انتخابات ماليزيا... خسارة تاريخية تنهي مشوار مهاتير محمد السياسي وبرلمان معلق

الزعيم الماليزي المخضرم مهاتير محمد، كان أول ضحايا الانتخابات التي جرت في بلاده السبت، بخسارته السباق إلى مقعد برلماني في الانتخابات العامة، لأول مرة خلال 53 عامًا

انتخابات ماليزيا... خسارة تاريخية تنهي مشوار مهاتير محمد السياسي وبرلمان معلق

السياق

بعد طوابير طويلة في يوم ماطر، جاءت نتائج الانتخابات الماليزية بما لا تشتهي سفن السياسيين، في البلد الذي كان -لعقود من الزمان- أحد أكثر الدول استقرارًا، في منطقة كان لها نصيبها من الانقلابات العسكرية، والاضطرابات السياسية العنيفة وحركات التمرد.

انتخابات السبت في ماليزيا، شهدت مزيدًا من التراجع للقوة التي هيمنت على السياسة منذ استقلال البلاد عام 1957 حتى 2018، فضلًا عن مكاسب لحزب إسلامي، دعا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.

فماذا عن نتائج الانتخابات؟

الزعيم الماليزي المخضرم مهاتير محمد، كان أول ضحايا الانتخابات التي جرت في بلاده السبت، بخسارته السباق إلى مقعد برلماني في الانتخابات العامة، لأول مرة خلال 53 عامًا، في هزيمة قد تمثل نهاية مسيرته السياسية الممتدة منذ سبعة عقود.

وفشل مهاتير (97 عامًا)، الذي شغل منصب رئيس وزراء ماليزيا أكثر من عقدين على فترتين، في الاحتفاظ بمقعده البرلماني، ليحل بالمركز الرابع في منافسة خاضها خمسة مرشحين في دائرة جزيرة لانكاوي الانتخابية، فاز فيها مرشح من التحالف الوطني، الذي يقوده رئيس وزراء سابق آخر هو محيي الدين ياسين.

خسارة تاريخية

تعد خسارة مهاتير محمد الأولى له في الانتخابات منذ عام 1969. ويقود مهاتير ائتلافًا تعهد بإطاحة حكومة ائتلاف الجبهة الوطنية الحالية على خلفية اتهامها بالفساد.

ورغم ذلك، فإن تحالفه يعد منافسًا رئيسًا، إذ تواجه الجبهة ائتلافين كبيرين، تكتل محيي الدين وآخر يقوده أنور إبراهيم، المنافس اللدود لمهاتير منذ وقت طويل.

كان مهاتير استبق نتائج الانتخابات، بتصريحات لـ«رويترز»، قال فيها إنه سيتقاعد من العمل السياسي إن خسر، مضيفًا: «لا أرى نفسي ناشطًا في العمل السياسي حتى أبلغ من العمر مئة عام. أهم شيء هو نقل خبرتي إلى القادة الشبان بالحزب».

تنافس محتدم

تنافس محتدم شهدته الانتخابات التشريعية الماليزية، بين زعيم ائتلاف المعارضة أنور ابراهيم وخصمه رئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين، الذي يقود تكتلًا في مواجهته.

ذلك التنافس ترجمته النتائج الرسمية، التي أعلنتها اللجنة الانتخابية بين ائتلاف أنور إبراهيم «باكاتان هارابان» (تحالف الأمل) و«بيريكاتان ناسيونال» (التحالف الوطني) بزعامة رئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين.

وبحسب النتائج، فإن ائتلاف السلطة «باريسان ناسيونال» بقيادة حزب المنظمة الوطنية الموحدة «أومنو»، حل ثالثًا.

وعشية الانتخابات، أظهر استطلاع لمعهد ميريديكا، أن ائتلاف أنور إبراهيم سيحصد 82 مقعدًا من أصل 222، أي سيحظى بتأييد 33% من الناخبين لتوليه رئاسة الحكومة.

وبدا أنور ابراهيم واثقًا بحذر من نيل ائتلافه الأغلبية المطلقة في البرلمان، قائلًا: «النصر اليوم سيكون بالتأكيد مرضيًا بعد أكثر من عقدين من النضال لكسب قلوب وعقول الناس».

إلا أن تحالف باكاتان هارابان فاز بزعامة أنور بـ 82 مقعدًا في مجلس النواب، وهو ما يقل عن 112 مقعدًا، لكنه يتقدم بقليل على تحالف محيي الدين ياسين بـ 73 مقعدًا.

وعانى تحالف باريسان الوطني، بقيادة رئيس الوزراء إسماعيل صبري يعقوب -الذي كانت منظمته الوطنية الماليزية المتحدة منذ فترة طويلة القوة السياسية المهيمنة في ماليزيا- أسوأ هزيمة انتخابية له على الإطلاق، بعد أن فاز فقط بـ30 مقعدًا من أصل 178 مقعدًا تنافس عليها.

برلمان معلق

بعد نتائج الانتخابات، التي أسفرت عن برلمان معلق، من دون أن يفوز أي تحالف بأغلبية برلمانية لأول مرة في ماليزيا، سارع القادة السياسيون، الأحد، للحصول على دعم خصومهم.

وقال زعيم المعارضة أنور إبراهيم ورئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين، إن بإمكانهما تشكيل حكومة بدعم أحزاب أخرى لم يحدداها.

وقد يتطلب تشكيل حكومة مشاركة ملك ماليزيا، الذي يشمل دوره الاحتفالي إلى حد كبير، سلطة تعيين مشرع كرئيس للوزراء، يعتقد أنه سيحظى بأغلبية، عندما لا يستطيع أي تحالف ذلك بمفرده.

وأصدر القصر، الأحد، تعليمات للأطراف بتقديم اسم المشرع الذي يعتقد أنه يتمتع بأغلبية، الساعة الثانية بعد الظهر.

الائتلاف الحاكم

بينما أعلن ائتلاف الجبهة الوطنية الحاكم لماليزيا –السبت- قبوله قرار الشعب بعد الانتخابات، إلا أنه أحجم عن الاعتراف بالخسارة، بعد أن أظهرت النتائج المبكرة أن الائتلاف حل في المرتبة الثالثة بعد منافسين آخرين.

وقال الائتلاف -في بيان- إن الجبهة تظل ملتزمة بالإسهام في تشكيل حكومة مستقرة.

وأظهرت النتائج المبكرة من لجنة الانتخابات، أن الجبهة جاءت في المرتبة الثالثة بعد ائتلاف زعيم المعارضة أنور إبراهيم وتحالف محيي الدين ياسين رئيس الوزراء السابق.

كان محللون قد حذروا من مخاطر متزايدة لزعزعة استقرار البلاد المتعددة الأثنيات، إن لم يفض الاستحقاق إلى أغلبية صريحة تمكن الحكومة -التي تواجه فضيحة فساد واسعة النطاق- من إرساء شرعيتها.

ماذا تعني النتائج؟

وقال أسرول هادي عبدالله ساني، نائب العضو المنتدب في «باور جروب آسيا» لاستشارات المخاطر السياسية: «أعتقد أن ما تعلمناه أن البلاد أكثر انقسامًا»، مشيرًا إلى أنه مع تقدم تحالف بيريكاتان، فإن ذلك يظهر أن هناك ثلاثة تحالفات في مستقبل السياسة الماليزية.

وأثناء قتاله ضد المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة، التي كان يقودها ذات مرة، فقد مهاتير محمد، 97 عامًا، أطول رئيس وزراء خدمة في ماليزيا، مقعده في أول هزيمة انتخابية له منذ 53 عامًا.

وكان الفائز الرئيس في الانتخابات هو الحزب الإسلامي الماليزي في ائتلاف بيريكاتان، وحصل على أكبر عدد من المقاعد لأي حزب منفرد.

ويمكن للكتل السياسية الأصغر الموجودة في ولايتي صباح وساراواك في جزيرة بورنيو، التي سعت إلى قدر أكبر من الحكم الذاتي، أن تلعب أدوارًا حاسمة إذا تحالفت مع أي من الائتلافين.

وقال محيي الدين إنه التقى زعيم ولاية ساراواك وكان يجري مناقشات مع أحزاب أخرى بشأن تشكيل الحكومة.

وتقول «رويترز»، في تقرير ترجمته «السياق»، إنه إذا أصبح أنور رئيسًا للوزراء، سيكون تحولًا ملحوظًا لسياسي انتقل خلال 25 عامًا من وريث مهاتير الظاهر إلى شخصية قيادية في المعارضة.

وبعد إطلاق سراحه من السجن عام 2018، انضم إلى محيي الدين ومرشده، الذي تحول إلى عدو لحليف مهاتير محمد لهزيمة باريسان، منهيًا حكمه الذي دام ستة عقود، وسط غضب شعبي من الحكومة.

وانهار هذا الائتلاف بعد 22 شهرًا، بسبب الخلاف الداخلي بشأن وعد من مهاتير بتسليم رئاسة الوزراء لأنور.