صراع داخلي أم أدوات تخريبية؟... خبايا إطلاق ذراعي الإخوان الإعلاميتين
قال منير أديب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، إن الهدف الأساسي من إطلاق قناتي الحراك والشعوب، نشر الفوضى والتخريب ومحاولة إسقاط الدولة المصرية.

السياق
صراع داخلي أم أدوات تخريبية؟، سؤال شق طريقه من دون إجابات شافية، بعد إطلاق تنظيم الإخوان الإرهابي ذراعين إعلاميتين جديدتين، لإشعال الفتنة داخل مصر والدول العربية.
تلك القناتان تزامنتا مع ظهور تيار التغيير الذي يُعرف بالجناح المسلح لتنظيم الإخوان مرة أخرى بعد سباته العميق، وبعد أشهر من صراع النفس الطويل، بين جبهتي لندن بقيادة إبراهيم منير واسطنبول بقيادة محمود حسين، الذي لم يحسم.
وبينما يرى مراقبون ربطًا من نوع ما بين توقيت إطلاق القناتين والدعوات الفوضوية لتنظيم الإخوان الإرهابي لاحتجاجات في مصر بالتزامن مع مؤتمر المناخ، المقرر عقده الشهر المقبل، قال آخرون إن تدشين الذراعين الإعلاميتين يأتي في إطار الصراع بين جبهتي الإخوان، اللتين انضمتا إليهما جبهة ثالثة في التناحر على إرث حسن البنا.
ورغم ذلك، فإن المراقبين اتفقوا على إن إطلاق قناتي (الحراك) و(الشعوب)، يفند مزاعم الإخوان، بشأن المراجعات الفكرية وعدم العودة للعمل السياسي والاكتفاء بالدعوي، خاصة بعد غلق القيادة السياسية في مصر أبواب التصالح أمام من تلوثت يداه بدماء المصريين.
كواليس الإطلاق
حاولت «السياق» عبر مصادرها المقربة من المكتب الإداري لجماعة الإخوان الإرهابية في اسطنبول، كشف خبايا إطلاق هاتين القناتين، ومن يقف وراء تمويلهما وأماكن بثهما، وهو ما تمخض عن مفاجآت عدة.
فبحسب مصادر «السياق»، فإن قناة «الحراك 11/11» توقفت بعد ساعات من انطلاقها، بعد تواصل القاهرة مع الشركة الفرنسية المالكة للترددات التي كانت ستبث منها، مشيرة إلى أنها كانت تتبع المعارض الموالي لتنظيم الإخوان الإرهابي أيمن نور.
وبينما قالت المصادر القريبة من أيمن نور، التي رفضت كشف هويتها، إن القناة كانت ستبث من الولايات المتحدة، أكدت أنها كانت تهدف إلى التحريض على النظام المصري، والحشد للتظاهر 11 نوفمبر المقبل، وإرباك الشارع والتشكيك في مؤسسات الدولة وكسر الثقة بينها وبين المواطنين.
أما قناة الشعوب، فأكدت المصادر المقربة من المكتب الإداري للإخوان في تركيا، أنها تتبع جبهة اسطنبول بقيادة محمود حسين، مشيرة إلى أن الأخير له علاقات قوية برجال الأعمال في التنظيم، الذين يتولون تمويلها، بعد أن جرى الإعداد لها منذ فترة طويلة.
وقالت مصادر «السياق»، إنها تهدف إلى استعادة محمود حسين السيطرة على إعلام الإخوان، وتوجيه رسائل إعلامية للشارع المصري وعدد من الدول العربية الإقليمية، لإرباكها وزعزعة ثقة المواطنين في الأنظمة العربية، مشيرة إلى أنها ستبث من إسبانيا، وليس من بريطانيا.
راعٍ جديد
إلى ذلك، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، في تصريحات لـ«السياق» إنها تكشف عن راعٍ جديد للتنظيم الإرهابي، في ظل تراجع تركيا وقطر خطوة إلى الخلف، مشيرًا إلى أن «الإخوان» جماعة وظيفية، فهي تعد إحدى أدوات الحرب بالوكالة، والعمل على تحقيق أجندات أجنبية.
وأوضح فاروق، أن إطلاق القناتين يأتي ضمن مشروع هدم الجبهة الداخلية في مصر وزعزعة الثقة بين الدولة ومؤسساتها والدولة والمواطنين، عبر استغلال الأزمة الاقتصادية، ووضع القاهرة في موقف الدفاع عن النفس.
وأشار إلى أن الدعوات الأخيرة للتظاهر في 11 نوفمبر المقبل، تهدف إلى إرباك المشهد وإرهاق الأجهزة الأمنية المصرية، فضلًا عن التغطية على مجموعة أحداث «مهمة»، مثل المؤتمر الاقتصادي والحوار الوطني ومؤتمر المناخ.
وأكد الباحث في شؤون جماعات الإرهابية، أن تنظيم الإخوان يعمل على صناعة ضغط على الدولة المصرية، لوضعها في موقف المفاضلة بين خيارين: جبهة تمارس العنف يتم تشكيلها الآن وتمويلها وتشكيل أدواتها "تيار التغيير"، وأخرى تقدم تنازلات في سبيل المصالحة والاكتفاء بالعمل الدعوي، هي جبهة إبراهيم منير.
وأشار إلى أن اختيار الدولة المصرية للجبهة الدعوية، قد يترتب عليه احتواء من الأبواب الخلفية بشكل غير معلن، مثل تخفيف القبضة الأمنية عليهم، أو تلبية مطالبهم بالإفراج عن قيادات مكتب الإرشاد تحديدًا.
وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أن التنظيم يسعى للانتقام، بعد أن ظل طوال الفترة الماضية، يحاول تصدير فكرة العقاب الإلهي للرأي العام، وبأن الأزمات التي تعيشها الدولة المصرية، سببها أنها نفت أهل الإيمان والدين».
وعن هوية الراعي غير المعلن للحراك الأخير وإطلاق القناتين، قال فاروق، إن ذلك الطرف له مصالح في عدم استقرار الدول العربية، عبر تصدير الإخوان للمشهد، من ناحية والضغط على الدولة المصرية للقبول بالمصالحة، من ناحية أخرى.
واستدل على تصريحاته بالوثيقة التي أعلنها تيار التغيير منذ أيام، وتبنيهم لبعض المفردات الخاصة بسيد قطب بشكل مباشر، التي تدعو إلى إسقاط النظام السياسي داخل مصر وتشكيل جناح معلوماتي وكيان يمارس القوة لتنفيذ رؤيته إلى جانب الدعوة لتفكيك الأجهزة.
وأوضح أن هذه الأجندة لا تؤمن ببناء قواعد تنظيمية جديدة، للوصول إلى مرحلة التمكين كما هو معروف في أدبيات الإخوان، لكنها تسعى إلى صنع حالة حراك داخل الشارع المصري، لإعادة السيطرة على المشهد، عبر استثمار الأزمات.
منصات بديلة
تصريحات فاروق وافقه فيها منير أديب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، الذي قال إن الهدف الأساسي من إطلاق قناتي «الحراك» و«الشعوب»، نشر الفوضى والتخريب ومحاولة إسقاط الدولة المصرية.
وأكد أديب، في تصريحات لـ«السياق»، أن هناك أهدافًا راسخة لدى جماعة الإخوان منذ إزاحتها عام 2013، أهمها إسقاط النظام السياسي في مصر، مشيرًا إلى أن ذلك الهدف دفعهم لإطلاق منصات إعلامية تابعة لهم، لدعم دعوات التظاهر في 11 نوفمبر المقبل.
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، قال إن دور هذه المنصات لن يقتصر على دعوات 11/11، إنما سيتعدى إلى الاستمرار في نشر الفوضى ومحاولة إسقاط الدولة المصرية، ومن ثم عودتهم إلى السلطة مرة أخرى.
وأشار إلى أن هناك تقاربًا مصريًا – قطريًا، وتقاربًا مصريًا - تركيًا، يمنع قيام قناة الجزيرة بالدور الذي سبق أن قامت به، ما يفسر تحرك الإخوان لإطلاق فضائيات أخرى يكون مقرها لندن أو فيتنام أو لبنان، لمحاولة نشر الفوضى في الشارع المصري.
سياق تاريخي
ولمحاولة فهم السياق التاريخي لاهتمام الإخوان بالإعلام، أكد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، أن جماعة الإخوان اهتمت كثيًرا بقضية الإعلام، لأنها ترى أنه مهم في إيصال رسالتها.
وأوضح أنه منذ نشأة التنظيم في عشرينيات القرن الماضي، أطلق المؤسس الأول حسن البنا صحيفة ومطبعة خاصة، حتى نجح الإخوان بعد ذلك في إنشاء فضائيات تابعة لهم، عبر شراء برامج أولا، ثم إطلاق قنوات فضائية، لمحاولة إيصال رسالتهم، سواء الدعوية أم السياسية.
وأشار إلى أن تنظيم الإخوان أطلق بعد عام 2011، قناة فضائية في مصر، ثم أطلق عددًا كبيرًا من المنصات الإعلامية بعد 2013، جزء منها كان يبث من تركيا والآخر من لندن، وقناة من لبنان.
صراع داخلي
من جهة أخرى، يرى الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية والأصولية أحمد سلطان في تصريحات لـ«السياق»، المنصات الإعلامية الخاصة بالجماعة، جزءًا من الصراع الداخلي بالإخوان، مشيرًا إلى أن كل جناح لديه منصات إعلامية خاصة به.
وأوضح أن جناح إبراهيم منير، لديه قنوات مثل الحوار ومكملين، بينما محمود حسين لديه قناة وطن والآن «الشعوب»، مشيرًا إلى أنها منصات تعكس وجهة النظر الإخوانية التي تمثل الجبهة.
أما قناة الحراك، فيراها سلطان قريبة من تيار التغيير أو ما تسمى جبهة المكتب العام «الكماليون»، مشيرًا إلى أنها تعمل على التحريض ضد مصر.
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية والأصولية، أن تحريض الإخوان ضد مصر والدول العربية، سيستمر لأن الجماعة ما زالت في صراع مع تلك البلدان، خاصة أن الرئيس المصري في خطابه بالمؤتمر الاقتصادي الأخير، أكد أنه لا مصالحة مع الإخوان، الأمر الذي سينعكس على زيادة التحريض الإعلامي من جبهات الإخوان المختلفة لإيصال رسالة بأنهم مازالوا موجودين.