آل راجاباكسا...كيف حطم 4 أشقاء أقوياء سريلانكا

عشيرة راجاباكسا تمكنت من هزيمة تمرد التاميل لكنها فقدت السيطرة على الاقتصاد بعد عامين من تفاقم الأزمة

آل راجاباكسا...كيف حطم 4 أشقاء أقوياء سريلانكا
غوتابايا راجاباكسا

ترجمات - السياق

سلَّطت الكاتبة الأمريكية روث بولارد الضوء على الأحداث الأخيرة في سريلانكا، التي بدأت -السبت الماضي- باقتحام متظاهرين لمقر إقامة رئيس البلاد جوتابايا راجاباسكي، في العاصمة كولومبو، بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية، ما أدى إلى فراره.

وألقت بولارد، في مقال لشبكة بلومبيرج الإخبارية الأمريكية، باللوم في ما يحدث على الرئيس السيرلانكي وأشقائه، قائلة إنه خلال ما يزيد قليلاً على عامين، تسببت الأسرة الأولى في سريلانكا في أزمات كان معظمها من صنع أيديهم.

وأشارت الكاتبة إلى أن الجزيرة، التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، تواجه أسوأ اضطرابات اقتصادية منذ 10 سنوات، بدءًا من فرض الحظر المشؤوم على استخدام الأسمدة، الذي أدى إلى انخفاض كبير في محاصيل مثل الأرز والشاي، إضافة إلى فشل البلاد في التعامل مع أزمة العملات الأجنبية، التي أصبحت تمثل حالة إنسانية طارئة.

وأضافت الكاتبة أن الحلول المتاحة أمام الدولة في سريلانكا تنفد بشكل سريع، لاعتمادها على المساعدات من أكبر داعمين لها، وهما الهند والصين، ورفضها العنيد الحصول على أي مساعدات دولية أوسع، ولذا فإنها على وشك التخلف عن سداد ديونها.

وتابعت: "تعاني البلاد نقص الكهرباء والوقود والغذاء والدواء، وهو ما يسبب مشكلة لجميع السكان من العاملين بأجر يومي، إلى الموظفين الذين يحاولون تنشيط صناعة السياحة، بعد عامين من التوقف بسبب وباء كورونا وتفجيرات عيد الفصح عام 2019 التي استهدفت الكنائس والفنادق الفخمة في البلاد، ما أسفر عن قتل ما يقرب من 270 شخصاً، وارتفاع معدلات التضخم إلى 15% وهي النسبة الأسوأ في قارة آسيا".

ورأت بولارد أنه لن يكون مُبالِغاً الإقرار بالدور الكبير الذي لعبته عشيرة راجاباكسا في كل ذلك، موضحة أن جوتابايا، الذي فاز بالمنصب بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2019، عيَّن شقيقه ماهيندا رئيساً للوزراء، الذي كان قد وصل إلى السلطة لأول مرة عام 2004، رئيسًا للوزراء في البداية ثم رئيسًا للبلاد، وفي ذلك الوقت، كان جوتابايا وزيراً لدفاع البلاد، وكانت سُمعته سيئة، لدوره في عملية إنهاء الحرب الأهلية مع متمردي التاميل، عام 2009، إذ لقي الآلاف مصرعهم أو اختفوا وسط مزاعم التعذيب والاغتصاب والقتل خارج نطاق القانون، واختطاف واغتيال الانفصاليين من التاميل والصحفيين والمعارضة، لكن جوتابايا ينفي هذه الادعاءات.

ولفتت الكاتبة إلى أن عائلة راجاباكسا خرجت من السلطة فترة وجيزة بعد عام 2015، عندما قاد مايثريبالا سيريسينا ورانيل ويكرمسينج البلاد، حتى تمت إقالة الأخير من منصبه عام 2018، ما أثار أزمة دستورية في البلاد، حيث حقق حزب العائلة فوزاً ساحقاً بالانتخابات العامة في أغسطس 2020، وسرعان ما أعادوا السلطات التنفيذية الكاسحة إلى الرئاسة، التي كان قد تم كبحها.

بعد ذلك تم تعيين شقيق آخر لآل راجاباكسا، باسل، وزيراً للمالية في يوليو 2021، الذي كان شخصية مثيرة للجدل، بسبب حصوله على الجنسية الأمريكية بجانب جنسيته السريلانكية، ولذا فإنه لم يتمكن من دخول البرلمان إلا عندما ألغت الحكومة حكماً دستورياً يحظر المواطنين مزدوجي الجنسية من دخوله، حسب الكاتبة.

وذكرت بولارد أن شقيقهم الأكبر، جمال، وزير أيضاً، في حين أن ابنه يعد وزيراً أيضاً من خارج الحكومة، كما يعمل أحد أبناء رئيس الوزراء أيضاً في مجلس الوزراء، أما ابنه الآخر فهو كبير موظفيه، وابن أخيه عضو في البرلمان، ووفقاً لبعض التقديرات، فإن قرابة 75% من ميزانية البلاد تخضع لسيطرة وزراء راجاباكسا في الحكومة، وهو ما رأت أنه يمثل "سياسة الأسرة الحاكمة في أوضح صورها".

وقالت الكاتبة: رغم عدد أفراد عائلة راجاباكسا الكبير في السلطة، فإنهم لم يتمكنوا من فعل ما كان يجب لمساعدة سريلانكا في الخروج من هذه الفوضى.

ولفتت الكاتبة إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد تفاقمت بسبب ارتفاع أسعار النفط بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، قائلة إن الحرب تؤثر في قطاع السفر بشكل سيئ أيضاً، إذ إن قرابة 30% من الزائرين -حتى الوقت الحالي- من هذا العام كانوا من روسيا وأوكرانيا وبولندا وبيلاروسيا، في حين أن موسكو تعد أيضاً من أكبر مشتريي الشاي السريلانكي، السلعة الرئيسة التي يتم تصديرها من البلاد.

ورأت بولارد أن ما يواجهه السريلانكيون أمر غير مسبوق، ويتجاوز كل شيء تم اختباره خلال عقود الحرب الأهلية، حيث لا تمتلك البلاد سوى نحو ملياري دولار من احتياطات العملات الأجنبية، في حين أنها مُطالبة بسداد إجمالي ديون يصل إلى 7 مليارات دولار لعام 2022، بما في ذلك سندات بمليار دولار يجب دفعها هذا الشهر.

ونهاية المقال، قالت الكاتبة إن جوتابايا لم يكن الشخصية التي كانت ستعمل على توحيد البلاد، بالشكل الذي تشتد الحاجة إليه في الوقت الحالي، محذرة من أن الوقت ينفد، كما يتزايد غضب السكان وشدة شعورهم بالجوع، ولذا فإن أي تأخير في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، سيجعل البلاد تقترب بشكل أكبر من التخلف عن سداد ديونها، وهو الطريق الذي رأى أنه لا يريد أحد أن تسلكه سريلانكا.