هل تمتد جسور تمويل إيران للإخوان عبر لبنان؟
الدكتور حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أكد للسياق، على أن تعيين مجتبى أماني سفيرًا لإيران في لبنان، من الممكن أن يطرح صيغة جديدة للعلاقات بين طهران والإخوان

السياق
لم يكن تعيين مجتبى أماني سفيرًا لإيران في لبنان، مجرد إجراء دبلوماسي، بل خطوة جديدة على طريق تنفيذ الاختراقات الإيرانية لدول المنطقة، بحسب خبراء تحدثوا لـ"السياق".
وتستند هذه الرؤية إلى أن مجتبى أماني يعد حليفًا للإخوان، عندما كان رئيسًا لمكتب رعاية المصالح في القاهرة عام 2012، وكان على تواصل دائم مع الإخوان وأركان نظامهم خلال عام الحكم في مصر، وحتى بعد إسقاطهم بثورة 30 يونيو 2013.
العلاقة بين إيران والإخوان قديمة، إذ بدأت منذ عام 1979 وبلغت ذروتها عام 2012، مع وصول الإخوان للسلطة، ومسعى الجماعة إلى تشكيل "حرس ثوري"، بعد فشل سيطرتهم على الجيش والشرطة المصرية.
كانت مصادر مقربة من جماعة الإخوان قالت لـ"السياق"، إن التنظيم حاول تشكيل مليشيات مسلحة شبه رسمية، بعد فشل اختراق الجيش المصري تحديدًا، وتم طرح هذه الفكرة خلال زيارة الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي إلى إيران في أغسطس 2012، وبدأ هذا المشروع يتبلور بين الجانبين مع زيارة الرئيس الإيراني آنذاك محمود أحمدي نجاد إلى القاهرة في فبراير 2013، مع تصاعد الحراك الشعبي ضدهم، ورفض الجيش النزول للشارع لمواجهة المحتجين.
صيغة محتملة
الدكتور حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أكد للسياق، على أن تعيين مجتبى أماني سفيرًا لإيران في لبنان، من الممكن أن يطرح صيغة جديدة للعلاقات بين طهران والإخوان، لافتًا إلى أن الأمور السياسة الخاصة بالحركات الإسلامية والعلاقة مع طهران، تصنع داخل القيادة العليا للحرس الثوري الإيراني.
ويشير "هنية" إلى أنه لا يمكن وضع الإخوان في قطب واحد كما كان، بعد أن أصبحوا مجموعات متنوعة ومختلفة، لكنه في الوقت نفسه، لا يستبعد أن تكون هناك صيغة جديدة للحوار بين إيران وتنظيم الإخوان، خلال الفترة المقبلة.
ونوه إلى أن إيران ترصد التحولات الجيوسياسية والتحالفات السياسية الجديدة في المنطقة، لذا من المؤكد أن طهران ستعيد تشكيل علاقاتها مع الإخوان مرة أخرى، في ظل العداء الكبير للتنظيم في المنطقة.
وتوقع كذلك حدوث تحسن في العلاقات بينهما، كما حدث مع حماس، وتجاوز الخلافات الحادة، لذا من المنتظر أن تشهد المنطقة تحالفًا جديدًا، بين إيران والحركات الإسلامية السُّنية، خاصة في ظل تأثيرات الحرب الروسية في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة، ما يحسن الأوضاع المادية لإيران، ويمكنها من تمويل أنشطة الإخوان والحركات الأخرى.
رجل المرحلة
من جانبه، يقول الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في تصريحات للسياق، إن تعيين مجتبى أماني سفيرًا لطهران في بيروت، يأتي في إطار تصعيد المجموعة الخبيرة في الشؤون العربية بوزارة الخارجية.
وأوضح أن أماني كان مديرًا لمكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر، ثم تولي الإدارة المصرية في الخارجية الإيرانية خلال عهد جواد ظريف، وينظر إليه على أنه رجل يجمع بين خبرتين، خبرة أمنية كمقرب من الحرس الثوري، وخبرة دبلوماسية بحكم توليه منصب مدير الإدارة المصرية في الخارجية الإيرانية، فضلًا عما له من علاقات معقدة ومتعددة مع الأطياف في لبنان، إلى جانب أنه يجيد اللغة العربية تحدثًا وكتابة بشكل جيد جدًا.
ويؤكد رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن كل ما سبق يجعل مجتبى أماني، الرجل المناسب لهذه المرحلة، لحماية المصالح الإيرانية في لبنان، وإقامة جسور التواصل والدعم الإيراني للفصائل التابعة لإيران، خاصة حركة أمل وحزب الله، بجانب الحركات الإسلامية الأخرى، وتحديدًا الإخوان.
ويلفت أبو النور إلى أن مجتبى أماني، كان يتواصل مع الإخوان داخل مصر وقت أن كانوا في السلطة، وكانت العلاقات معهم مفتوحة دبلوماسيًا، كاشفًا أنه تواصل مع قيادات الإخوان في محافظات الدلتا، لأسباب تتعلق بمحاولة إيران لفهم ما يمكن أن يحدث في المستقبل.
لكن رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، يستبعد أن يكون هناك ربط مباشر بين تعيين مجتبى أماني سفيرًا لإيران في لبنان، والدعم الذي يمكن أن يقدمه لحزب الله والدعم المنتظر لتنظيم الإخوان.
أطماع إيرانية
الدكتور عمرو عبد المنعم، الباحث المتخصص في الحركات الأصولية قال للسياق إن إيران تختار دبلوماسييها في دول المواجهة مع إسرائيل بعناية فائقة، إذ لابد أن يكون على درجة عالية من الكفاءة الفكرية. ونوه بأن طهران تعمل على ملف تمويل ودعم الإخوان، عبر ماليزيا وبعض دول آسيا، إذ تم افتتاح مركز دراسات في اسطنبول بتمويل من إيران، لرصد الواقع في الدول العربية لصالح نظام طهران.
ويؤكد عبدالمنعم أن التمويل الإيراني للإخوان مستمر، إذ تسعى طهران لدور إقليمي فاعل، وهو ما يدفعها لتأكيد علاقاتها بحركات الإسلام السياسي، مثل حركتي الجهاد الإسلامي وحماس.
وكشف الباحث المتخصص في الحركات الأصولية، أن القيادي الإخواني محمود الإبياري، أحد قيادات جبهة إبراهيم منير، هو العراب الرئيس للإخوان في علاقاتهم بإيران، مشددًا على أن العلاقات بين الجانبين ربما تشهد تطورًا وفق متطلبات المرحلة بالنسبة إليهما.