إضراب القضاة... أزمة جديدة في تونس

أشارت المحامية التونسية، إلى أن الرئيس التونسي لم يكن أمامه خيار آخر لمحاسبة القضاة المشكوك في نزاهتهم، بعد الملفات التي فتحت ضدهم في وزارة العدل

إضراب القضاة... أزمة جديدة في تونس

السياق

على وقع جلسات الحوار الوطني التي انقضت قبل يومين، ووسط تصعيد إخواني جديد، تعيش تونس أوضاعًا مأزومة، مع دخول القضاة التونسيين في إضراب عام وشامل، يبدأ الاثنين، ضد ما سموها «مذبحة القضاء».

ويبدأ القضاة في تونس اليوم إضرابًا عامًا وشاملًا، ضد ما وصفوها بخطط الرئيس قيس سعيد، وعزمه إجراء استفتاء الشهر المقبل، في حادث، حذر منه مراقبون، مؤكدين أنه قد يؤدي إلى مزيد من القطيعة بين الرئاسة التونسية والقضاء.

كان المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة في تونس، عقد اجتماعًا طارئًا السبت، أقر فيه مبدأ الإضراب بإجماع كل الهياكل القضائية، التي من بينها: جمعية القضاة ونقابة القضاة التونسيين واتحاد القضاة الإداريين وجمعية القاضيات التونسيات وجمعية القضاة الشبان.

 

قرار رئاسي

إضراب القضاة التونسيين، جاء بعد حل الرئيس قيس سعيد المجلس الأعلى للقضاء، وتعيين مجلس جديد بدلًا منه، في قرار كان يهدف إلى الحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى الدولة، بعد أن اتهمهم الرئيس التونسي، بالفساد والتستر على متهمين في قضايا إرهاب.

ضمت القائمة الصادر بحقها قرار الإعفاء، كبار قضاة تونس مثل يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل في وقت سابق من هذا العام، والبشير العكرمي وهو قاضٍ يتهمه نشطاء سياسيون بأنه أخفى ملفات قضايا إرهابية، وبأنه على علاقة وطيدة بحزب النهضة، المحسوب على تنظيم الإخوان.

وبحسب مرسوم جمهوري، نُشر في الجريدة الرسمية التونسية، فإن «للرئيس في صورة التأكد أو المساس بالأمن العام أو بالمصلحة العليا للبلاد، وبناءً على تقرير معلل من الجهات المخولة، إصدار أمر رئاسي يقضي بإعفاء كل قاضٍ تعلق به ما من شأنه أن يمس من سُمعة القضاء أو استقلاليته أو حُسن سيره (...) تُثار الدعوى العمومية ضد كل قاضٍ يتم إعفاؤه على معنى هذا الفصل».

إلا أن جمعية قضاة تونس، دعت القضاة إلى عدم الترشح إلى الخطط والوظائف القضائيّة الشاغرة، بموجب أمر الإعفاء الصادر من الرئاسة، وعدم الترشح إلى عضوية الهيئات الفرعية للانتخابات.

ورأت جمعية القضاة في بيانها، أن مرسوم إعفاء 57 قاضيًا، يمثل ما وصفتها بـ«المذبحة القضائية»، التي قالت إنها تهدف إلى «تصفية عدد من قضاة السلسلة الجزائية بالمحاكم الذين تمسكوا بالإجراءات القانونية السليمة وبحُسن تطبيق القانون، ولم يخضعوا للضغوط والتعليمات المباشرة لرئيس الجمهورية، التي تستهدف مباشرة قضايا منشورة لديهم، أو لتعليماته المسداة لوزيرة العدل».

 

تقارير سرية

وأكدت جمعية القضاة، أن «إطلاق يد رئيس الجمهورية في إعفاء القضاة وبناءً على سلطته التقديرية وما توفر له من تقارير سرية مجهولة المصدر وغير معلومة بالنسبة للمعنيين بها، هيَّأ مناخًا من الترهيب والترويع لعموم القضاة من دون استثناء، وألغى كل تمظهرات استقلال السلطة القضائية وضمانات استقلال القاضي، ويحذرون الرأي العام والشعب التونسي والمنظمات الوطنية، من خطورة ذلك على واقع الحقوق والحريات».

وبينما تستهجن جمعية القضاة التونسيين قرار الرئاسة، يعده مؤيدون «تطهيرًا» للقضاء، الذي ظل أداة في يد تنظيم الإخوان المسلمين على مدى عشرية تملكوا فيها زمام الأمور بتونس.

من جانبه، قالت القيادية في حركة الشعب، المحامية ليلى الحداد، في تصريحات صحفية، إن من حق قضاة تونس، التعبير عن احتجاجهم ضد قرار عزلهم من الرئاسة التونسية، إلا أن هناك مرسومًا إضافيًا يقضي بـ«معاقبة القضاة الذين سيعطلون العمل من خلال الاحتجاج».

وأشارت إلى أن المرسوم الإضافي قد يجعل هناك تململًا بين القضاة التونسيين، خاصة أن بعضهم سيريد العمل خوفًا على أجورهم، بينما الآخرون سيتمسكون بالاحتجاج.

 

ملفات فساد

وأكدت القيادية في حركة الشعب التونسية، أن «عزل هؤلاء القضاة كان بسبب ملفات موجودة بالتفقدية العامة لوزارة العدل»، مشيرة إلى أنه حينما يقدِّم القاضي المعزول ما يفيد بعدم تورطه في الحصول على رشوة أو في أجندات سياسية، ويصدر قرار بتبرئته، يمكنه الطعن للعودة إلى عمله.

وبينما لم يحدد المرسوم الرئاسي فترة زمنية للانتهاء من عملية التحقيق مع القضاة المعزولين، أكدت ليلى الحداد أن الأمور لن تستغرق وقتًا طويلًا، لأن من سيحاسبهم زملاء لهم في المهنة.

ونفت الاتهامات الموجهة للرئيس التونسي بـ«الديكتاتورية»، قائلة إن الرئيس سعيد أراد أن يفتح ملفات القضاة الفاسدين، التي تعهد بفتحها، مشيرة إلى أن «الأمر الآن في يد التفقدية، وهم ليسوا معينين من الرئيس، بل إنهم موجودون بصفاتهم».

وأكدت أن الهيئة الوقتية للمجلس الأعلى للقضاء تم تعيينها حسب الرتبة والأقدمية، بلا تدخل من الرئاسة التونسية، وهي مكونة من رئيس محكمة التعقيب، والوكيل العام لمحكمة الاستئناف، ورئيس المحكمة العقارية، وغيرهم.

 

لا خيار آخر

وأشارت المحامية التونسية، إلى أن الرئيس التونسي لم يكن أمامه خيار آخر لمحاسبة القضاة المشكوك في نزاهتهم، بعد الملفات التي فتحت ضدهم في وزارة العدل.

وأقرت القيادية في حركة الشعب بأن هناك فسادًا في القضاة، قائلة: إن مؤسسة القضاء استشرى فيها الفساد، فأصبح المواطنون الضعفاء يحاسَبون ويحاكَمون، بينما الأقوياء وأصحاب النفوذ السياسي والمالي لا يحاسَبون وتظل ملفاتهم مركونة».