كيف سيدير الجمهوريون مجلس النواب الأمريكي؟
هل ينجح النائب كيفن مكارثي الذي رُشح لقيادة الأغلبية الجمهورية الجديدة في تحقيق الوحدة اللازمة لأداء المهام الأساسية للمجلس، مثل تمويل الحكومة؟

ترجمات - السياق
تساءلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن الطريقة التي سيدير بها الحزب الجمهوري، مجلس النواب الأمريكي، في ظل الأغلبية الضئيلة التي يتمتع بها، مشيرة إلى أن الهامش الضئيل سيجعل الاختلافات الأيديولوجية وإدارة النواب مستحيلتين تقريبًا، لكنها حتى لو كانت ضئيلة، ستظل تحديًا للرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وبينت الصحيفة، في تحليل للكاتب والمحلل الصحفي كارل هولز، أنه رغم أن فوز الجمهوريين في مجلس النواب بدا كالخسارة، بسبب الأداء المخيب للآمال، فإنهم فازوا بالفعل، ومن ثمّ يبقى السؤال الأبرز: هل ينجح النائب كيفن مكارثي الذي رُشح لقيادة الأغلبية الجمهورية الجديدة في تحقيق الوحدة اللازمة لأداء المهام الأساسية للمجلس، مثل تمويل الحكومة، أو ما إذا كان الأعضاء اليمينيون المتطرفون -المحسوبون على الرئيس السابق دونالد ترامب- سيحولون هذه الأغلبية إلى جحيم، وفوضى لا يمكن السيطرة عليها؟
وأشارت إلى أن الفوز المحتمل بمقعد واحد، يسمح للجمهوريين بالمطالبة بالسلطة، بما فيها الاستدعاء، ووضع جدول الأعمال، وإدارة اللجان ومحاولة إبقاء الرئيس جو بايدن قرب النار بسلسلة من التحقيقات الموعودة.
التعاون مع بايدن
وفي ما يخص التعاون مع بايدن، رأت "نيويورك تايمز"، أنه رغم أدائهم المخيب، فإنه من المستبعد أن يسعى الجمهوريين للتعاون مع بايدن، إذ إنه -بالنسبة لكثيرين منهم- كان الهدف من الانتخابات، أن تكون أجندتهم استقصائية لا تشريعية.
وحيال ذلك، كتب النائب الجمهوري ستيف سكاليس (رقم 2 في مجلس النواب) في رسالة إلى زملائه: "يجب أن نكون حازمين في إشرافنا على هذه الإدارة، من تسييس وزارة العدل إلى لوائح سحق الوظائف الصادرة عن كل وكالة"، مضيفًا: "نحتاج إلى تسليط الضوء على إجراءات وإخفاقات السياسة لهذه الإدارة".
أما مكارثي -حسب الصحيفة- فقد جاء فوز حزبه بأسوأ طريقة ممكنة، حيث إن الأغلبية الأضعف بكثير مما كان متوقعًا، تعني عددًا أقل من الجمهوريين من المقاطعات المتأرجحة، الذين قد لا يرغبون في إثارة الفوضى، ما يجعله أكثر اعتمادًا على أعضاء اليمين المتشدد، الذين انتصروا في مناطق جمهورية خالصة، ووعدوا بشن حرب سياسية على بايدن.
في الوقت نفسه، يحتاج مكارثي إلى حماية الوافدين الجدد الأقل إثارة للمشكلات، خصوصًا الوافدين من نيويورك، لأنه إن فشل في ذلك، سيواجه فصلًا تشريعيًا فوضويًا.
وتأكيدًا لذلك، قال النائب فريد أبتون، وهو من الوسط الجمهوري المتقاعد من ميشيغان، عن المهمة المقبلة للقادة الجدد: "سيكون الأمر صعبًا للغاية".
وأوضحت الصحيفة، أن "النتائج الوحيدة التي تهم الكثيرين في مجلس النواب هي التي تسبب ألمًا سياسيًا لبايدن والديمقراطيين في الكونغرس"، خصوصًا أن هذه المطالب هي التي جذبت الناخبين للتصويت لهم بشعار (اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى).
وأشارت إلى أنه في اجتماع مغلق للجمهوريين، الاثنين، قطع المشرِّعون اليمينيون، بمن فيهم النائبة عن جورجيا مارغوري تايلور غرين، وعدًا بأن يحقق قادتهم مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ووزارة العدل، بسبب معاملتهم للمدعى عليهم المسجونين في ما يتعلق بأحداث الهجوم على مبنى الكابيتول، في 6 يناير 2021.
ولكن -حسب الصحيفة- لا يمكن للقيادة الجديدة التحقيقات فقط، إذ لا يزال عليهم العثور على بعض أصوات بـ"نعم" للموافقة على مشاريع قوانين الإنفاق والتشريعات الأخرى، التي يجب تمريرها لإبقاء الحكومة تعمل، في حين أن كثيرين من أعضائها متهمون بالتصويت بـ"لا" على كل شيء تقريبًا.
ودأب الجمهوريون على مواجهة الحكومة بسبب نزاعات الإنفاق، وواجهوا إدارات ديمقراطية بشأن رفع حد الدين الفيدرالي منذ صعود وهبوط نيوت غينغريتش -رئيس مجلس النواب 58 لمجلس النواب الأمريكي 1995-1999- بمجلس النواب في التسعينيات.
وفي الماضي، كان من الممكن الاعتماد على المزيد من الجمهوريين ذوي العقلية "الحكومية" لتزويد الأصوات اللازمة لحل الأزمة، لكنّ صفوف البراغماتيين استُنزفت بشدة، وحل محلهم المشرِّعون الذين لا يأخذون في الاعتبار المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي المهتز بالفعل.
تغيير القواعد
بالفعل -حسب "نيويورك تايمز"- يدفع الجمهوريون في مجلس النواب الفريق المقبل، للموافقة على تغيير القواعد التي يمكن أن تعرقل قدرة القيادة على طرح مشاريع القوانين، وهو نهج يمكن أن يهدد التشريعات اللازمة مثل رفع سقف الدين الحكومي.
أمام ذلك، ترى الصحيفة، أنه يمكن للقادة الجمهوريين الحصول على أصوات ديمقراطيين، إلا أن هذه التنازلات من المرجح أن تؤدي إلى تمرد في الداخل، خصوصًا أن الديمقراطيين في مجلس النواب، الذين يشعرون بالرضا عن أدائهم في الانتخابات، لن يكونوا في عجلة من أمرهم لإنقاذ القادة الجمهوريين من دون الحصول على شيء في المقابل.
إضافة لذلك، فإن الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ –بالتأكيد- ستزيد صعوبة عمل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، حيث يتشجع الديمقراطيون بحقيقة أنهم كانوا قادرين على الاحتفاظ بأغلبية مجلس الشيوخ -وربما زيادتها- في مواجهة الاتجاهات التاريخية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الديمقراطيين يريدون استعراض تلك العضلات، من خلال المضيّ قدمًا في مبادرات تشريعية، مثل تلك التي يعتقدون أنها أدت بهم إلى النصر.
وقد تعني السيطرة الديمقراطية على مجلس الشيوخ أيضًا أن اللجان في الغرفة لن تُجري تحقيقات موازية في الإدارة، كما كان يأمل الجمهوريون، وفق الصحيفة.
وما يؤكد الهوة الكبيرة بين الحزبين، دعوة السناتور الديمقراطي تشاك شومر -الذي سيظل زعيم الأغلبية- الجمهوريين للعمل مع الديمقراطيين في المبادرات التشريعية، لكن لا يبدو مرجحًا أن يرغب الجمهوريون في مجلس النواب في الاستفادة من عرضه، ما جعل الهوة بين الحزبين تتسع قليلاً في مجلس الشيوخ أيضًا.
وبينت الصحيفة أنه "عندما يعقد مجلس الشيوخ في يناير 2023، لن تشمل الرتب أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين روب بورتمان من ولاية أوهايو، وروي بلانت من ولاية ميسوري، وريتشارد إم بور من ولاية كارولاينا الشمالية -الجمهوريون المخضرمون السائدون الذين يمكن أن يعتمد عليهم السيناتور ميتش ماكونيل من كنتاكي، زعيم الأقلية- في الإدلاء بأصوات صعبة على مشاريع القوانين التي يجب تمريرها".
ومن المقرر أن يحل محل هؤلاء أعضاء مجلس الشيوخ المنتخب، جيه دي فانس من ولاية أوهايو، وإريك شميت من ميسوري، وتيد بود من نورث كارولاينا، وقد نال كل منهم التأييد من الرئيس السابق دونالد ترامب.
كما ينضم إلى الأعضاء الجدد في مجلس الشيوخ، بين آخرين، السيناتور المنتخب ماركواين مولين من أوكلاهوما، وهو عضو في الكونغرس ينتمي إلى كتلة الحرية الشديدة المحافظة، ومن المحتمل أن يكون هيرشل ووكر من جورجيا، مساعدًا آخر لترامب، إذا فاز بجولة الإعادة في 6 ديسمبر المقبل.
في الوقت نفسه، من المرجح أن يتعرض ماكونيل لهجوم مستمر من ترامب، الذي دعا مرارًا وتكرارًا لإطاحته.
وأضافت الصحيفة: "لقد واجه بالفعل تمردًا صغيرًا، مع تحدٍّ للقيادة من السيناتور ريك سكوت من فلوريدا، الذي أشرف على حملة الجمهوريين في مجلس الشيوخ"، مشيرة إلى أنه رغم انتصار ماكونيل فإن أفعاله ستظل تخضع لتدقيق شديد، بينما يتصارع الحزب الجمهوري على هويته.
وحسب "نيويورك تايمز": "لا تزال نتائج الانتخابات قيد التحليل المجهري من الحزبين لتمييز رسائل الناخبين، التي يمكن أن توضح كيف يتقدم قادة الحزب في العامين المقبلين، مع ظهور المنافسة الرئاسية في الأفق، إلا أنه في ظل أغلبية شبه معدومة في مجلس النواب، فإن الجمهوريين سيواجهون طريقًا صعبًا، ومن ثمّ سيصعب إنجاز حتى أبسط أعمال الكونغرس تحت سلطتهم".