هل يتجه العراق لانتخابات مبكرة أم لصدام داخل البيت الشيعي؟

يرى الكاتب أن المقصود من هذا التوقيت مفاقمة الخلاف الحاد بينهما إلى مرحلة صدام الشارع

هل يتجه العراق لانتخابات مبكرة أم لصدام داخل البيت الشيعي؟
نوري المالكي ومقتدى الصدر

السياق

مرة أخرى تتصدر النترات الطائفية المشهد السياسي العراقي، لكن هذه المرة عبر تسريبات منسوبة لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي وجَّه اتهامات حادة لمقتدى الصدر ومسعود بارزاني.

المالكي اتهم الصدر بأنه قاتل وتسبب في إزهاق الأرواح بالعاصمة بغداد، خلال عملية "صولة الفرسان" عام 2008، التي شهدت صدامًا مسلحًا بين الحشد الشعبي بتوجيهات من المالكي، وجيش المهدي بقيادة الصدر، أسفرت عن 1500 قتيل.

كما اتهم المالكي، في التسريبات، الحزب الديمقراطي الكردستاني لمسعود بارزاني، بأنه سعى لضرب البيت الشيعي، عبر احتضان السُّنة وقياداتهم.

المفارقة، أن المالكي اعترف بمحاولته جعل الحشد الشعبي يتسبب في قتل الآلاف من الشعب العراقي، مثل الحرس الثوري الإيراني، كما كشفت عن تصدع البيت الشبعي، وهو ما أثار العديد من التساؤلات عن التداعيات المحتملة لهذه التسريبات، وحدود تأثيرها في مسار العملية السياسية المجمدة بالفعل في العراق.

أزمة البيت الشيعي

يرى الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي بالعراق في تصريحات لـ"السياق"، أن هذه التسريبات تدفع باتجاه تحريك الوضع السياسي خاصة داخل البيت الشيعي، الذي يعاني الانهيارات وتضارب المصالح، فهي تتصارع على الدولة والسلطة، وأيضًا هم أمام عناد يمثله نوري المالكي .

وأوضح الشمري أن التسريبات جاءت في صالح قوى الإطار التنسيقي الشيعي، لأن هذه التسريبات أضرت كثيرًا، وكشفت حقيقة ما يفكر فيه المالكي، كزعيم لدولة القانون، أو رؤيته لإدارة الدولة العراقية، وقوَّضت فرصه في رئاسة مجلس الوزراء، وبذلك سيساعد قوى الإطار التنسيقي في عرض شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة العراقية، يمكن من خلاله السيطرة عليها.

ويلفت رئيس مركز التفكير السياسي بالعراق، إلى رد الفعل الذي كان رافضًا لهذه التصريحات، خاصة أنه يؤشر لمحاولة إعادة الطائفية مرة أخرى، لكن هذا الاستياء لن يدفع نحو التصادم، وهو ما بدا واضحًا في تعقيب مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، على هذه التسريبات، إذ قال إنها صدرت من شخص لا وزن له.

كما يرى الشمري أن الخروج من الأزمة الحالية يتطلب انتخابات مبكرة، يتوقع لها أن تكون خلال ستة أشهر إلى سنة، خاصة أن انتخابات عام 2021 كانت نتائجها مشوهة وسيطرت عليها الأحزاب التقليدية.

لغز التوقيت

من جانبه، يقول محمد أرسلان، الخبير العراقي المتخصص في الجماعات الإرهابية لـ"السياق": إن أهمية التسجيل المسرب وما يقوله المالكي، ترجع إلى معرفة من سرَّب هذا المقطع الصوتي، ولماذا بهذا الوقت بالذات؟

ويلفت أرسلان إلى أن العراق، منذ أكثر من عقد، يعيش حالة من الفوضى بكل معاني الكلمة، مضيفًا أن كل تيار أو حزب أو حتى شخصية دينية كانت أم سياسية، لديها ما تخفيه ضد الأخرى، تحسباً للأيام المقبلة.

ويشبه الخبير العراقي ما حدث من تسريبات بصراع بين "اللصوص" بحسب قوله، لافتًا إلى أن هذا التسريب له معنى واحد فقط هو استكمال تعطيل الحالة السياسية في العراق، وتوجيهه نحو دوامة الفوضى والاقتتال الداخلي الطائفي والمذهبي، بعدما فشلت المفاوضات النووية بين إيران وأمريكا.

ويلفت أرسلان إلى قمة جدة بمشاركة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ولقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وما له من دلالات مرتبطة بالصراع الإيراني الأمريكي، وانعكاسه على الداخل العراقي، خصوصًا في خريطة التحالفات.

 فالكاظمي والصدر والحلبوسي، بحسب الخبير العراقي، يعدون في جبهة واحدة ضد الإطار التنسيقي المرتبط بإيران، وبذلك فإن تسريبات المالكي ما هي إلا رسائل تهديد للخارج قبل الداخل.

تحريك العداء

على النهج ذاته، يتوقف المحلل السياسي العراقي علي الكاتب، في تصريحاته لـ "السياق" عند توقيت تسريب المقاطع الصوتية التي ظهر من خلالها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يهاجم الصدر.

ويرى الكاتب أن المقصود من هذا التوقيت مفاقمة الخلاف الحاد بينهما إلى مرحلة صدام الشارع، بما يعقِّد الأوضاع السياسية في العراق، أكثر مما عليه الآن.

ويرى المحلل السياسي العراقي، أن تلك التسريبات لم تستطع -حتى الآن- تحريك العداء وإنزاله نحو جماهير الطرفين، لكنها أسهمت -بشكل أو آخر- في شحذ مشاعر الكره والغضب لدى الصدريين لرئيس ائتلاف دولة القانون، ما قد ينذر بردود فعل كبيرة، في حال إقدام المالكي على أي تحرك يتقاطع مع برنامج الصدر الإصلاحي، خصوصاً في تشكيل الحكومة المنتظر ولادتها منذ أكثر من 8 أشهر.