انتخابات العراق.. ضربة قاصمة تطيح حلفاء إيران

بينما احتفى التيار الصدري في شوارع بغداد وبقية المناطق بنتائج الانتخابات، كانت مليشيات كتائب حزب الله، تندد بالنتائج وتجهز أوراقها للطعون على العملية الانتخابية برمتها.

انتخابات العراق.. ضربة قاصمة تطيح حلفاء إيران

السياق

في ضربة قاصمة لأذرع إيران في العراق، خالفت نتائج أول انتخابات مبكرة منذ 18 عامًا التوقعات، وأثارت حفيظة القوى الموالية لإيران، بعد تراجع حظوظها وخروج بعض أذرعها خاوية الوفاض.

وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات، نتائج أولية للاقتراع البرلماني، تصدر فيها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، القوائم المتنافسة، بحصوله على 73 مقعدًا، بينما حل تحالف «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان المنحل، ثانيًا بـ41 مقعدًا، فتحالف دولة القانون بزعامة نوري المالكي ثالثًا بـ 37 مقعدًا.

وبحسب الأرقام الأولية التي أعلنتها المفوضية، حصد الحزب الديمقراطي الكردستاني 32 مقعدًا، بينما فاز تحالف عزم بزعامة خميس الخنجر بـ20 مقعدًا، والاتحاد الوطني الكردستاني بـ15، وحصل تحالف الفتح 14 مقعدًا.

من جانبه، قال عضو الفريق الإعلامي في مفوضية الانتخابات عماد جميل: «نقل نتائج الانتخابات من عصا الذاكرة تم يدوياً لضمان الدقة بنسبة 100%»، مشيرًا إلى أن «النتائج المُعلنة تمثل التصويتين العام والخاص».

وأضاف: «النتائج المُعلنة تعد أولية، لوجود طعون وشكاوى للنظر فيها بعد أسبوع من تقديمها».

وبينما قال إن المفوضية تلقت 95 شكوى عن التصويت العام، و25 للتصويت الخاص، أشار إلى أنها ستستمر بتلقي الطعون 3 أيام.

 

شروط تقديم الشكاوى

حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، شروط تقديم الشكاوى الخاصة بالانتخابات، مشيرة إلى أحقية ثلاث جهات بتقديم الشكاوى.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي، في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية: «الناخب والمرشح ووكيل الحزب أو التحالف هم مَنْ يحق لهم تقديم الشكوى في المكتب الوطني، أو هيئة انتخابات إقليم كردستان، أو المكتب الانتخابي في المحافظة، ومركز التسجيل والاقتراع».

وأضافت: «من الشروط اسم ومعلومات المشتكى منه إن وُجدت، والوصف المفصل للمخالفة المفترضة، مع ذكر التاريخ والتوقيت والمكان، والظروف المحيطة بالحادثة وأسماء الشهود إن وُجدوا، وأي وثائق أو أدلة على وقوع الحادث لدعم الشكوى».

من جانبها، أكدت الغلاي، أنه «يحق لمجلس المفوضين فرض العقوبات والإجراءات، منها الغرامة المالية والعقوبات الانضباطية، في حال تعلق الشكوى بأحد موظفي المفوضية وثبوت التقصير عليه، على أن يطلب من وزارات الدولة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، في حال كون الشكوى تخص أحد منتسبيها».

 

ردود الفِعل المحلية

فور إعلان النتائج الأولية، هنأ الرئيس العراقي برهم صالح، الفائزين في الانتخابات، مؤكدًا أنه يتطلع لمجلس نواب يُعبِّـر عن إرادة الشعب.

وقال الرئيس العراقي في تغريدة عبر «تويتر»: «أتقدَّم بأحر التهاني إلى الفائزين في الانتخابات والكتل المُتصدرة منها، ونتطلعُ بقوة لمجلس نواب يُعبِّــر عن إرادة الشعب ويستجيب لتطلعاته في الإصلاح»، مشيرًا إلى أنه يتطلع لتشكيل حكومة فاعِلة «تحمي المصالح العليا للبلد، بترسيخ دولة مقتدرة خادمة للشعب وحامية لسيادته».

من جانبه، هنأ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، النواب الفائزين في الانتخابات والقوى المشكلة للمجلس المقبل، معبرًا عن أمنياته بأن يكون البرلمان المقبل مجلس عمل وبناء داعم للدولة.

وقال الكاظمي في تغريدة عبر «تويتر»: أقدِّم التهنئة الخالصة لكل الأخوات والإخوة النواب الفائزين في الانتخابات، كما أهنئ القوى السياسية، التي ستشكل مجلس النواب المقبل، الذي نتمنى أن يكون مجلس عمل وبناء ودعم للدولة».

 زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أشاد بنتائج الانتخابات العراقية، التي تصدرها التيار الصدري، مشيرًا إلى أن انتصار الإصلاح انتصار للعراق، ولن يكون هناك مكان للفساد والفاسدين بعد اليوم.

 

خطة التيار الصدري

قال الصدر، في كلمة نشرتها وكالة الأنباء العراقية (واع): : «لا مكان للفساد والفاسدين في العراق، وسنزيح الفساد بدمائنا إن اقتضت الضرورة، فهلموا إلى ورقة إصلاحية، لا تقاسم فيها للسلطة على مصالح الشعب»، مشيرًا إلى أن «كل السفارات مرحب بها، ما لم تتدخل في الشأن العراقي وتشكيل الحكومة، وأي تدخل سيكون لنا رد دبلوماسي».

وشدد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، ومنع استعماله خارج هذا النطاق، قائلًا: «آن للشعب أن يعيش بسلام، بلا احتلال ولا إرهاب»، مشيرً إلى أن التيار الصدري سيعمل على رفع مستوى الدينار العراقي، ليكون بمصافِ العملات العالمية تدريجيًا.

وأضاف: «للإعمار والصناعة والزراعة والتربية والتعليم والصحة قسط كبير من جهود الخيرين، بلا فرق بين محافظة وأخرى إلا من ناحية الحاجة وعدد سكانها».

 

مليشيا حزب الله تتوعد

وبينما احتفى التيار الصدري في شوارع بغداد وبقية المناطق بنتائج الانتخابات، كانت مليشيات كتائب حزب الله، تندد بالنتائج وتجهز أوراقها للطعون على العملية الانتخابية برمتها.

وقال المتحدث باسم مليشيات كتائب «حزب الله»، أبو علي العسكري، في تغريدة عبر «تويتر»: «ما حدث في الانتخابات التشريعية، يمثل أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي، في التاريخ الحديث».

وتابع العسكري: «من موقع العهد الذي قطعناه لأبناء شعبنا، سنقف بكل حزم لإعادة الأمور إلى نصابها»، داعيًا «الإخوة في المقاومة العراقية إلى الاستعداد لمرحلة حساسة، تحتاج منا إلى الحِكمة والمراقبة الدقيقة، فما جرى استهداف للحشد الشعبي».

تصريحات غاضبة، تندد وتحذر وتصدر جرس إنذار من مستقبل وُصف بـ«القاتم» ينتظر العراق، وهو ما تأكد من اجتماع طارئ لقادة كتلة الفتح، التي تضم أحزابًا وقوى مسلحة، قبل تصريحات العسكري، وبعد ساعات من إعلان مفوضية الانتخابات النتائج.

وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن اجتماعًا طارئًا عُقد ردًا على ما وصفتها القيادات الحاضرة بـ«الانتكاسة»، مشيرة إلى أن الاجتماع حذَّر من التهاون مع ما جرى، وعدم التسليم لمصداقية النتائج المعلنة.

 

التيار الصدري يرد

التصريحات الغاضبة والاجتماع الطارئ، دفعا تيار الصدر للتعليق مجددًا، عبر تصريحات لجليل النوري، القيادي المقرب من رئيس التيار الصدري، مقتدى الصدر، قائلًا: «لا تتعبوا أنفسكم ولا تضيعوا وقتكم بانتظار رسائل الخارج، فالأمر حُسم، الصدر ليس علاوي»، في محاولة للتحذير من أي مساعٍ لإيران عبر مبعوثها إسماعيل قآاني، لتغيير نتائج الانتخابات.

 

تحالفات ما بعد الانتخابات

وبينما أشاد التيار الصدري بنتائج الانتخابات، معلنًا خطته للمرحلة المقبلة، كشف الحزب الديمقراطي الكردستاني، عن تحالفاته السياسية لمرحلة ما بعد الانتخابات.

وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري: «الحزب سيبدأ المشاورات السياسية مع الفائزين بالانتخابات، لتشكيل وفد تفاوضي للذهاب إلى بغداد، وكذلك التفاوض مع القوى الكردية أيضًا»، مؤكدًا أن «تشكيل الحكومة المقبلة سيكون سهلاً بعد التفاهمات».

وأوضح القيادي العراقي، أن الحزب الديقمراطي «سيتحالف مع الأطراف على أساس واضح، ولديه تفاهمات قبل إجراء الانتخابات(..) الأقرب هو الذي يتم الاتفاق معه على البرنامج، لكن حتى الآن لم يبدأ أي شيء رسمي»، مؤكداً أن منصب رئيس الجمهورية من نصيب الأكراد، وبدأ اختيار المرشحين لهذا المنصب.

 

ردود فِعل دولية

بعثة الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات، قالت إن عملية الاقتراع اتسمت بالسلاسة، مشيرة إلى أن عملية تسجيل الناخبين والمرشحين، التي استمرت 3 أشهر كانت كافية، وجرت وفقاً للإطار القانوني.

وقال الأمين العام المساعد، رئيس بعثة وفد جامعة العربية لمراقبة الانتخابات البرلمانية، السفير سعيد أبو علي بمؤتمر صحفي في بغداد: «رصدنا تأمين المراكز الانتخابية في العراق، ونثمن دور القوات الأمنية، ولاحظنا حضور المراقبين المحليين والدوليين، خلال العملية الانتخابية».

من جانبها، هنأت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، العراق بإنجاز الانتخابات، مشيرة إلى أن تقرير تقييم العملية الانتخابية، سيقدَّم إلى مجلس النواب الجديد.

وقالت رئيسة الراصدين في البعثة، فيولا فون كرامون، في مؤتمر صحفي عقدته ببغداد: «النتائج الأولية تشير إلى أن الانتخابات تسير بشكل جيد،»، مؤكدة أن «حركة تشرين شكلت كتلاً جديدة».

 

ثغرات ومال سياسي

أوضحت المسؤولة الأوروبية، أن «الإطار القانوني احتوى بعض الثغرات في العملية الانتخابية»، مشيرة إلى أن «هناك تنافسًا في الدوائر الانتخابية، تم تشخيصه من خلال اللوائح التي شاركت في العملية الانتخابية».

وأكدت أن «بعض السياسيين استخدموا المال السياسي في حملاتهم الانتخابية»، مشيرة إلى أن «البطاقات الانتخابية لم تسلَّم كلها إلى الناخبين».

وشددت المسؤولة الأوروبية، على أنه لا اتهامات من البعثة الأوروبية موجهة لأحد «فهي لم تشهد أي احتيال أو خرق في الانتخابات»، داعية الجميع إلى اللجوء للقانون في الطعون.

وغم الملاحظات المرصودة من البعثة الأوروبية، فإن المسؤولة الأوروبية، قالت إن العراق «قضى يومًا مسالمًا في الانتخابات ونهنئه بذلك»، مؤكدة أنها «ستعود بعد شهرين لتقييم العملية الانتخابية، وتقديمها إلى مجلس النواب الجديد».

وعبَّـرت المسؤولة الأوروبية عن آمالها بأن يكون الوضع هادئًا بعد الانتخابات العراقية، وألا يشهد البلد الآسيوي مشاهد عنيفة بعد النتائج.

من جانبه، قال مسؤول بعثة البرلمان الأوروبي دومنك كروز، إن البعثة التقت عددًا من القيادات السياسية والناشطين والمواطنين في مختلف المحافظات، وبينما أثنى على دور المرأة، أشاد بـ«شجاعة الجيل العراقي الذي عبَّـر عن عدم رضاه عن الوضع السياسي، وحركة تشرين أكبر مثال».

ودعا كروز الحكومة الجديدة، إلى العمل على مستقبل أفضل للعراق، وإبعاده عن العنف، مشددًا على أن «منصات التواصل الاجتماعي، يجب ألا تسمح بنشر العنف ولا التحريض عليه».