مع نفاد المساعدات... خطر المجاعة يهدد الأفغان

لا يظهر الاقتصاد بوادر تذكر على الانتعاش، والغرب يرفض تقديم مساعدات تنموية، قد تذهب إلى خزائن طالبان

مع نفاد المساعدات... خطر المجاعة يهدد الأفغان

ترجمات - السياق

تحت أنظار حراس طالبان الذين يقومون بدوريات، يصطف مئات الأشخاص في أحد أحياء كابل، لجمع حصصهم الشهرية الضئيلة من طعام المساعدات.

فالانهيار الاقتصادي والجوع الذي أعقب استيلاء طالبان على السلطة الصيف الماضي، شمل حتى الطبقة الوسطى التي كانت مزدهرة في العاصمة الأفغانية، بحسب صحيفة التيلغراف.

شريان حياة

وأشارت امرأة في صف الانتظار الطويل أمام بوابات المساعدات تدعى سيمين، إلى ابنتها ريحانة قائلة: "كانت ستموت إذا لم نحصل على هذه المساعدة"، فزوجها عاطل عن العمل ويجب على الزوجين -بطريقة ما- إطعام ستة أطفال.

 وأصبحت عمليات توزيع هذه المساعدات شريان حياة بالغ الأهمية، في بلد يعاني فيه ما يقرب من 20 مليون شخص نقص الغذاء، إذ تحصل كل عائلة على كيس 50 كجم (110 أرطال) من الدقيق وزيت الطهي والفاصوليا والملح.

 ومع ذلك، يحذر المسؤولون من أنهم سيضطرون قريبًا إلى تقليص البرامج مع تفاقم فجوات التمويل، ويتعين عليهم توفير المخزونات لمواجهة أزمة شتاء أخرى تلوح في الأفق. 

وبحسب "التليغراف"، فإن أسعار المواد الغذائية المرتفعة، والتركيز على الغزو الروسي لأوكرانيا، والتردد الدولي في تقديم أي شيء قد يفيد طالبان.

برامج المساعدة

بدوره، حذر ديفيد بيزلي، رئيس برنامج الغذاء العالمي -الأسبوع الماضي- من أن "18 مليون شخص بحاجة ماسة إلى الغذاء في يونيو، لكن لدينا المال فقط لعشرة ملايين شخص، أسعار الوقود والطعام والشحن آخذة في الارتفاع، نحن بالفعل نأخذ الطعام من الجياع لإطعام من يموتون جوعًا".

وترى الأمم المتحدة أن الأزمة الأفغانية شديدة الخطورة، لدرجة أنها حددت -هذا العام- أعلى هدف نداء لها على الإطلاق وهو 3.5 مليار جنيه استرليني، لتمويل خطة مساعدات إنسانية، لكن تم تقديم أقل من ثلث الأموال المطلوبة.

والتخفيضات في برامج المساعدة، تعني أن مواقع توزيع الغذاء -مثل الموقع الذي يغذي ريحانه ووالدتها- يجب إغلاقه، رغم عدم اتخاذ قرارات بشأن أي منها.

"الأوضاع تزداد سوءًا يومًا بعد يوم"... قالت حليمة (20 عامًا)، طالبة بالسنة الثانية في الشريعة الإسلامية، تقف في طابور للحصول على الطعام: "لقد فقدنا الأمل".

وأضافت أن جميع أفراد أسرتها الذكور -الذين كانوا متعلمين جيدًا ولديهم وظائف جيدة في ظل الحكومة السابقة- أصبحوا عاطلين عن العمل، تركت دراستها لأنها لم تكن قادرة على دفع الرسوم الدراسية، وهي الآن تكسب نفقاتها من خلال أعمال الخياطة.

وقالت: "ليس هناك أموال تأتي إلينا، على الأقل يمنحنا هذا البرنامج شيئًا ما".

وأدى الانتصار المفاجئ الذي حققته حركة طالبان، في أعقاب قرار أمريكا الانسحاب من أفغانستان، إلى قلب دولة كانت بالفعل من أفقر الدول، لكنها تحولت إلى  السقوط الاقتصادي الحر. 

وتوقفت المساعدات الدولية، التي كانت تشكل معظم ميزانية الحكومة، كما أدت العقوبات المفروضة على قادة طالبان إلى شل القطاع المالي وانهيار الاقتصاد.

خزائن طالبان

قال أحد المسؤولين، إن المساعدات الغذائية التي قدَّمتها الوكالات الإنسانية، أدت إلى تفادي أسوأ التنبؤات بالمجاعة خلال الشتاء القاسي، لكن الوضع لا يتحسن وهو "غير مستدام على الإطلاق".  ولا يظهر الاقتصاد بوادر تذكر على الانتعاش، والغرب يرفض تقديم مساعدات تنموية، قد تذهب إلى خزائن طالبان.

 وقالت هسياوي لي، نائبة مدير برنامج الأغذية العالمي في أفغانستان، إن الوكالة أطعمت -حتى الآن- 18 مليون شخص بـ 400 ألف طن من الطعام.

وقالت لصحيفة التلغراف: "لقد ساعد ذلك في تجنُّب أزمة إنسانية كارثية في أفغانستان"، ومع ذلك، فإن برنامج الأغذية العالمي في أفغانستان يفتقر إلى التمويل، لمواصلة مساعدة المجتمعات المحلية بالوتيرة نفسها.

وأضافت: "الأسوأ من ذلك، أن أموال برنامج الأغذية العالمي في أفغانستان تنفد، وفي الوقت نفسه نواجه تكاليف إضافية قدرها 204 ملايين جنيه استرليني (256 مليون دولار) بسبب تأثير الحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى زيادة أسعار الغذاء والوقود والشحن".

 في غضون ذلك، تقول منظمة اليونيسف إن ثلث المشاريع الإنسانية الخاصة بها ممولة فقط، وإن وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لديها نِصف التمويل الذي تحتاجه. 

وقال متحدث باسم المفوضية: "من المهم أن ينتبه المجتمع الدولي للوضع على الأرض".

الجوع واضحة معالمه بمستشفى الأطفال إنديرا غاندي في كابل، الذي أُجبر على إقامة أسرة مؤقتة في الممرات للتعامل مع الحالات الإضافية. 

وقال محمد إقبال المدير الطبي، إن حالات سوء التغذية ارتفعت مع الفقر.

 ولم تصل المساعدات والتنمية إلى الكثيرين في المناطق الريفية، وأدى القتال إلى عجزهم عن اجتياز الطرق لنقل الأطفال المرضى إلى المستشفيات. 

جناح سوء التغذية ممتلئ بالأطفال من المقاطعات التي كانت ذات يوم على خط المواجهة بين طالبان والحكومة الأفغانية.

امرأة تدعى حميدة تنتظر بجانب سرير ابنها جمال أحمد البالغ من العمر أربع سنوات، الذي لا يبدو منه أكثر من الجلد والعظام، فقدت زوجها في غارة جوية في ولاية بكتيا.

وقالت: "ليس لدينا أي نقود لشراء الطعام، منذ عام، كان ابني مريضًا جدًا وليس لدينا أي أموال لعلاجه".

ويعاني الجميع نقص الغذاء، من الطبقة الوسطى في المناطق الحضرية إلى فقراء الريف.

وفي مقاطعة باميان، بجبال هندو كوش بأفغانستان، يزداد الوضع سوءًا في القرى الريفية المتناثرة، حيث الفقر المدقع، ففي مستشفى حكومي مجهز جيدًا يموله الآغا خان، يتم إدخال نحو ثلاثة أو أربعة أطفال يعانون سوء التغذية الحاد يوميًا، إضافة إلى خمسة أو ستة آخرين يعانون سوء التغذية.

وتضاعف عدد الحالات تقريبًا في الأشهر الأخيرة، وتشكو الأمهات من أن نظامهن الغذائي الفقير يعني أنه ليس لديهن ما يكفي من لبن الأمهات لإرضاع أطفالهن، الذين يمرضون بعد ذلك.

ويعتقد خير الله أحمدي، مدير المستشفى الطبي، أن من يصلون إلى عنابره يمثلون نسبة ضئيلة من المشكلة... "أعلم أنه في القرى التي يعيشون فيها، هناك العديد من الأطفال الذين يعانون سوء التغذية".

ويقول دبلوماسيون ومسؤولون في كابل، إن هناك مقاومة غربية عميقة للتعامل مع طالبان. تحجم أمريكا وفرنسا وألمانيا -بشكل خاص- عن إعطاء أي أرضية لنظام استولى على السلطة بالقوة، ويرفض السماح للفتيات بالالتحاق بالمدارس الثانوية.

وقال أحد مسؤولي الإغاثة: "طالبان لا تفعل أي شيء لتسهيل عملنا في ما يتعلق بالسياسة، كل هذه المراسيم المعادية للإناث التي يضعونها، هناك القليل من الرغبة في تمويل أي عملية يشعر الناس بأنها تفيد طالبان".