الطموح التركي في أفغانستان.. أهداف تنتظرها نتائج عكسية
تركيا لا تشترك في حدود برية ولا بحرية مع أفغانستان، وبذلك لن يكون نفوذها المحتمل مشابهًا لأماكن مثل سوريا أو ناغورنو كاراباخ أو ليبيا، التي تعمل فيها اليد التركية

ترجمات – السياق
في الوقت الذي تغادر فيه أغلبية البلدان أفغانستان، كانت تركيا تبحث عن سبل للبقاء، من خلال المساعدة في إدارة مطار كابل، إذ تعتقد أنقرة أن بإمكانها الحصول على موطئ قدم في أفغانستان، ما يساعدها في تحقيق أهدافها، لكن المعهد الملكي للشؤون الدولية " تشاتام هاوس"، توقع أن تأتي تلك الطموحات التركية بنتائج عكسية.
ويوضح المعهد -في تقرير- اعتقاد أنقرة أن إدارتها للمطار ستمكنها من الحصول على موطئ قدم في أفغانستان، ما يساعدها في تحقيق أهدافها، إلا أن الأزمة الأفغانية أصبحت إقليمية بشكل متزايد، ومن المرجَّح أن يلعب جيران أفغانستان دورًا أكثر بروزًا، في حين أن تركيا - الخالية من أي دور أمني- ستكون في أفضل الأحوال لاعباً هامشيًا.
مشيرًا إلى أن تركيا لا تشترك في حدود برية ولا بحرية مع أفغانستان، وبذلك لن يكون نفوذها المحتمل مشابهًا لأماكن مثل سوريا أو ناغورنو كاراباخ أو ليبيا، التي تعمل فيها اليد التركية.
مصادر النفوذ
يرى التقرير أنه لإمكانية استفادة أنقرة من أفغانستان، تحتاج أولاً ضمان أن يكون لأي دور تلعبه في مطار كابل بُعد أمني وليس دورًا تقنيًا أو مدنيًا بحتًا، ويرجع ذلك إلى افتقار تركيا لمصادر نفوذ في البلاد.
وحسب المعهد، فإن طالبان يبدو أنها توافق على تولي تركيا دورًا جزئياً في إدارة المطار -إلى جانب قطر- للحفاظ على الروابط مع الجهات الفاعلة الدولية وتجنُّب العزلة الأممية، لكنها أيضًا -أي طالبان- حذرة من إرفاق أي بُعد أمني مهم لتركيا بالمطار.
وحتى إذا وافقت الحركة، على دور أمني محدود لتركيا، من غير المرجَّح أن يساعد ذلك أنقرة في تحقيق طموحاتها.
ويتوقع التقرير أن تركيا، بدلاً من استخدم جيشها هناك -أي المطار- يمكنها التفكير في شركة أمنية خاصة، مدعومة بعدد محدود من القوات الخاصة، للتغلب على الرفض الطالباني لوجودها العسكري.
رغبات تركية
ويكشف المعهد، أن تركيا أرادت ضم شخصيات تركية من الأقليات الأوزبكية أو التركمانية إلى الحكومة الأفغانية الجديدة، لمساعدة الحكومة التركية في تنفيذ أجندتها بأفغانستان، إلا أن طالبان لم تلبِ المطالب التركية.
ما الذي تأمل تركيا تحقيقه؟
يجيب المعهد: أنقرة تريد استخدام أفغانستان رافعة، لتحسين علاقاتها بالولايات المتحدة، واكتساب مصدر نفوذ في أوروبا، خاصة في ما يتعلق بالهجرة، ومن ثم تلعب دورًا في إعادة إعمار أفغانستان نهاية المطاف، والحصول على موطئ قدم في الجغرافيا السياسية لمنطقة الوسط وجنوب آسيا.
أنقرة أمام بكين
ويشير التقرير، إلى أن حكومة أردوغان راهنت على أزمة جيوسياسية، لتذكير الولايات المتحدة بقيمتها، واعتقدت أن أفغانستان هي الأزمة التي يمكن أن تساعد في إصلاح العلاقات مع إدارة بايدن.
ويؤكد التقرير أن الأهداف التركية في غير محلها، مشيرًا إلى أنه إذا كان الدافع الرئيس لحكومة أردوغان، هو استخدام أفغانستان لإصلاح العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن العلاقات بينها وبين والولايات المتحدة والغرب، كانت في أزمة عميقة خلال السنوات الأخيرة.
ويتوقع المعهد، أنه بالنسبة لرغبة أنقرة المساهمة في إعادة إعمار أفغانستان، فإن أي دور يمكن أن تلعبه تركيا سيتضاءل مقارنة بالدور الصيني.
اختلال المصالح
وعن مدى تطور أو تراجع العلاقات التركية الأمريكية خلال الفترة الأخيرة، مع تزايد سلطوية أردوغان داخليًا، وتدخله في شؤون عدد من الدول، أوضح المعهد أن الوضع في أفغانستان أحدث بالتأكيد تغييرًا باللغة المستخدمة في العلاقات الأمريكية التركية، إذ يشير المسؤولون الأمريكيون إلى تركيا باعتبارها حليفًا استراتيجيًا وشريكًا لا يقدَّر بثمن، وهو أمر تتجنبه إدارة بايدن حتى الآن.
ويتوقع المعهد أن تكون أفغانستان غير ذات أهمية بالنسبة للولايات المتحدة، بعد عام أو عامين من الآن، وأن الولايات المتحدة حريصة على ترك ملف أفغانستان وراءها، بينما تطمح أنقرة إلى استخدامه لأغراض غير متعلقة بأفغانستان في السنوات المقبلة، وبذلك هناك اختلال ملحوظ في نهجهما تجاه أفغانستان، مشيرًا إلى أن حقيقة عودة أردوغان من رحلة أمريكية أخيرة، لحضور افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، من دون لقاء بايدن، توضح الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لتطلعات تركيا في أفغانستان، لذلك، فإن ما تسعى أنقرة إليه -استخدام أفغانستان لكسب ود أمريكا- لن يفيدها على المدى القريب.
مخاوف أوروبية وتركية
تناول التقرير، القلق الأوروبي من احتمال توجه موجات جديدة، من اللاجئين الأفغان إلى القارة، ومن ثم ستكون حريصة على العمل مع تركيا -دولة عبور- لوقف هذا المد.
وأوضح المعهد أن التعاون بشأن الهجرة واللاجئين، كان أحد أكثر مجالات المشاركة الملموسة، بين تركيا والاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة، ومع ذلك، فإن احتمال وعمق هذا التعاون يعتمدان على حجم تدفقات اللاجئين.
سياسات تركية غير مدروسة
وعن أي اتصالات بين تركيا وطالبان، أوضح تشاتام هاوس، أنه مع تلاشي الأضواء الدولية على أفغانستان، من المرجَّح أن تطبِّق طالبان تفسيرًا صارمًا للشريعة الإسلامية، ما يجعل أي ارتباط أو تعاون مع طالبان، مكلفًا للغاية لتركيا.
وحسب التقرير، ربما كانت أنقرة ترى أنه من أجل القبول الدولي، على طالبان تشكيل حكومة أكثر شمولية، وحُكم أكثر براغماتية، لاسيما عندما يتعلق الأمر بتطبيق الشريعة وحقوق المرأة، مشددًا على أن ذلك جعل التعامل مع طالبان، وحتى الاعتراف المستقبلي بحكومتها، أقل تكلفة لتركيا، لكن حكومة طالبان الجديدة بددت هذه الآمال.
ومن المرجَّح أن تكون سياسة تركيا "غير المدروسة" في أفغانستان، بما في ذلك الاعتراف المحتمل بحكومة طالبان، مكلفة للغاية لأنقرة، بحيث تفوق أي فوائد كانت تأمل جنيها، من خلال لعب دور أمني في مطار كابل.