الهجمات الإسرائيلية تؤجج مشاعر عدم الثقة والخوف في إيران

تضيف الاغتيالات في وضح النهار مخاوف مفادها أن حرب الظل قد تنفجر إلى العلن

الهجمات الإسرائيلية تؤجج مشاعر عدم الثقة والخوف في إيران
حادث قتل كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زاده

ترجمات - السياق 

الهجمات الإسرائيلية تؤجج مشاعر عدم الثقة والخوف في إيران، وتضيف الاغتيالات في وضح النهار مخاوف مفادها أن حرب الظل قد تنفجر إلى العلن.

في عرض نادر للتضامن العام، ظهر وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل الخطيب مع رئيس استخبارات الحرس الثوري الجديد  محمد كاظمي، في صورة جمعتهما هذا الشهر، حيث تعهدا بالعمل لتعزيز الأمن، في إشارة تم تأويلها على نطاق واسع، بأنها تعني مكافحة العمليات الإسرائيلية داخل إيران.

ويعكس قرار تقليص حدة  المنافسة، بين المسؤولين الإيرانيين، مشاعر القلق التي وصلت إلى أعلى مستويات مؤسسة الحكم وكذلك الشارع الإيراني، حيال تصاعد الهجمات المرتبطة بإسرائيل.

وتتضمن قائمة الهجمات عملية الاغتيال في مايو الماضي، التي أودت بحياة قائد عسكري أمام عتبة منزله في وضح النهار وسط طهران.

وتعهد الخطيب والكاظمي، الذي تولى المنصب بعد إقالة سلفه في أعقاب عملية الاغتيال، بتكريس التعاون المشترك بين الأجهزة الأمنية والاستخبارية، في ظل مخاوف مفادها أن حرب الظل مع إسرائيل -الممتدة منذ عقود- تقترب من الانفجار".

وقال سياسي إصلاحي: "يبدو الأمر كأن إسرائيل أسست منظمة واسعة النطاق في طهران، وتقوم بحرية بإدارة عملياتها".

وأضاف: "تستهدف إسرائيل بوضوح صورة إيران شديدة التأمين، لتشويه عظمتها في أعين الشعب".

وألقت إيران باللوم على إسرائيل لاغتيال 5 من علمائها النوويين على الأقل، آخر 12 عامًا، آخرها عام 2020 من خلال عملية متطورة ارتبطت بسلاح رشاش يتم التحكم فيه عن بُعد.

علاوة على ذلك تعتقد المخابرات الإيرانية أن إسرائيل سرقت من أرشيفها وثائق نووية سرية، شنت بموجبها هجمات استهدفت مواقع نووية.

عام 2018، قال رئيس وزراء إسرائيل السابق بنيامين نتنياهو إن المخابرات الإسرائيلية جمعت "نصف طن" من الوثائق النووية الإيرانية، التي توضح كذب طهران بشأن طموحها النووي على حد قوله.

ورفضت متحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي طلبًا من الصحيفة بالتعليق.

لكن في مقابلة نادرة -الأسبوع الماضي- مع القناة 13 الإسرائيلية، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولاتا: "إسرائيل سوف تفعل ما تراه مناسبًا، لقد فعلنا أشياء كثيرة في إيران العام الماضي" من دون الإدلاء بتفاصيل هذه الممارسات.

وأوضح المسؤولون الإسرائيليون اعتزامهم مجابهة إيران، التي خصبت اليورانيوم لمستوى قريب من صنع أسلحة نووية، منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 وفرض عقوبات صارمة على طهران.

وتستمر المحادثات، وإن كان التقدم ضعيفًا، بشأن إحياء الاتفاق النووي، الذي طالما عارضته إسرائيل.

من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق  نفتالي بينت -الشهر الماضي- قبل أن يغادر منصبه: "نحن ننفذ مبدأ الأخطبوط. لم نعد نلعب مع الأذرع، مع وكلاء إيران، لقد أنشأنا معادلة جديدة تتمثل في استهداف الرأس".

وتمثل الهجمات الأخيرة صدمة لنظام يفتخر بقوته الأمنية. وقال اللواء محمد باقري رئيس الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية: "إنه ليس إنجازًا صغيرًا عندما نكون في منطقة غرب آسيا المضطربة، لكن قاربنا يبحر بهدوء وأمان بعيدًا عن انعدام الأمن".

وبات مدى اختراق إسرائيل للمؤسسة الإيرانية واضحًا وفقًا لمحللين. وقال خبير ينتمي لمعسكر المحافظين بالدولة الآسيوية: "التضخم مشكلة خطيرة يحتاج النظام الإيراني إلى إيجاد حل لها".

وتتضمن الضربات المزعومة قتل جنديين إيرانيين بسوريا في مارس الماضي، حيث حمَّل الحرس الثوري الإيراني إسرائيل المسؤولية.

 وبعد أيام من الواقعة، انتقمت طهران وأعلنت مسؤوليتها عن هجوم صاروخي، قال الحرس الثوري إنه استهدف مركزًا استخباريًا إسرائيليًا شمالي العراق.

وقالت وزارة الدفاع الإيرانية إن واحدًا من "مهندسيها الاستثنائيين استشهد في مركز بحوث بموقع بارشين العسكري في يونيو".

وتحدثت تقارير عن شن هجمات سيبرانية إيرانية في إسرائيل، إحداها ربما تسببت في صافرات الإنذار الكاذبة غربي القدس وإيلات الشهر الماضي، وفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية.

كما استطاع الإيرانيون اختراق عدد من مواقع حجز السفر الإسرائيلية الشهيرة، والحصول على معلومات شخصية تتعلق بأكثر من 300 ألف إسرائيلي، وفقًا لتقارير إسرائيلية.

وقال أحد العالمين ببواطن الأمور في النظام الإيراني: "لا تزال سياسة إيران تتمثل في العمل مع وكلائها، ولن نبدأ أي هجمات ضد إسرائيل إذا لم تهاجم الأخيرة حزب الله. ليس من الحكمة بالنسبة لنا أن نحارب إسرائيل. الصهاينة يظهرون أسنانهم للهجوم، لكنها ليست حادة بما يكفي للذهاب لمدى بعيد وضرب إيران".

محمد علي جعفري، قائد الحرس الإيراني السابق، أشار -الشهر الماضي- إلى ما وصفها بالعمليات النفسية للعدو لتشكيل تصور بضلوع إسرائيلي في تلك الهجمات، رغم أنها لم تنفذها، في إشارة ضمنية إلى أن الولايات المتحدة هي التي تقف وراءها.

وعلاوة على صواريخها وطائراتها المسيرة وزوارقها السريعة المتطورة، تحتاج إيران إلى الاستعداد لهذه الحرب النفسية والاستخبارية، وفقًا لخبراء.

الشهر الماضي، قال العميد الركن حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، خلال مراسم تقديم رئيس الاستخبارات الجديد: "لقد تحولت هذه الحرب الاستخبارية إلى أكثر الحروب الحقيقية اتصالًا".

وحذر سلامي من أن "العدو يجلب كل وسائله إلى الميدان، وأن العديد من الأنظمة قد أطيحت على أيدي قوى عالمية، من خلال عمليات استخبارية".

واستطرد: "يستهدف العدو نزع ثقتنا بأنفسنا وتفريغنا من الداخل. إنه العدوان الأكثر خطورة وخداعًا. نحث الجميع على المساعدة في إجهاض هذا الوهم".

وتسببت تقارير عن حدوث هجمات دورية على وطنهم، في تسلل شعور داخل أوصال بعض الإيرانيين بأنهم أصبحوا أقل أمنًا.

وقال تاجر بازار إيراني يدعى علي: "من يعطي المعلومات للإسرائيليين؟ بالتأكيد هناك من يفعل ذلك داخل النظام. نحن نشعر بالأمان ولكن بعد ذلك من يدري، ربما ينهار النظام من داخله على غرار ما حدث في الاتحاد السوفييتي".