تهديدات إيرانية علنية للعراق لأول مرة بتنفيذ عملية عسكرية برية.. ما السبب؟
عدد قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاني، بعملية عسكرية برية شمالي العراق، إذا لم يحصن الجيش العراقي الحدود المشتركة بين البلدين، ضد جماعات المعارضة الكردية.

السياق
رغم زيادة التوترات بين العراق وإيران، في الفترة الأخيرة، على خلفية الضربات التي شنتها طهران على مواقع للأكراد، أسفرت عن قتلى وجرحى، فإن تقارير كشفت عن إطلاق النظام الإيراني تهديدات بحق بغداد.
فعلى هامش زيارة سرية استمرت يومين، لقائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاني، هدد الأخير بعملية عسكرية برية شمالي العراق، إذا لم يحصن الجيش العراقي الحدود المشتركة بين البلدين، ضد جماعات المعارضة الكردية.
وتقول وكالة أسوشتد برس، إن تنفيذ هذا التهديد من قائد القوة التي تعد وحدة النخبة داخل الحرس الثوري الإيراني، سيكون غير مسبوق في العراق، وسيثير شبح التداعيات الإقليمية من الاضطرابات الداخلية في إيران، التي صورتها طهران على أنها مؤامرة أجنبية، من دون تقديم أدلة.
وتزعم إيران أن جماعات المعارضة الكردية المنفية، شمالي العراق، تحرِّض -منذ فترة طويلة- على الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران وتهريب الأسلحة إلى البلاد، بينما لم تقدم السلطات الإيرانية أدلة على هذه المزاعم، التي نفتها الجماعات الكردية.
وبحسب «أسوشتد برس»، فإنه ليس واضحًا مدى خطورة التحذير الإيراني لكنه يضع بغداد في مأزق، مشيرة إلى أن هذه المرة الأولى التي يهدد فيها مسؤولون إيرانيون علنًا بعملية برية بعد أشهر من التوترات عبر الحدود، ويطلبون من العراق نزع سلاح جماعات المعارضة النشطة داخل أراضيه.
والآن في شهرها الثاني، زادت الاحتجاجات المطالبة بإطاحة حكام إيران من رجال الدين، بعد وفاة كردية إيرانية تبلغ من العمر 22 عامًا، مهسا أميني، على يد ما تعرف بـ«شرطة الأخلاق»، ما أدى إلى إلقاء القبض على الآلاف وقتل المئات، بينما استخدمت السلطات الإيرانية الذخيرة الحية للسيطرة على الشوارع، لكن الاحتجاجات لا تظهر أي بوادر للتراجع.
أصابع الاتهام
وألقت إيران باللوم على التدخل الأجنبي في التحريض على الاحتجاجات، ووجَّهت أصابع الاتهام إلى جماعات المعارضة الكردية شمالي العراق، متهمة إياها بالتورط المباشر وإقامة علاقات مع إسرائيل، ما دفع طهران إلى شن هجمات صاروخية استهدفت قواعد هذه الجماعات داخل العراق، أسفرت عن قتل ما لا يقل عن عشرة وإصابة كثيرين.
وتقول «أسوشتد برس»، إن قاني وصل إلى بغداد بعد يوم من الهجوم الإيراني الأخير، الذي استهدف قواعد للمعارضة في كويا بمحافظة أربيل وقتل فيه ثلاثة على الأقل.
والتقى رئيس الوزراء محمد شيعي السوداني وقادة آخرين في تحالف الإطار التنسيقي، والرئيس عبد اللطيف رشيد وهو كردي، وفصائل مسلحة مدعومة من إيران.
جاء السوداني إلى السلطة كمرشح مختار لإطار التنسيق، وهو تحالف يتكون -في الغالب- من الأحزاب المدعومة من إيران.
مطالب ذات شقين
كانت مطالب قاآني ذات شقين: نزع سلاح قواعد الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة شمالي العراق، وتحصين الحدود المليئة بالثغرات مع القوات العراقية لمنع التسلل.
وقال قاآني لنظرائه العراقيين، بحسب اثنين من الشخصيات السياسية الشيعية، واثنين من مسؤولي الميليشيات ومسؤول كردي كبير، إنه إذا لم تلبِ بغداد المطالب، فإن إيران ستشن حملة عسكرية مع القوات البرية وتواصل قصف قواعد المعارضة.
وتخضع منطقة القلق الإيرانية لسلطة المنطقة الكردية شبه المستقلة، وتتطلب من بغداد التفاوض على تنسيق مشترك، بينما قال مسؤولون عراقيون -في أحاديث خاصة- إنهم لا يرون أي دليل يدعم مزاعم إيران ضد الجماعات الكردية.
ومع اعتراف أحزاب المعارضة الكردية، بعلاقاتها العميقة مع المناطق الكردية في إيران، تنفي أيضًا تهريبها أسلحة للمحتجين على وفاة الشابة أميني، التي تعود أصولها لمدينة سقز الكردية، أول منطقة تشهد احتجاجات في سبتمبر الماضي.
وقالت أحزاب المعارضة الكردية إن مشاركتها لا تتجاوز تقديم الدعم المعنوي، وزيادة الوعي، والمساعدة في توفير الرعاية الطبية للمتظاهرين المصابين القادمين من إيران.
تعنُّت إيراني
وقال سوران نوري، العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران، إنه كان على علم بمطالب إيران، مضيفًا: «لم نهرب مطلقًا أسلحة من وإلى أي بلد»، مضيفًا: "نأمل ألا تستسلم المنطقة الكردية لهذه التهديدات".
وحاول المسؤولون الأمنيون العراقيون مرارًا إقناع طهران بعدم تهريب أسلحة من العراق إلى إيران، لكن «إيران تتجاهل ذلك»، وفقًا لمسؤول كردي كبير تحدث بشرط عدم كشف هويته ليكون الحديث بحرية.
ودخلت بعض الجماعات الكردية في صراع منخفض الحدة مع طهران منذ الثورة الإيرانية عام 1979، ما أدى بالعديد من أعضاء تلك الجماعات إلى العراق كمنفى سياسي اختياري، أقاموا فيه قواعد لهم.
ويحمل أعضاء المعارضة في العراق -بشكل علني- أسلحة متوسطة الحجم في القواعد، قائلين إنها للدفاع عن النفس.
وطالما زعمت طهران أن عملاء الموساد الإسرائيلي ينشطون في المناطق الكردية العراقية، ففي مارس الماضي، أعلنت إيران مسؤوليتها عن وابل صاروخي سقط بالقرب من القنصلية الأمريكية في أربيل.
مزاعم إيرانية
وكرر وزير الخارجية الإيراني، حسين اللهيان، المزاعم في تغريدة حديثة، متهماً إسرائيل و«بعض السياسيين الغربيين» بالتخطيط «لحرب أهلية وتدمير وتفكيك إيران».
وقالت رندة سليم، مديرة البرامج في معهد الشرق الأوسط، إن «النظام الإيراني في حالة جنون العظمة. إنهم يعتقدون اعتقادًا راسخًا أن الموساد يستخدم الأراضي الكردية وجماعات المعارضة الكردية لإرسال أسلحة ومقاتلين إلى المناطق الكردية في إيران».
وقالت إن عملية تمشيط شمالي العراق، ستدعم الرواية العلنية للنظام بأن قوى خارجية تثير الاضطرابات، وستعالج الخلاف المستمر بين إيران والمنطقة الكردية العراقية، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي حول أنشطة الجماعات في أراضيها.