كل الطرق لا تؤدي إلى واشنطن.. السعودية تنفتح على الصين وتعيد تعريف علاقتها بالغرب

بينما تعيد الولايات المتحدة، إعادة تقييم خياراتها في منطقة الشرق الأوسط، وجدت الرياض من بكين شريكًا رئيسًا.

كل الطرق لا تؤدي إلى واشنطن.. السعودية تنفتح على الصين وتعيد تعريف علاقتها بالغرب

السياق

مجالات عدة، شكلت حلقة وثيقة للتعاون بين الصين والمملكة العربية السعودية، بعد الانكفاء الأمريكي على منطقة الشرق الأوسط، وتوجه الولايات المتحدة إلى منطقة المحيطين الهادئ والهندي.

فالمملكة العربية السعودية، بدت أكثر تصميمًا على تعزيز علاقتها بالصين، لتشكل الأشهر الأخيرة حلقة وصل فريدة من نوعها بين الرياض وبكين، توجت بمجالات جديدة للتعاون في الدفاع والتجارة.

وقالت صحيفة إنسايدر الأمريكية، في تقرير: بينما تعيد الولايات المتحدة، إعادة تقييم خياراتها في منطقة الشرق الأوسط، وجدت الرياض من بكين شريكًا رئيسًا.

وأشارت إلى أنه بينما كانت المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري للصين في الشرق الأوسط، شكلت البضائع السعودية 17% من الواردات الصينية عام 2021، مؤكدة أن بكين لعبت دورًا صغيرًا في الدفاع عن المملكة العربية السعودية منذ الثمانينيات، إلا أنهما تقاربتا في السنوات الأخيرة، حيث حددتا الأمن مجالًا رئيسًا للمصالح المشتركة.

 

شراكة شاملة

وعام 2020، عززت الصين علاقتها بالسعودية إلى شراكة استراتيجية شاملة، لتصل في 27 يناير الماضي، إلى آفاق جديدة عندما أعلن البلدان خططًا لتعميق تعاونهما الدفاعي إلى مستوى التعاون العملي.

وهو ما كشف عنه تقرير «سي إن إن» الصادر في ديسمبر الماضي، مؤكدًا أن بكين تساعد الرياض في تطوير برنامج الصواريخ البالستية الخاص بها.

وقالت وكالات الاستخبارات الأمريكية، إن المملكة العربية السعودية تعمل الآن بنشاط على تصنيع صواريخها البالستية بمساعدة الصين، بحسب «سي إن إن» التي قالت إن صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها، تشير إلى أن المملكة تقوم حاليًا بتصنيع الأسلحة في موقع واحد على الأقل.

من جانبه، قال روي يلينك، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، عن السعوديين: «إنهم بحاجة إلى الصين إلى جانبهم (..) العلاقات العسكرية أفضل طريقة لذلك»، مشيرًا إلى أن الشراكة الدفاعية الصينية السعودية عمل ذكي.

وقال جوناثان فولتون، زميل كبير غير مقيم في المجلس الأطلسي، في تصريحات لصحيفة إنسايدر: «عندما يكون الانتشار مشكلة كبيرة، فإن مساعدة أكبر منافس استراتيجي للولايات المتحدة لأحد أهم حلفائها، ربما لا يُستقبل بشكل جيد في واشنطن».

 

سخرية صينية

وخلال الإعلان الدفاعي، سخر وزير الدفاع الصيني وي فنغي من الولايات المتحدة، قائلاً إن على الصين والمملكة العربية السعودية، معارضة ممارسات الهيمنة والتنمر بشكل مشترك.

لكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أصر على أن بكين لا تحاول تحدي الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أنه «لا فراغ في السلطة ولا حاجة إلى أبوية من الخارج».

وبدلاً من ذلك، تعمل بكين بشكل مختلف، كما قال يلينك، مشيرًا إلى أن «الصين ليست لديها مصلحة باستبدال الولايات المتحدة، ولا لديها القدرة على ذلك».

 

دعم متبادل

وتحظى بكين بدعم الرياض في عدد من القضايا الرئيسة، بحسب تصريحات لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قال فيها إن بلاده تتطلع مع الصين، إلى توطيد الشراكة والتنسيق الثنائي في مختلف مجالات التعاون، مشيرًا إلى أن الرياض تعارض التدخل في الشؤون الداخلية للصين، وتدافع بحزم عن مبدأ صين واحدة، وتؤيد بشدة الموقف المشروع للصين بشأن المسائل المتعلقة بتايوان وشينغيانغ، فضلاً عن حقوق الإنسان.

في المقابل، تعهدت الصين بمساعدة السعودية في رؤية 2030، وهو مشروع التنمية العملاق لولي العهد السعودي محمد بن سلمان المتضمن العديد من الإصلاحات، وطلبت من المملكة العربية السعودية، المساعدة في مبادرة الحزام والطريق في المقابل.

وفي نوفمبر الماضي، تقدم صندوق الثروة السيادية السعودي بطلب للحصول على ترخيص للتداول في البورصة الصينية، وهي خطوة أخرى في تعميق الروابط المالية بين البلدين.

وعام 2020، أعلنت المملكة العربية السعودية، تدريس لغة الماندرين في بعض المدارس، كلغة ثالثة إلى جانب الإنجليزية والعربية.

 

الطريق إلى بكين

وتقول الصحيفة الأمريكية: في حين أن الولايات المتحدة لن تتخلى -بأي حال من الأحوال- عن الشرق الأوسط، فإن تحرك الرياض نحو الصين -وهو تحول يعكسه أيضًا جيران المملكة العربية السعودية- يشير إلى أن كل الطرق يجب ألا تؤدي إلى واشنطن، بل ينتهي البعض في بكين.

تلك العلاقات الوثيقة، أكدها المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في تصريحات لشبكة سي إن إن: البلدان شريكان استراتيجيان شاملان، وحافظا على تعاون ودي في كل المجالات، بما في ذلك التجارة العسكرية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون لا ينتهك أي قانون دولي، ولا ينطوي على انتشار أسلحة الدمار الشامل.