هل يتحوَّل الشرق الأوسط إلى الأسلحة الصينية بدلًا من الغربية؟

رغم أن إيران عميل محتمل للأسلحة، فإن الصين تخطو بحذر في التعامل معها، وإذا أدركت بكين الصعوبات الاقتصادية والمالية، التي تواجهها إيران حاليًّا، ستظل حذرة بشأن توقيع أية صفقة أسلحة كبيرة مع طهران

هل يتحوَّل الشرق الأوسط إلى الأسلحة الصينية بدلًا من الغربية؟

ترجمات - السياق

تناولت صحيفة ذا دبلومات الإلكترونية الأمريكية، تجارة الأسلحة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن المنطقة قد تتحوَّل من الاعتماد على الأسلحة الغربية، إلى السوق الصيني.

وقالت الصحيفة في تقريرها: إن تجارة الأسلحة بين الصين ودول الشرق الأوسط، تشهد نموًا مطردًا في السنوات الأخيرة، فرغم أن الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا، لديها حصة كبيرة من أسواق الدفاع في الشرق الأوسط، فمن المرجَّح أن يشهد ذلك الاتجاه تحولًا في المستقبل القريب، تزامنًا مع توغُّـل الصين تدريجيًّا في تجارة الأسلحة بالشرق الأوسط. 

وأشارت الصحيفة، إلى أن بصمة الصين بدأت التوسُّع في الشرق الأوسط، على نحو سريع، منذ إعلان "مبادرة الحزام والطريق" عام 2013، فمنذ ذلك الحين، أصبحت أكبر شريك تجاري ومستثمر أجنبي لدول عدة في المنطقة.

وبينما كان تركيز الصين منصباً على إبرام صفقات استثمارية اقتصادية مرتبطة بـ"مبادرة الحزام والطريق"، لاسيما مشروعات البنية التحتية والاتصال، فإن أسواق الدفاع المربحة في الشرق الأوسط، والتطورات الجيوسياسية في المنطقة، والمخاوف الأمريكية التي تبعث بسياسات غير مؤكدة من جانب واشنطن، دفعت الصين إلى إعادة توجيه استراتيجياتها.

في ذلك الإطار، ترى بكين فرصة مواتية، لتعزيز العلاقات العسكرية والأمنية مع بعض دول الشرق الأوسط - خصوصًا دول الخليج الأغنى- لجعل علاقاتهما أكثر شمولًا.

الحذر من إيران

وتوضح "ذا دبلومات": رغم أن إيران عميل محتمل للأسلحة، فإن الصين تخطو بحذر في التعامل معها، وإذا أدركت بكين الصعوبات الاقتصادية والمالية، التي تواجهها إيران حاليًّا، ستظل حذرة بشأن توقيع أية صفقة أسلحة كبيرة مع طهران.

وتأسيسًا على ذلك، قد لا ترغب بكين في استعداء إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، من خلال تزويد طهران بمزيد من الأسلحة، بيد أنه من المرجَّح أن تؤدي السيناريوهات الجيوسياسية الناشئة على سياسة الصين تجاه إيران، إلى زيادة عزلة الصين وإيران عن المجتمع الدولي.

ستحاول الصين ودول الخليج -على الأرجح- التركيز أكثر على نقل التكنولوجيا المتبادلة، والإنتاج المشترك المرخص لأنواع معينة من الأسلحة، إضافة إلى ما يمكن أن تقدِّمه الصين وتبيعه للعملاء الإقليميين، ببعض عناصرها الدفاعية المصمَّمة والمصنَّعة محليًا.

 

خطوات محسوبة

على مدى السنوات القليلة الماضية، كانت الصين تتخذ خطوات محسوبة، في تعاملاتها مع معظم دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط جيواستراتيجيًا.

وقدَّم الكشف عن ورقة السياسة العربية للصين في يناير 2016، قبل أسبوع واحد فقط من زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية ومصر وإيران، مزيدًا من الوضوح لاستراتيجية الصين في المنطقة. 

وتصف وثيقة السياسة المذكورة، أهداف الصين الشاملة في المنطقة بأنها: "تحقيق التعاون المربح للجانبين، والتنمية المشتركة، ومستقبل أفضل للعلاقات التعاونية والاستراتيجية الصينية العربية".

كما تشير -على وجه التحديد- إلى الحاجة لتكثيف التعاون العسكري الصيني مع الدول العربية، وكذلك "لتعميق التعاون في مجال الأسلحة والمعدات والتقنيات المتخصصة، وتنفيذ التدريبات العسكرية المشتركة". 

وتضيف الوثيقة أن الصين "ستواصل دعم تطوير الدفاع الوطني والقوات العسكرية للدول العربية، للحفاظ على السلام والأمن في المنطقة". 

وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه من الواضح تمامًا أن الصين لديها مصلحة قوية في تضمين التعاون العسكري والأمني​​، لاسيما صفقات الأسلحة والإنتاج المشترك للأسلحة، كأحد أبعاد استراتيجيتها الشاملة في الشرق الأوسط، وما زاد من ميزتها هو التقدُّم التكنولوجي للصين في مجال البحث والتطوير الدفاعي (R & D)، خصوصاً في مجالات الصواريخ والطائرات من دون طيار.

 

الأسلحة المتطوِّرة

بشكل عام، يتزايد الطلب على أنظمة الأسلحة المتطوِّرة وتقنيات الدفاع في الشرق الأوسط، ويرجع ذلك إلى التهديدات التي لا تزال بعض البلدان تواجهها، وأيضًا بسبب التوترات بين عدد قليل من الدول في المنطقة. 

على سبيل المثال، جعل البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، بعض الدول التي يهيمن عليها السُّنة تخزن ترساناتها، في حين أن التهديدات من الجهات الفاعِلة غير الحكومية، بما في ذلك فلول تنظيم داعش والقاعدة في العراق وسوريا، لا تزال تشكِّـل تهديدات أمنية خطيرة في المنطقة. 

كما لا تزال دول مثل المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، حذرة بشأن التهديدات لأمنها الداخلي، وكذلك الهجمات المتكررة بالصواريخ والطائرات من دون طيار، التي يرتكبها المتمرِّدون الحوثيون المتمركزون في اليمن، عبر الحدود الجنوبية. 

في خضم هذه التحديات، دفعت سياسات مبيعات الأسلحة المشروطة للمصدِّرين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة، والتي تتعلق في الغالب، بمواد مثل الطائرات من دون طيار، دولًا كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى البحث عن بدائل أخرى ذات قيود أقل. وتقول الصحيفة: «هذا فراغ مهم تأمل الصين في ملئه».