ذكرى وفاة مهسا أميني الأربعون.. الجامعات تنتفض والنظام يرد بالاعتقالات
إيران... الذكرى الأربعون لوفاة مهسا أميني تطلق شرارة التظاهرات الكبيرة وغضب عارم يؤرق النظام

السياق
في خضم الاحتجاجات التي لم تخمد جذوتها بعد مرور قرابة 6 أسابيع على اندلاعها، بات الوضع في إيران على شفا الانهيار، مع الإعلان عن تنظيم تظاهرات كبيرة، في الذكرى الأربعين لوفاة مهسا أميني، الفتاة التي أثارت وفاتها غضبًا عارمًا وأطلقت شرارة الأحداث الحالية في إيران.
تلك التظاهرت «الكبيرة» المزمع تنظيمها الأربعاء، تأتي بالتزامن مع احتجاجات اندلعت الثلاثاء في عشرات الجامعات، وفي عدد من مدن إيران.
فطلاب في مدن مختلفة نظموا احتجاجات في عدد من الجامعات بينها جامعة القم، وبحضور المتحدث الرسمي باسم حكومة إبراهيم رئيسي، علي بهادري جهرمي، الذين عطلوا اجتماعه، بهتافات مضادة للنظام الإيراني.
وبشعارات مثل: «أيها الباسيجي كل جيدًا إنها النهاية»، و«حرية... حرية... حرية»، و«الطلاب يموتون ولا يقبلون الذل»، احتج الطلاب على خطاب بهادري جهرمي.
انتفاضة بالجامعات
ومن جامعة قم إلى جامعة علامة، كان الطلاب حاضرين بتجمعات في ساحتها بـ«كفن رمزي»، ضاربين بأقدامهم على الأرض، مرددين هتافات مثل: «الوطن غارق في الدماء والأطفال في الكفن»، و«حديثكم كذب، الجامعة أصبحت معسكرًا وأنت العشب الضار وأنا المرأة الحرة».
وإلى جامعة «خواجه نصير» التي نظم طلابها تجمعًا، الثلاثاء، احتجاجًا على استضافة وخطاب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، علي بهادري جهرمي، الاثنين، في الجامعة، مرددين هتافات من قبيل: «كل هذه السنوات من الجريمة... الموت لولاية الفقيه، ولم تعد تنفع المدافع والدبابات... على الملالي أن يرحلوا».
ومن الجامعات إلى المدارس، كانت مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل حاضرة بتوثيق تلك الاحتجاجات، التي اندلعت في إحدى مدارس طهران، والتي انضم فيها المعلمات إلى فتيات المدرسة، بشدو أغنية «من أجل...» في ساحة المدرسة.
وبينما هاجمت القوات الأمنية تجمع الأطباء في شيراز، الثلاثاء، أعلن أعضاء الجهاز الطبي في طهران وأصفهان أنهم سيجتمعون الأربعاء والخميس للاحتجاج على تدخل قوات الأمن في عملية العلاج.
جاء في دعوة للتظاهرات بإيلام، التي نشرت تحت عنوان: «الإنذار الأخير للحرس الثوري الإيراني في إيلام» بمناسبة الذكرى الأربعين لانتفاضة الشعب الإيراني من أجل الحرية: «إذا استمر الحرس الثوري الإيراني في اعتقال الشباب الثوري سنفتح ملفات الفساد الأخلاقي لقادته».
الاحتجاجات تأتي استكمالًا للتظاهرات، التي اندلعت الاثنين، في مدن إيرانية وجامعات، بحسب مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي مدينة الأهواز الجنوبية الغربية، طالب عمال مصنع الصلب بالإفراج عن أكثر من 250 موظفًا محتجزًا، ورددوا هتافات: «سنقاتل، سنموت، سنستعيد إيران» وسط المدينة، وفقًا لأحد مقاطع الفيديو.
المدارس تنتفض
كانت هناك تقارير إخبارية عدة عن مواجهة في مدرسة للبنات بطهران بين أولياء أمور الطلاب وأفراد الأمن، بعد أن سعى مديرو المدرسة إلى تفتيش الطلاب.
ودعت مجموعة «شباب أحياء طهران» بمناسبة الذكرى الأربعين لوفاة مهسا أميني، الإيرانيين للنزول إلى الشوارع غدًا الأربعاء، في العاصمة طهران، وجميع أنحاء إيران لمواصلة التظاهرات ضد النظام الإيراني.
وطالبت بتجمعات احتجاجية ومظاهرات في مختلف أحياء طهران وجميع أنحاء إيران، قائلة: «نؤيد أي عمل يلحق الضرر بالنظام الإيراني، ونبقي هذه الثورة مشتعلة حتى تتحقق العوامل الضرورية الأخرى، بما في ذلك المزيد من تعاون الناس في الداخل والخارج».
وقالت مجموعة من ناشطات حقوق المرأة الإيرانية: بمناسبة الذكرى الأربعين لمقتل مهسا أميني والاحتجاجات العامة في البلاد، سنملأ الأربعاء الشوارع من أجل المساواة والعدالة والحرية للمرأة.
وتابعت: «منذ ما يقرب من 40 يومًا، ونحن نردد اسم مهسا أميني في الشوارع كرمز للحرية، وكل يوم نحزن على مهسا أخرى، نحن نعلم الآن أن الحرية هي الحياة والحياة مقاومة، ونعلم أن كل واحد منا قائد هذه الثورة، وأصوات من يريدون الحقوق أعلى من المصادرة».
أول إجراء قانوني كبير
من جانبها، قالت «وول ستريت جورنال»، إن السلطات الإيرانية وجَّهت اتهامات لمئات الأشخاص في طهران في ما يتعلق بالاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، مشيرة إلى أنه أول إجراء قانوني كبير تتخذه السلطات لقمع الاضطرابات.
وقال مسؤولون قضائيون، إن 516 شخصًا كان لهم دور رئيس في الاحتجاجات، سيقدمون للمحاكمة هذا الأسبوع، بينهم 315 في طهران و201 في محافظة مجاورة، وفقًا لوكالات الأنباء الإيرانية الرسمية التي قالت إن أربعة متهمين بـ«الحرب على الله»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام.
ونقلت عن رئيس القضاء الإيراني، غلام حسين محسني إيجي، قوله في اجتماع للمجلس القضائي في البلاد: «هؤلاء الأفراد سيعاقبون وهذه العقوبة ستكون مثبطة».
واعتقلت السلطات الإيرانية عددًا غير معروف من الأشخاص منذ بدء الاحتجاجات في 19 سبتمبر، بحسب «وول ستريت جورنال»، التي قالت إن السجون المكتظة مملوءة بالسجناء.
شهريار شمس، طالب من شمالي إيران، اعتقل مؤخرًا لمشاركته في المظاهرات، قال إنه كان محبوسًا في زنزانة من خمسة أشخاص، وتم استجوابه ثلاثة أسابيع في سجن إيفين، وهو مجمع مترامي الأطراف حيث يحتجز العديد من المعارضين والمجرمين المدانين.
وأضاف شمس، في تصريحات لـ«وول ستريت جورنال»، أن مركز الاستجواب في السجن كان مزدحمًا بالمعتقلين من الاحتجاجات، بينهم قُصَّر، مشيرًا إلى أنه بعد أعمال شغب في السجن 16 أكتوبر الجاري، أطلق سراحه بكفالة وينتظر المحاكمة.
ومن المرجح أن يواجه بعض المتهمين، مزاعم بأنهم تعاونوا مع حكومات أجنبية، وهي محاولة من السلطات لدعم ادعائهم بأن الاحتجاجات بتحريض من جهات خارجية.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية، إنه إضافة إلى من يواجهون المحاكمة لانضمامهم إلى الاحتجاجات، ألقت السلطات القبض على 10 متهمين بالتعاون مع جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) في تنفيذ هجمات ضد قوات الأمن الإيرانية.
وقال المدعي العام في طهران علي صالحي، في اجتماع المجلس القضائي الاثنين، إنهم متهمون بـ«عقد تجمعات والتواطؤ بنية العمل ضد الأمن القومي»، وكذلك بالدعاية وتعطيل النظام العام، بحسب وكالة تسنيم شبه الرسمية.
القتل بالرصاص
ونقلت شبكة بي بي سي بالإنجليزية، عن مصادرها قولها، إن قوات الأمن الإيرانية قتلت بالرصاص رجلًا يبلغ من العمر 21 عامًا خلال احتجاجات في مدينة آمل الشهر الماضي، مشيرة إلى أن عرفان رضائي صُوِّر وهو يمزق ملصق حكومي يظهر المرشد الأعلى قبل وقت قصير من قتله في 21 سبتمبر الماضي.
وقال المصدر في تصريحات لـ«بي بي سي» إن فرزانة برزكار والدة عرفان، أبلغها المسؤولون بأنه نُقل إلى المستشفى بعد فترة وجيزة من الاحتجاج.
ولم تخبرها الممرضات في المستشفى بمكانه، لكن بعد ثلاث ساعات من البحث وجدت ملابسه ملطخة بالدماء خارج غرفة العمليات وأغمي عليها.
وقال المصدر إن عرفان توفي متأثرًا بأضرار بالغة في الكلى والطحال ناجمة عن إصابته بعيار ناري في ظهره، مضيفًا أن الرصاصة أطلقت من مسدس من مسافة خمسة أمتار (16 قدما).
وسلمت السلطات جثة عرفان لعائلته بعد يومين، بشرط أن يقيموا جنازة هادئة، بحسب المصدر.
وقال المصدر إن قوات الأمن ضغطت عليهم أيضًا ليقولوا إن عرفان كان أحد المارة قُتل برصاص «مثيري الشغب»، كما صور قادة إيران المحتجين، مشيرًا إلى أن الأسرة سُمح لها بالدفن والجنازة لأن والد عرفان كان من قدامى المحاربين في الحرب الإيرانية العراقية، ولا يزال يعاني آثار الأسلحة الكيماوية واضطراب ما بعد الصدمة.