حرب اللوائح تشعل الصراع وسط الإخوان... هل تحسم جبهة الثعلب النزاع؟

أكد الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد سلطان للسياق، أن هناك انقسامًا هيكليًا داخل جماعة الإخوان بين جبهتي اسطنبول ولندن، أذكته رؤية الأخيرة أنها الأحق في اختيار المرشد أو القائم بعمله

حرب اللوائح تشعل الصراع وسط الإخوان... هل تحسم جبهة الثعلب النزاع؟

السياق (خاص)

جبهة صراع جديدة، شقت طريقها إلى «الإخوان»، في إطار النزاع على إرث حسن البنا، الذي شطر التنظيم «الإرهابي» إلى ثلاث جبهات، تدعي كل منها أحقيتها بهذا الإرث.

إلا أن تلك الجبهة الجديدة اتخذت من «حرب اللوائح» شعارًا لها وطريقًا لترجيح كفة قائدها، في الصراع الذي اشتعل بعد وفاة القائم بأعمال مرشد الإخوان إبراهيم منير.

فبينما اتخذت جبهة اسطنبول، المادة الخامسة من اللائحة الداخلية للتنظيم، المعنية باختيار القائم بأعمال مرشد الإخوان، حجة لتنصيب محمود حسين قائمًا بأعمال المرشد، خلفًا لإبراهيم منير، لجأت جبهة لندن التي تعد حسين منشقًا إلى اللائحة كذلك، التي تنص على أن القائم بأعمال المرشد هو مَنْ يختار نائبه.

كان منير اختار ثلاثة أسماء، ليكون أحدهم خليفة له، إلا أن إقرار واحد منهم، ليحل محل إبراهيم منير، تأخر لبعض الخلافات داخل جبهة منير.

حسم حرب اللوائح تلك، يقبض قيادات تنظيم الإخوان في السجون على مفتاحها، كونهم كلمة السر في ترجيح كفة إحدى الجبهتين المتناحرتين على إرث البنا، بحسب مراقبين أكدوا أهمية دور قيادات السجون، إلا أنهم اختلفوا في قدرتهم على حل هذا الخلاف.

فبينما يرى فريق أنه إذا تمكن محمود حسين، من إجراء اتصالات بالإخوان في السجون، لتفسير نصوص اللائحة بما يدعم موقفه، من المرجح أن ينحاز إليه قيادات السجون، إلا أن آخرين قللوا من قدرة قيادات الإخوان في السجون المصرية على حسم الصراع.

 

فما الجديد؟

قبل يومين، أشعلت جبهة لندن الصراع من جديد، على منصب القائم بأعمال المرشد، بإصدارها بيانًا، أعلنت فيه تنصيب محمود حسين قائمًا بأعمال المرشد، مستندة إلى تفعيل المادة الخامسة من اللائحة الداخلية للتنظيم، المعنية باختيار القائم بأعمال مرشد الإخوان، وتنصيب محمود قائمًا بأعمال مرشد الجماعة، لأنه عضو مكتب الإرشاد الوحيد الموجود في الخارج، منهية عمل اللجنة البديلة التي يرأسها مصطفى طلبة، خلال الأشهر الماضية.

وعن كواليس القرار، قالت مصادر قريبة الصلة بجبهة اسطنبول، في تصريحات لـ«السياق»، إن بيان الجبهة الصادر الأربعاء، بتنصيب محمود حسين قائمًا بأعمال مرشد الجماعة، ألقاه القيادي مصطفى طلبة في مقطع فيديو بث من ستوديو «قناة وطن» في محاولة لدعم حسين، وتجنيبه شبهة إطاحته من منصب رئيس اللجنة البديلة لإدارة الجماعة.

وأوضحت المصادر، أن قرار تنصيب محمود حسين قائمًا بأعمال مرشد الجماعة، سبقته مبادرة جبهة اسطنبول بالتواصل مع جبهة لندن تحت مسمى «لم شمل الجماعة»، التي حاولت من خلالها الحصول على التأييد لمحمود حسين، إلا أن جبهة لندن تمسكت بقرارها الذي عدَّت فيه حسين منشقًا عن الإخوان ولا يحق له التنصيب.

كما تمسكت جبهة لندن بقرار الراحل إبراهيم منير، بتكليف محيي الدين الزايط نائبًا له وقائمًا بتيسير شؤون التنظيم، إلى حين تسمية القائم بالأعمال، بحسب مصادر «السياق».

 

حركة استباقية

ورأت مصادر قريبة الصلة من جبهة لندن، في تصريحات لـ«السياق»، أن تنصيب محمود حسين قائمًا بأعمال مرشد الجماعة، محاولة من جبهة اسطنبول لاستباق قرارات جبهة لندن، التي أوشكت على إعلانها، متضمنة تعيين محمد البحيري قائمًا بأعمال مرشد الجماعة، خلفًا للراحل إبراهيم منير، وتعيين محمود الإيباري أمينًا عامًا للتنظيم الدولي للإخوان .

إلى ذلك، قال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنصيب محمود حسين قائمًا بأعمال مرشد الجماعة كان متوقعًا بشكل كبير، فـ«ثعلب التنظيم» -كما وصفه– رجل اكتسب خبرة طويلة على مدى سنوات، في قمع حالات التمرد والانشقاق داخل الجماعة، مشيرًا إلى أنه كان يتحين الفرصة للاستحواذ على المنصب، الذي صارع عليه أمام القيادي الراحل إبراهيم منير.

وأوضح الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أن محمود حسين، كان قد استقدم مصطفى طلبة، وجعله رئيسًا للجنة القائمة بعمل المرشد، كنوع من التصدي لإبراهيم منير، لأنه لم يكن لينازعه لاعتبارات تتعلق بأنه يقدِّم نفسه بأنه غير راغب في المنصب، وأنه يفعل ذلك من أجل مصلحة الجماعة.

 

انقسام هيكلي

وأشار إلى أنه ما إن أزيل هذا العائق، وأزاحت وفاة إبراهيم منير المنافس الوحيد لمحمود حسين، حتى عاد الأخير، محاولًا إبعاد مصطفى طلبة، ليتولى المنصب بنفسه، مشيرًا إلى أن قرار تنصيب حسين قائمًا بأعمال المرشد، سيزيد الانشقاقات والاختلافات داخل الإخوان، كون جبهة لندن لن تقر بأنه القائم بأعمال المرشد.

وأكد الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أن هناك انقسامًا هيكليًا داخل جماعة الإخوان بين جبهتي اسطنبول ولندن، أذكته رؤية الأخيرة أنها الأحق في اختيار المرشد أو القائم بعمله، إضافة إلى اعتبارها محمود حسين منشقًا عن الجماعة.

وأوضح سلطان، أن جبهة لندن تستند إلى نص اللائحة الذي يقول إن القائم بأعمال المرشد هو مَنْ يختار نائبه، مشيرًا إلى أن منير قبل رحيله اختار ثلاثة أسماء، كان من المفترض أن ينصب أحدهم بالمنصب خلال الفترة الماضية، لكن ذلك لم يحدث.

وأكد الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، دور قيادات الجماعة في السجون المصرية، فى حسم الصراع وترجيح أي من الجبهتين، بشرط تمكن محمود حسين من إجراء اتصالات بالإخوان في السجون، وتفسير نصوص اللائحة بما يدعم موقفه، ما يجعل تلك القيادات تنحاز إليه.

 

الحسم بالخارج

إلا أن الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية مصطفى أمين عامر، قلل من قدرة قيادات الإخوان في السجون المصرية على حسم الصراع، قائلًا إن موقف محمود حسين في الصراع على منصب القائم بأعمال مرشد الجماعة، هو الأقوى كونه يحكم قبضته على معظم هياكل التنظيم، سواء الموجودة داخل تركيا أم في مصر.

وأوضح مصطفى أمين عامر، أن محمود حسين لديه معلومات وافية وسيطرة على الأموال التي خرجت من مصر أو التي ما زالت في مصر بعد ثورة 30 يونيو التي أطاحت حكم الجماعة.

وأشار الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، إلى أن إعلان محمود حسين قائمًا بأعمال مرشد الجماعة، يعد خطوة استباقية، ومحاولة لوضع جبهة لندن أمام الأمر الواقع، مؤكدًا أن حسين يعُد المنصب ميراثًا وحقًا له، بينما تواجه جبهة لندن القرار بالرفض.

وأكد مصطفى أمين عامر، أن جبهة لندن ستعلن قريبًا تسمية القائم بالأعمال، في محاولة لإحكام قبضتها على ما بقي من التنظيم الدولي الذي كان إبراهيم منير، مسيطرًا عليه قبل وفاته، ما يعني استمرار الصراع داخل جبهتي الإخوان، عبر محاولة كل منهما استقطاب أكبر عدد من القيادات، في السجون أو بين صفوف الجماعة.