حوار بطرسبرغ للمناخ... حرب أوكرانيا وأزمة الغذاء على مائدة حوار 40 دولة
دعوة مصر للرئاسة المشتركة لهذا المحفل المهم، تأتي تقديرًا للدور الحيوي الذي قامت به القاهرة، في إطار مفاوضات تغير المناخ على مدى السنوات الماضية

السياق
متخذين من أزمات شديدة التعقيد كالتغيرات المناخية، ومشكلات إمدادات الطاقة بسبب حرب أوكرانيا، ونقص الغذاء في العالم، هدفًا لهم، بدأ ممثلو 40 دولة في ألمانيا حور بطرسبرغ للمناخ، لبحث كيفية المضي قدمًا في مكافحة التغير المناخي.
فالحوار الذي تقوده ألمانيا ومصر يعد لبنة أساسية في تمهيد الطريق لعقد مؤتمر عالمي ناجح للمناخ «كوب27» الذي يعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، أوائل نوفمبر المقبل.
وبحسب جدول أعمال الحوار، فإن المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سيلقيان كلمة في الاجتماع الذي يستمر يومين وتنظمه ألمانيا ومصر، للتمهيد لمؤتمر المناخ العالمي كوب 27.
كان السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، قال إن حوار بطرسبرغ يعد من المحطات المهمة، قبل انعقاد الدورة المقبلة من قمة المناخ العالمية بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر المقبل، لما يمثله من فرصة للتشاور والتنسيق بين مجموعة كبيرة من الدول الفاعلة، على صعيد جهود مواجهة تغير المناخ.
وأضاف أن دعوة مصر للرئاسة المشتركة لهذا المحفل المهم، تأتي تقديرًا للدور الحيوي الذي قامت به القاهرة، في إطار مفاوضات تغير المناخ على مدى السنوات الماضية.
ومن المقرر أن يلتقي السيسي خلال الزيارة عددًا من المسؤولين الألمان، وعلى رأسهم المستشار شولتز، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كل الأصعدة، في إطار حرص البلدين على تدعيم التعاون بينهما، ومواصلة التشاور المكثف في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بحسب بيان الرئاسة المصرية.
لا تنازلات
وفي كلمتها –الاثنين- خلال افتتاح حوار بطرسبرغ، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إن برلين لن تقدم أي تنازلات في مجال حماية المناخ، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة الناتجة عنها.
وبينما أكدت رئيسة الدبلوماسية الألمانية، أن بلادها كثفت جهودها لتوسيع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، إلا أنها قالت إن برلين ستضطر إلى إعادة تنشيط محطات الطاقة التي تعمل بالفحم كـ«احتياطي طارئ» لفترة قصيرة.
وأضافت: سنعيد تشغيل المزيد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم خلال الأشهر المقبلة، لكن فقط لفترة قصيرة، مشيرة إلى أن قرار برلين لا يعني تخليها عن هدف الحد من زيادة احترار الأرض على 4.5 درجة مئوية، قائلة: «هذا لا يعني أيضًا أننا نتباطأ في سعينا لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة».
ودعت الدبلوماسية الألمانية المجتمع الدولي إلى بذل جهود مشتركة ومكثفة، لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، التي يتسبب فيها الإنسان، مشيرة إلى أن تغير المناخ أكبر مشكلة أمنية لسكان الأرض.
وأكدت أن «أزمة المناخ التي لا تتوقف عند حدود، يجب ألا تتوقف حلولها عند أي حدود»، مشددة على أن الهدف القدرة على احتواء أكبر تهديد أمني لهذا القرن، على المستوى الدولي وعلى نحو مشترك.
بيربوك أشارت إلى أن حوار بطرسبرغ بشأن المناخ يُعد لبنة أساسية في تمهيد الطريق لعقد مؤتمر عالمي ناجح للمناخ «كوب27»، مضيفة: «نحن في القارب نفسه، ما يعني أنه لا يمكننا تغيير الأمور إلا معًا».
بيربوك أكدت ضرورة إحراز تقدم في توسيع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مشيرة إلى تأثير سلبي للحرب الروسية الأوكرانية في أزمة المناخ.
درع وقائية
وزارة التنمية الألمانية أعلنت –الاثنين- عزمها على عرض مفهومها لإنشاء «درع وقائية» ضد المخاطر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ في البلدان النامية.
وبحسب وزارة التنمية، فإن الاقتراح يهدف لوضع قواعد لأنظمة الإنذار المبكر في البلدان المعرضة للخطر بشكل خاص، وصياغة خطط احترازية وإنشاء أنظمة تمويل سريع، في حال حدوث ضرر.
من جانبه، أكد وكيل وزارة التنمية الألمانية يوخن فلاسبارت، ضرورة تعزيز حماية المناخ والتكيف مع الأضرار، قائلًا: «لقد حان الوقت لأن تتحدث البلدان الصناعية عن نقطة ثالثة بصدق».
وأشار إلى ضرورة الاعتراف بوجود أضرار مناخية، وأن البلدان الأكثر ضعفًا -على وجه الخصوص- بحاجة إلى التضامن للتعامل معها، مؤكدًا ضرورة بناء جسور مع حلول ملموسة للمشكلات خلال مؤتمر المناخ العالمي المقبل في مصر.
فات الأوان
من جانبه، حذر الخبير والباحث في مجال المناخ مجيب لطيف لمجموعة «بايرن» الإعلامية، من أن الوقت نفد بالفعل أمام محاولات الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، لترتفع بـ 1.5 درجة كحد أقصى، مقارنة بما قبل الثورة الصناعية.
وأوضح الخبير الألماني -في تصريحات صحفية- أنه «بالنظر إلى المعدلات الحالية لانبعاثات غازات الدفيئة، سنتجاوز هذا المستوى خلال أقل من عشر سنوات»، مشيرًا إلى أنه بالنظر إلى ما يفعله الساسة في أنحاء العالم «فنحن في سبيلنا إلى تسجيل أكثر من 3 درجات، إننا نقترب من النقطة التي يتعين على المرء أن يقر فيها بأنه قد فات الأوان».
الخبير الألماني رأى أن ارتفاع حرارة الأرض بـ 3 درجات سيكون كارثة، معربًا عن أسفه أنه كانت هناك قضايا أكثر إلحاحًا من حماية المناخ.
إلى ذلك وصف المنظمون فعاليات "الحوار"، بالفرصة التي من شأنها إعادة بناء الثقة بين الدول الغنية والفقيرة قبل قمة المناخ التي ستعقدها الأمم المتحدة في مصر هذا العام.