مفتي الإرهاب يدق طبول الحرب بليبيا... رسائل مسمومة في غلاف ديني
طالب مفتي الإرهاب الذي ينضح تاريخه بالفتاوى التحريضية، بالقصاص من مسؤولين حاليين وسابقين، متجاهلًا النداءات الأممية والغربية، بضرورة إرساء أسس المصالحة الوطنية، في البلد الذي أدمته عشرية من الصراعات، مزقت أوصاله

السياق
وسط أزمة سياسية حادة وتوترات أمنية تسود العاصمة الليبية طرابلس، جراء «تعنُّت» رئيس الحكومة المقالة عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة، يعيش البلد الإفريقي على وقع أجراس حرب دق طبولها مفتي الإرهاب الصادق الغرياني.
فالرجل الذي عزله البرلمان الليبي عام 2014، ما زال يفترش مائدة الفتاوى التحريضية التي يقتات عليها، متخذًا من دعوات الحرب سبيلًا للبقاء، حتى وإن كان على أنقاض أبناء جنسه.
آخر تلك الفتاوى التحريضية، تلك التي أطلقها الصادق الغرياني، داعيًا فيها إلى رفض مشروع المصالحة الوطنية، مدعيًا أن الوجه الذي هي عليه الآن يخالف الشرع، كونه «يحل حرامًا أو يحرم حلالًا»، في مفارقة وازدواجية معايير واضحة.
وبينما تناسى الرجل، الذي ما زال يرأس دار الإفتاء الليبية بالمخالفة، الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعو إلى الصلح بين المتخاصمين، زعم أن المصالحات الجارية هي تلك التي تحل الحرام، «لأن هذه الأموال والدماء كلها عندهم لا قيمة لها».
تاريخ تحريضي
وطالب مفتي «الإرهاب» الذي ينضح تاريخه بالفتاوى التحريضية، بـ«القصاص» من مسؤولين حاليين وسابقين، متجاهلًا النداءات الأممية والغربية، بضرورة إرساء أسس المصالحة الوطنية، في البلد الذي أدمته عشرية من الصراعات، مزقت أوصاله.
ولم يكتفِ الغرياني بالدعوات التي تكرس مفهوم الحرب وتنبذ مبدأ الصلح، بل أشاد بالوقفات الاحتجاجية الأخيرة، التي نظمها تنظيم الإخوان في ليبيا، لمحاولة إعادة إنتاج نفسه، بعد أن لفظه الشعب الليبي في الانتخابات البلدية، التي أجريت خلال العامين الماضيين، في معظم مناطق البلد الإفريقي، بل في الغرب الذي يتمركزون فيه.
وأمام محاولات الغرياني لإعادة وضع تنظيم الإخوان على طريق ليبيا، طالب بخروج الآلاف خلف هؤلاء المتظاهرين، واتخاذ بعضهم قادة، تكون طاعتهم واجبة، في تكريس واضح لمبدأ السمع والطاعة، الذي تربى عليه قادة وقوات التنظيم الإرهابي.
قُبلة الحياة
وزعم مفتي الإرهاب، أن خروج تلك التظاهرات ستدفع المسؤولين -دون أن يسميهم- إلى إصدار قرارات، لن تلومهم عليها البعثة الأممية أو المجتمع الدولي، لأنها جاءت بعد ضغط شعبي، في مساعٍ منه لبث الروح في الحكومة «المقالة» برئاسة عبدالحميد الدبيبة، التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد أن مُنيت بمقاطعة معظم الدول.
تلك الدعوة تعد قُبلة الحياة لحكومة الدبيبة الرابضة على مضمار ليبيا، رافضة السماح للبلد الإفريقي، بأن يستكمل طريقه نحو الاستقرار الذي بات أملًا يصعب تحقيقه مع وجود تلك الحكومة، بحسب مراقبين.
وأكد المراقبون، أن ظهور الغرياني خلال الفترة الأخيرة، الذي يأتي تزامنًا مع انتهاء عمر حكومة الدبيبة، يعني أن الرجل يحارب بكل أدواته، للإبقاء على تلك الحكومة، التي منحته سلطات بالمخالفة لقرار البرلمان، إضافة إلى إنعاش خزائنه من الأموال.
وبينما أكدوا ضرورة التحرك لإخماد نار الفتنة التي يوقدها الغرياني، شددوا على دور الجيش والبرلمان الليبي، كضامنين لانتقال السلطة إلى حكومة فتحي باشاغا، ومنع المشروع الذي يروِّج له مفتي الإرهاب.
من جانبه، طالب محمد بعيو، رئيس المؤسسة الليبية للإعلام الملغاة، بضرورة تحريك دعاوى قضائية ضد الغرياني، بعد تحريضه لحكومة الدبيبة على قتال الجيش الليبي، بقيادة المشير خلفية حفتر وحكومة باشاغا.
وقال بعيو، عبر «فيسبوك»: «على مجلس النواب والحكومة الليبية والأحزاب والمنظمات والمواطنين، التحرك وطنياً ودولياً لمعاقبة مفتي الإرهاب الصادق الغرياني، على جريمة الإفتاء بالقتل وسفك الدماء».
وأضاف الإعلامي الليبي، أنه يجب تحريك الدعوى ضده أمام النيابات في ليبيا،قائلًا: «كفاكم صمتاً وتخاذلاً».
مواقف سابقة
آخر مواقف الرجل، التي أذكت نيران الفتنة في ليبيا، كان لقاءه الشهر الماضي، المليشياوي وزعيم الجماعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج، في اجتماع فُسِّر حينها بأنه اتفاق على التصعيد وعدم التسليم لحكومة باشاغا، وهو ما حدث بعد أن دخلت الأخيرة طرابلس.
العام الماضي، مع اقتراب موعد انتخابات ديسمبر المنصرم، التي أرجئت، بث الغرياني رسالة مسمومة، حدد فيها مصيرًا مرعبًا لبلاده، زاعمًا أن الاستحقاق الدستوري «مزوَّر ومحرَّم شرعاً»، داعيًا الليبيين إلى منع إجرائه بكل «الطرق المشروعة».
مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية، الذي يرأسه الصادق الغرياني، لوَّح حينها بحالة احتراب ستقع فيها ليبيا حال إجراء الانتخابات، قائلًا: «إن القبول بإجراء انتخابات على أساس القوانين المَعيبة التي انفرد بوضعها أحد أطراف الصراع الليبي بلا إعمال لمبدأ الشورى المتفق عليه بين أطراف النزاع، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التمزق والاحتراب».
كان الغرياني أصدر فتوى تعامل معها معظم الليبيين بحالة من الاستغراب، بعد أن حرم تكرار الحج أو العمرة، ونصح من يريد الحج أو العمرة، بأن يدفع الأموال للمليشيات المسلحة في بلاده، لقتال الجيش الليبي في العاصمة طرابلس.
بينما اعتبر تفجيرات شهدها مجمع المحاكم بمصراتة في أكتوبر 2017 بأنه غضب من الله لتراكم القضايا، وبارك في مارس 2017، الهجوم الإرهابي الذي استهدف منطقة الهلال النفطي، داعياً أهالي أجدابيا وبنغازي ودرنة، إلى الانضمام للإرهابيين في مواجهة الجيش الليبي.
وأفتى الصادق الغرياني باقتحام المدن والمناطق غير الخاضعة لحكم الإخوان، وعدَّ الممتلكات العامة والخاصة فيها غنائم حرب، لمن يصفهم بـ«الثوار».