هل تضاءل مخزون موسكو من الصواريخ؟
القوات الروسية استخدمت 1235 من أصل 1844 صاروخًا من طراز إسكندر وكاليبر، وصواريخ كروز تطلق من الجو منذ أن بدأت غزوها الشامل في فبراير.

ترجمات -السياق
تساءلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن حقيقة ما يتردد بشأن تضاؤل مخزون الجيش الروسي من الصواريخ، مشيرة إلى أن الضربات الصاروخية الروسية للبنية التحتية الأوكرانية للطاقة، تؤكد وجود مخزون ضخم من الصواريخ ومكوناتها لدى موسكو.
جاءت هجمات الثلاثاء الماضي، التي وصفتها الصحيفة بأنها "أكبر هجوم جوي" منذ بدء الصراع حتى الآن، بـ 96 صاروخًا، لتثير تساؤلات عن المقدار الذي يمكن أن تُستنفد فيه ترسانة روسيا، وما إذا كانت موسكو ستتحمل من خلال إيجاد مصادر بديلة للأسلحة.
وبينت الصحيفة، أن هذه الهجمات جاءت بعد أشهر من تأكيدات المسؤولين الغربيين والأوكرانيين أن مخزون موسكو من الصواريخ والأسلحة الأخرى يتضاءل.
كانت أوكرانيا زعمت -الشهر الماضي- أن روسيا استهلكت 70% من احتياطاتها من الصواريخ قبل الحرب، حسب صحيفة التايمز البريطانية.
قدرات موسكو
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه سواء تم التخطيط للهجوم على أهداف البنية التحتية منذ فترة طويلة، كما يتصور القادة الأوكرانيون، أم كان بمنزلة رد مميت على استعادة كييف لمدينة خيرسون الأسبوع الماضي، فإن الهجوم الواسع يثير تساؤلات عن مقدار استنفاد ترسانة روسيا، وما إذا كانت موسكو قد حصلت على مصادر بديلة للأسلحة.
ووفقًا للصحيفة فإن الضربات المكثفة على البنية التحتية الأوكرانية تستدعي التشكيك في المزاعم، التي تدعي أن القوات الروسية تستنفد مخزونها من الصواريخ، والتي يمكن أن تكون قد خزنت ترسانة أسلحة، أو حصلت على مصادر جديدة للأسلحة.
كان وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، قد صرح -الشهر الماضي- بأن روسيا استنفدت ما يقرب من 70 في المئة من مخزوناتها الصاروخية، خصوصًا (إسكندر وكاليبر) وصواريخ كروز الجوية.
وأوضح ريزنيكوف –حينها- أن روسيا لم يتبق لديها سوى 609 من تلك الصواريخ، رغم أنه لا يمكن التحقق من أي من الأرقام بشكل مستقل.
وقال: القوات الروسية استخدمت 1235 من أصل 1844 صاروخًا من طراز "إسكندر" و"كاليبر"، وصواريخ كروز تطلق من الجو منذ أن بدأت غزوها الشامل في فبراير.
وتابع ريزنيكوف: "باستخدام مئات الصواريخ عالية الدقة ضد مواقع مدنية في أوكرانيا ، قللت الدولة المعتدية قدرتها على ضرب الأهداف العسكرية".
يذكر أنه في 10 أكتوبر، أطلقت روسيا 84 صاروخ كروز و24 طائرة من دون طيار على أوكرانيا.
بينما ذكر تقرير استخباراتي لوزارة الدفاع البريطانية في 16 أكتوبر أن هجومًا واسع النطاق على البنية التحتية المدنية الأوكرانية -قبل ستة أيام- أدى على الأرجح إلى تدهور مخزون الصواريخ بعيدة المدى في روسيا، التي من المحتمل أن تقيد قدرتهم على ضرب الأهداف التي يرغبون فيها.
وأشار مسؤولو البنتاغون في مايو الماضي، إلى أن موسكو تعاني نقص الصواريخ الموجهة بدقة، بعد أن نفدت إمداداتها "بسرعة كبيرة جدًا"، كما قال المتحدث باسم الأمن القومي، جون إف كيربي.
السيناريوهات المقترحة
كيف، إذًا، تمكنت روسيا من شن ما وصفته ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ، بأنه ربما "أكبر هجوم صاروخي على نطاق واسع منذ بداية الحرب"؟
وللإجابة عن هذا التساؤل، وضعت الصحيفة أربعة سيناريوهات، إذ قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الأربعاء الماضي: روسيا تكافح لتجديد مخزونها الصاروخي لمواكبة متطلبات ساحة المعركة، "لذا فهم يتواصلون مع إيران، وكوريا الشمالية للحصول على أسلحة"، إلا أن موسكو وطهران وبيونغ يانغ نفت ذلك.
وأضاف أوستن: "أعتقد أن تلك الدول ستوفر لهم على الأرجح بعض القدرات العسكرية".
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن أسراب الطائرات من دون طيار الإيرانية التي تهاجم أوكرانيا -وعلى الأخص سلسلة شاهد بعيدة المدى التي يمكن أن تحمل رأسًا حربيًا يبلغ وزنه 88 رطلاً وتصطدم بأهداف في ضربات "كاميكازي"- كانت أحدث سلاح لروسيا في الصراع.
من جانبه، قال سلاح الجو الأوكراني إنه أسقط 10 طائرات مسيرة خلال هجمات الثلاثاء.
كانت شبكة سي إن إن الأمريكية كشفت -نقلاً عن مسؤولين غربيين- أن إيران تستعد لتسليم أسلحة إضافية إلى روسيا، بما في ذلك قرابة 1000 صاروخ أرض-أرض وطائرات مسيرة هجومية.
وأوضحت الصحيفة أن التسليم المتوقع للصواريخ الموجهة بدقة خطوة أكثر تصعيدًا، مقارنة بشحنات إيران من الطائرات من دون طيار إلى موسكو، ما جعلها تخضع للمراقبة.
وردًا على هذا التطور، نقلت الصحيفة عن المتحدث الرسمي باسم قيادة القوات الجوية الأوكرانية، يوري إحنات، قوله إن البلاد "ليس لديها دفاع فعّال ضد هذه الصواريخ (أرض – أرض)، فقد يكون من الممكن نظريًا إسقاطها، لكن ذلك من الصعب جدًا، بالوسائل المتوفرة لدينا".
وبيّن إحنات، أنه من غير المعروف عدد الصواريخ التي قد تمنحها طهران لموسكو، لكنه أضاف أن الأسلحة التي من المحتمل إرسالها ستكون مصنعة "مؤخرًا إلى حد ما"، بمدى يتراوح بين 300 و700 كيلومتر.
واتهمت الولايات المتحدة، أيضًا، كوريا الشمالية بشحن صواريخ وقذائف مدفعية سرًا إلى روسيا، رغم أن كيربي -المتحدث باسم الأمن القومي- قال هذا الشهر إنه لم يتضح ما إذا كانت الذخائر قد سُلِّمت.
ونفت كل من كوريا الشمالية وإيران، إمداد روسيا بالأسلحة منذ بداية الحرب.
صواريخ روسية
أوضحت "نيويورك تايمز"، أيضًا، أن بين سيناريوهات حصول روسيا على الأسلحة، إقدام موسكو على تصنيع المزيد من الصواريخ التي تحتاجها في ساحة المعركة.
ففي الشهر الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن جهود محلية لزيادة إنتاج المعدات والأنظمة "المرتبطة بتقديم الدعم للعملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.
بينما قالت شركة الاستخبارات الدفاعية "غينس"، في تحليل: روسيا تمكنت على الأرجح من تخزين كمية كبيرة من الرقائق وغيرها من المكونات اللازمة لصناعة الصواريخ عالية الدقة، وربما كانت تستخدم هذه المكونات الإلكترونية الدقيقة في الأصل لأغراض مدنية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المكونات الإلكترونية الدقيقة، ربما حصلت عليها موسكو من خلال أطراف ثالثة، مثل الدول أو الكيانات الخاصة المستعدة للمخاطرة بمواجهة العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا.
وبينت أن روسيا ربما بدأت إنتاج أعداد كبيرة من صواريخ إسكندر وكاليبر وصواريخ كروز قبل غزو أوكرانيا.
وقال تحليل غينس: "من المحتمل أن تواصل روسيا إنتاج هذه الصواريخ على قدم وساق"، مشيرًا إلى أن العديد من المصانع المرتبطة بالمجمع الصناعي العسكري الروسي، تعمل في ثلاث نوبات وحتى في عطلات نهاية الأسبوع، لتلبية احتياجات الحرب في أوكرانيا.
من جانبها، أعلنت أوكرانيا أن روسيا تستخدم صواريخ دفاع جوي لشن هجماتها الأخيرة عليها.
ووفقًا لسلاح الجو الأوكراني، فإنه خلال ضربة نُفذت الخميس الماضي، أطلقت روسيا ما لا يقل عن 10 صواريخ موجهة مضادة للطائرات من طراز إس -300 ضد مدن قريبة من خط الجبهة.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن صاروخ أرض-جو إس - 300، الذي صنعته روسيا وصدَّرته عبر آسيا وأوروبا الشرقية- بما في ذلك إيران وسوريا وشبه جزيرة القرم- صُمم لأول مرة عام 1978 للحماية من الهجمات الجوية، مبينة أنه يمكن للأجيال الحديثة من الصاروخ أن تصيب الطائرات، والطائرات من دون طيار والصواريخ البالستية.
وحسب الصحيفة، تستخدم أوكرانيا أيضًا أنظمة إس -300، من مخزونها الخاص والمساعدات التي سبق أن قدمتها دول أخرى تابعة للاتحاد السوفييتي السابق، للدفاع ضد الهجمات الجوية الروسية.
ومؤخرًا، أعلنت روسيا، أن ضرباتها، الثلاثاء الماضي، لم تصب سوى الأراضي الأوكرانية، مضيفة أنها تمكنت من تحديد أن الصاروخ الذي سقط في بولندا "مقذوف أطلقه نظام دفاع إس-300 تابع للقوات الأوكرانية".
ووفقًا لحلف شمال الأطلسي ومسؤولين أمريكيين وبولنديين، فإنه تم -بشكل قاطع- تحديد "طبيعة الحطام الذي عُثر عليه في بولندا كجزء من صاروخ موجه مضاد للطائرات أُطلق من أنظمة إس-300 للدفاع الجوي التابعة للقوات الأوكرانية".
وقال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ: إن الصاروخ الذي قتل شخصين في بولندا، الثلاثاء الماضي، ربما أُطلق من جانب أوكرانيا.
وبينما تستمر التحقيقات في الانفجار الذي وقع بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، قال ستولتنبرغ: "هذا على الأرجح صاروخ دفاع جوي أوكراني".
لكن اعتماد روسيا المتزايد على إس - 300 كسلاح هجوم ضد أهداف أرضية في أوكرانيا، كان إشارة للمسؤولين العسكريين والخبراء على نفاد صواريخ كروز أو غيرها من الأسلحة الهجومية التقليدية.
وقال مارك كانسيان، العقيد السابق في البحرية الأمريكية وخبير الدفاع في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: الصاروخ الذي أسقط على بولندا، قد يكون لبقايا صاروخ من نظام إس 300، مشيرًا إلى أنه عادةً ما يستخدم هذا النوع من الصواريخ في شن هجمات أرض-جو، وقد استخدمته روسيا وأوكرانيا طوال الحرب.
وأوضح أن الجيوش الغربية تعتقد أن روسيا تحتفظ -منذ فترة طويلة- بالصواريخ والأسلحة الأخرى كاحتياطي استراتيجي، مشيرًا إلى أن قلة في الغرب يعرفون عدد الصواريخ التي تمتلكها روسيا في مخزونها، مشددًا على أن موسكو قد تخزن بعض الأسلحة، لاستخدامها في أي حرب محتملة ضد "الناتو".