تحشيدات عسكرية في طرابلس وحراك في بنغازي.. إلى أين تتجه ليبيا؟
بدأت تتبدى في الأفق ملامح مشروع سياسي، جار إعداده في مطبخ المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، بتوافق غربي ليبي، إلا أنه لم يتحدث أحد عنه حتى اللحظة، رغم أن المسؤولة الأممية أجرت تقريبًا لقاءات مكوكية مكثفة في مناطق ليبية، مع معظم القوى السياسية والعسكرية

السياق
تحشيدات عسكرية غربي ليبيا، وحراك سياسي شرقي البلاد، وبيان جماعي لبعض المرشحين الرئاسيين، ملامح مشهد مُعقد في البلد الإفريقي، قبل 3 أيام من موعد رسمي حُدد سلفًا لإجراء أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا.
ورغم أن الساعة الانتخابية دقت، من دون أن تجد لها قوائم نهائية للمرشحين، ولا إجراء الدعاية اللازمة للحملات الانتخابية، فإنه لم يخرج أحد في ليبيا من مسؤولي العملية الانتخابية حتى اللحظة، بإعلان رسمي يؤكد إجراء الاستحقاق الدستوري في موعده أو تأجيله، أو يجيب عن أسئلة المواطنين الحائرة.
وبين هذا وذاك، بدأت تتبدى في الأفق ملامح مشروع سياسي، جار إعداده في مطبخ المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، بتوافق غربي ليبي، إلا أنه لم يتحدث أحد عنه حتى اللحظة، رغم أن المسؤولة الأممية أجرت تقريبًا لقاءات مكوكية مكثفة في مناطق ليبية، مع معظم القوى السياسية والعسكرية.
وفي خطوة تحدث لأول مرة، منذ الحملة العسكرية التي شنها القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر قبل عامين على العاصمة طرابلس، شهدت مدينة بنغازي شرقي ليبيا، لقاءً جمع فرقاء الأمس ومتنافسي اليوم على المنصب الرفيع، على طاولة واحدة.
بحسب مصادر ليبية، فإن اجتماعات رفيعة المستوى، بدأت مساء الاثنين في بنغازي، بين عدد من المرشحين للرئاسة الليبية، لدرس سيناريو تأجيل الانتخابات، الذي تتنصل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من إعلانه، ويأبى البرلمان الليبي عقد جلسة بشأنه.
ضمت الاجتماعات لأول مرة، المرشح الرئاسي فتحي باشاغا وخصم الأمس الذي كان وزيرًا للداخلية إبان حملة حفتر على العاصمة طرابلس، وهي زيارة عدَّها مراقبون «مهمة جدًا» للوزير الليبي السابق إلى بنغازي، ومحاولة لكسر الجمود بين شرقي وغربي ليبيا.
كما ضمت الاجتماعات المرشح الرئاسي أحمد معيتيق، الذي كان نائبًا لرئيس المجلس الرئاسي السابق فايز السراج، إبان حملة حفتر قائد الجيش أيضًا، إضافة إلى حفتر والعارف النايض وعبدالمجيد سيف النصر.
المرحلة المقبلة
وبحسب المصادر، فإن تلك الاجتماعات ستبحث تطورات العملية الانتخابية وسيناريوهات المرحلة المقبلة، خاصة أن عُمر حكومة تصريف الأعمال ينتهي في 24 ديسمبر الجاري، موعد إجراء الانتخابات التي أصبح تأجيلها خيارًا محتومًا.
وفي سياق متصل، أصدر 19 مرشحًا رئاسيًا، بيانًا طالبوا فيه بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أسرع وقت ممكن، باعتبارها استحقاقًا وطنيًا للليبيين.
وبعد أن تأكد السيناريو المحتوم، طالب المرشحون الليبيون مفوضية الانتخابات، بإعلان القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، وكشف أسباب عدم إجراء الانتخابات في موعدها، داعين نظراءهم من المرشحين إلى الانضمام لموقفهم وتأييد دعواتهم.
وأكد المرشحون الـ19، ضرورة احترام الدستور الذي أقره الليبيون، أساسًا لصون الحقوق وحماية الحريات، والالتزام بمدنية الدولة، كمسار لا بديل عنه لقيام دولة المؤسسات والقانون.
إلا أنه بالتزامن مع الحراك السياسي، الذي تشهده مدينة بنغازي، كشفت مصادر ليبية عن تحشيدات عسكرية للمليشيات المسلحة في طرابلس، غربي ليبيا.
تحشيدات عسكرية
وأوضحت المصادر، التي رفضت الإفصاح عن هويتها لأسباب أمنية، أن المليشيات المسحلة أغلقت شوارع بعض المناطق، مشيرة إلى أن عربات مدرعة وآليات مجنزرة، انتشرت في منطقة عين زارة، جنوب شرقي طرابلس.
وأكدت أن تلك المليشيات أغلقت بعض شوارع منطقة خلة الفرجان في طرابلس، ومناطق أخرى في منطقة عين زارة، بالسواتر الترابية، وسط تحذيرات من تطورات غير مبشرة.
وخوفًا من أي سيناريوهات محتملة، أعلنت رئاسة جامعة طرابلس، في بيان مقتضب نُشر في باحتها الداخلية، «إيقاف الدراسة في الجامعة»، مطالبة الجميع (طلبة وموظفين وأساتذة) بمغادرة الجامعة فورًا.
تلك التهديدات والتحشيدات المليشياوية، قال عنها عبدالقادر احويلي، عضو ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة»، الذي يرأسه الإخواني خالد المشري، ومعظم أعضائه من التنظيم الإرهابي، إن تلك التهديدات ستخمد بعد الإعلان الرسمي عن تأجيل الانتخابات، التي ترشحت لها شخصيات لا تحظى بالقبول لدى تلك المليشيات.
ورغم تصريحه، فإنه قال إنه يجب ألا يقبل غرب البلاد بتوظيف السلاح من البعض للاعتراض على قرار ما، فهناك قيادات وأعضاء داخل تشكيلات مسلحة أخرى ترفض هذا النهج.
حل اللجان
يأتي ذلك، بينما قالت وسائل إعلام محلية، إن رئيس مفوضية الانتخابات في ليبيا عماد السايح، أعطى تعليماته بحل اللجان الانتخابية في مكاتب الإدارة الانتخابية وإنهاء أعمالها.
وأوصى رئيس المفوضية، باتخاذ الإجراءات اللوجستية، التي تضمن المحافظة على الجاهزية العملياتية والمواد التي كانت ستستخدم في الانتخابات، في قرار يؤكد سيناريو تأجيل الانتخابات.
من جهة أخرى، عقد المبعوث الأمريكي الخاص، السفير إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، اجتماعات عدة على هامش زيارته للعاصمة طرابلس، لتقديم الدعم للعملية الانتخابية.
رسالة أمريكية
وأكد السفير نورلاند، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن «الولايات المتحدة تواصل دعم الأغلبية العظمى من الليبيين، الذين يريدون الانتخابات والإدلاء بأصواتهم من أجل مستقبل بلادهم»، مشيرًا إلى أن الليبيين والعديد من المؤسسات والمنظمات الليبية يعملون لتحقيق هذا الهدف.
وتابع المسؤول الأمريكي: نحن نعمل لنكون شركاء في هذه العملية، ما يسمح لليبيين باتخاذ قرارهم، نحن لا ندعم أي مرشح معين، لكننا ندعم العملية»، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ستواصل التفاعل مع المؤسسات والقادة الليبيين، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية، تمهد الطريق لمستقبل موحد ومستقر لليبيا.
والتقى السفير نورلاند، رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، لمناقشة القضايا الليبية في سياق الحملة الانتخابية، مؤكدًا أن على المرشحين القيام بحملتهم الانتخابية بشكل منفصل عن مناصبهم العامة.