ليبيا بلا انتخابات.. فماذا عن الأوضاع العسكرية والاقتصادية؟

طالب الليبيون بأن تكون الانتخابات جزءًا من الحل، أصبحت جزءًا من المشكلة في ليبيا، ما حدا بالمفوضية الوطنية العليا للانتخابات والبرلمان الليبي، إلى إطلاق رصاصة الرحمة على موعد الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري

ليبيا بلا انتخابات.. فماذا عن الأوضاع العسكرية والاقتصادية؟

السياق

«رغبة عارمة لليبيين، في الذهاب إلى صناديق الاقتراع لتحديد مستقبلهم وإنهاء الفترة الانتقالية الطويلة، من خلال إجراء انتخابات شاملة»، تصريحات أممية، كشفت الحاجة إلى إجراء الاستحقاق الدستوري، إلا أنها قوبلت بعراقيل، أدت إلى إرجاء أول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا.

وبينما طالب الليبيون بأن تكون الانتخابات جزءًا من الحل، أصبحت جزءًا من المشكلة في ليبيا، ما حدا بالمفوضية الوطنية العليا للانتخابات والبرلمان الليبي، إلى إطلاق رصاصة الرحمة على موعد الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري.

رصاصة الرحمة، جعلت تاريخ إجراء الانتخابات، التي كان مقررًا لها اليوم الجمعة، سرابًا يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا أتاه وجد الذكرى السبعين لاستقلال ليبيا، من دون ناخبين ولا قوائم نهائية للمرشحين، بينما بات المجهول ينتظر ليبيا.

 

الحلم يتبدد

ورغم أن البرلمان الليبي، تحرك سريعًا، وشكل لجنة من عشرة أعضاء، تتولى العمل على إعداد مقترح لخارطة طريق ما بعد 24 ديسمبر الجاري، على أن يُعرض على مجلس النواب في الجلسة المقرر عقدها الأسبوع المقبل، فإن الحلم تبدد، وبات الليبيون أمام مفترق طرق من جديد.

وقالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، في بيان عن العملية الانتخابية: بأي حال من الأحوال، ينبغي عدم استغلال التحديات الحالية في العملية الانتخابية، لتقويض الاستقرار والتقدم في ليبيا، خلال الخمسة عشر شهرًا الماضية.

ودعت ويليامز، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، المؤسسات ذات الصلة والجهات السياسية الفاعلة، إلى التركيز على العملية الانتخابية، وتهيئة الظروف السياسية والأمنية، لضمان إجراء انتخابات شاملة وحرة ونزيهة وذات مصداقية، تحظى نتيجتها بقبول جميع الأطراف.

 

تعهد أممي

وتعهدت المبعوثة الأممية، بالعمل مع المؤسسات الليبية المعنية ومجموعة من الأطراف، لمواجهة هذه التحديات من خلال جهود الوساطة، داعية المؤسسات المعنية إلى احترام ودعم إرادة مليونين وثمانمائة ألف ليبي للتصويت في الانتخابات، وللمساهمة في حل الأزمة السياسية وتحقيق الاستقرار.

وأكدت ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الظروف المناسبة، على قدم المساواة مع ضرورة احترام وضمان تكافؤ الفرص بين المرشحين، لإنهاء الانتقال السياسي سلمياً، ونقل السلطة إلى مؤسسات منتخبة ديمقراطياً.

وأشارت إلى أنها وصلت إلى ليبيا في 12 ديسمبر الجاري، بعد تعيينها في منصبها الحالي، لقيادة مساعي الأمم المتحدة وجهود الوساطة، وإشراك الأطراف المعنية من الليبيين والدوليين، لمتابعة تنفيذ مسارات الحوار الليبي الثلاثة، السياسي والأمني والاقتصادي، ودعم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا.

 

لقاءات مكثفة

وأكدت أنها التقت خلال الأيام العشرة الماضية، مئات الأشخاص من جميع مناطق ليبيا، وسافرت من طرابلس إلى مصراتة وسرت وبنغازي، لإجراء مشاورات واجتماعات مع ممثلي المؤسسات الوطنية والبلديات والجهات الفاعلة، السياسية والأمنية والمجتمع المدني وزعماء القبائل، فضلاً عن المرشحين للانتخابات.

ورغم تأجيل الانتخابات، قالت إنها «باتت مسرورة بعد أن شهدت تحولاً من خطاب الصراع إلى خطاب الحوار السلمي»، مؤكدة أنه «حتى أولئك الذين حملوا السلاح ضد بعضهم العام الماضي، استمروا في اللقاءات»، في إشارة إلى لقاء القائد العام للجيش الليبي المشير خلفة حفتر ووزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة فتحي باشاغا ونائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق.

 

تقدم ملموس

وشددت المبعوثة الأممية، على أنه تم إحراز تقدم ملموس منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020 واعتماد خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي في نوفمبر 2020.

وقالت ويليامز، إن وقف إطلاق النار «صامد» مع حالة من الهدوء النسبي تسود البلاد، مشيرة إلى أنها «تمكنت من السفر على الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت، الذي أعيد فتحه من خلال قيادة وجهود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)».

تطورات سياسية صاحبتها أخرى اقتصادية، بحسب ويليامز، التي أشارت إلى اجتماعها مع محافظ البنك المركزي ونائبه، لمناقشة الخطوات الملموسة لإعادة توحيد هذه المؤسسة السيادية الحيوية، مؤكدة أنها تتطلع إلى تنفيذ التوصيات الصادرة عن عملية المراجعة والتدقيق لفرعي البنك.

ورغم «المصاعب العديدة التي تحمَّلها العديد من الليبيين، بما في ذلك جنوبي ليبيا، ومناشدات أولئك الذين ما زالوا نازحين بسبب الصراع الذي مزق البلاد خلال السنوات العشر الماضية، التقيتُ العديد من الليبيين الذين استعادوا الشعور بالحياة الطبيعية»، تقول ويليامز، مشيرة إلى أنها سمعت قصصًا عن عائلات مشتتة تمكنت من السفر أخيرًا لزيارة الأقارب، وهو تطور أصبح ممكنًا بفضل وقف إطلاق النار واستئناف الرحلات الجوية وإعادة فتح الطرق.

 

مخاوف من الحرب

بدوره حمَّل عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي الأسبق، الأطراف الليبية مسؤولية عدم إجراء الانتخابات في موعدها.

وقال غوغة في مقابلة مع "السياق" إن السيناريو الأقرب، الذي يلبي إلى حد ما تطلع الليبيين، هو إجراء انتخابات برلمانية، مع تأجيل الانتخابات الرئاسية، وأوضح أن مهمة البرلمان الجديد تعيين حكومة واحدة "يقبل بها الجميع حتمًا، لأنه نتاج عملية ديمقراطية، وهذا خيار أعتقد أن الأمم المتحدة تعمل عليه".

وتابع غوغة: "قد يكون للأمم المتحدة ومبعوثتها رأي آخر، أن تعيد الكرة عبر ملتقى جديد، أو مؤتمر تدعو إليه وتشكله بمعرفتها، هو الذي ينتج السلطة الجديدة، كما أنتج السلطة الحالية، ملتقى الحوار في جنيف وفي تونس".

وأشار إلى أن هذه هي الحلول المتاحة، "وغير ذلك سندخل في فوضى وقتال جديد وصراع على السلطة، خصوصًا في العاصمة طرابلس، التي بدأت تتحرك فيها الجماعات المسلحة، لفرض أمر واقع جديد".