلقى طلبًا من مسؤولي كأس العالم يتطلعون للتواصل مع المشجعين، لكن الاتحاد لم يلعب أي دور في اختيار هؤلاء المشجعين.

بينما قامت الاتحادات الأخرى إما بتزويد جهات الاتصال بمجموعات المعجبين رفيعة المستوى، وإما في حالة إنجلترا، من خلال وضع نموذج اشتراك، نيابة عن لجنة كأس العالم في قطر على الموقع الإلكتروني لنادي المعجبين الرسمي.

وقال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم: "قيل لنا إن هذه فرصة للتواصل مع المشجعين من جميع الدول المتنافسة، للتأكد من أن صوت المشجعين مسموع بوضوح في التخطيط لكأس العالم، وإنه يتم الاتصال بالعديد من الاتحادات الدولية لكرة القدم في هذا الشأن".

لكن -حسب "نيويورك تايمز"- فإنه خلال العامين الماضيين، توسع البرنامج بهدوء، وسافر كبار المشجعين إلى قطر للقاء منظمي البطولة الحريصين على سماع ما يتوقعه المشجعون.

وارتكزت هذه الزيارات، التي استمرت كل واحدة منها أسبوعًا، على حضور 3 أحداث مهمة: كأس العرب، والقرعة الرسمية للبطولة في أبريل الماضي، وافتتاح استاد لوسيل الدولي، الذي سيستضيف نهائي كأس العالم في ديسمبر.

وخلال تلك الزيارات، حظى المشجعون بضيافة من الدرجة الأولى، وتمكن بعضهم من مقابلة اللاعب الإنجليزي الشهير، ديفيد بيكهام، أحد الوجوه الدعائية الكثيرة، التي تستخدمها قطر للترويج لكأس العالم.