لماذا غادر مقتدى الصدر العراق إلى بيروت وليس طهران؟
بعد إعلان الصدر أن حياته قد تكون في خطر، أرسلت طهران مجموعة من قيادات الحرس الثوري، إلى مقر إقامة الصدر بمنطقة الحنانة في النجف، لمعرفة الأسباب التي دعته إلى إطلاق هذا التحذير، وفي هذا التوقيت تحديداً؟

السياق
كثيرة هي التساؤلات، التي تحيط بالأسباب التي دعت مقتدى الصدر إلى مغادرة العراق، بعد إعلانه الانسحاب من الانتخابات، وتلويحه بإمكانية تعرُّضه للاغتيال.
للإجابة عن هذه الأسئلة، لابد من معرفة الآتي:
بعد إعلان الصدر أن حياته قد تكون في خطر، أرسلت طهران مجموعة من قيادات الحرس الثوري، إلى مقر إقامة الصدر بمنطقة الحنانة في النجف، لمعرفة الأسباب التي دعته إلى إطلاق هذا التحذير، وفي هذا التوقيت تحديداً؟
والتقى عدد من المسؤولين، في الصف الثاني بفيلق القدس، مقتدى الصدر بمنزله في النجف، وطلبوا منه مغادرة العراق إلى طهران، لكنه رفض وفضَّل الخيار الثاني، إلى العاصمة اللبنانية بيروت.
جرت الترتيبات، وبالفِعل غادر الصدر في طائرة للخطوط الجوية الإيرانية، وتحت حراسة مشدَّدة من مقاتلي فيلق القدس الإيراني، الذين رافقوه إلى لبنان.
واستقبل الصدر -فور وصوله إلى لبنان- مجموعة من قيادات الصف الثالث في حزب الله اللبناني، في مقر إقامته المحمي من هذا الحزب.
وأكدت مصادر مقرَّبة من مكتب الصدر، أن الأخير يعيش أزمة داخلية، بعد تمرُّد عدد ليس بالقليل، من قيادات التيار الصدري، على زعيمهم.
وبات الصدر يشعر بصعوبة، في السيطرة على قيادات الصف الأول في تياره، خصوصاً نواب البرلمان والقيادات في مليشيا سرايا السلام، وبعض رجال الأعمال، الذين يديرون الامبراطورية المالية للتيار.
وكشفت المصادر، أن مسؤولاً كبيراً في الحرس الثوري، التقى الصدر قبل ذهابه إلى بيروت، وأبلغه بأنه أحرج إيران كثيراً، عندما أعلن إمكانية تعرُّض حياته للخطر، من دون أن يحدِّد الأطراف التي تستهدفه، لأن ذلك جعل إيران وأذرعها في العراق، تحت الضغط والاتهام المباشر من أنصاره.
ورغم أن الصدر أوضح لإيران، أنه مستهدف من أعضاء في التيار الصدري، أو عملاء لأجهزة استخبارات غربي، فإن ذلك لم يخفِّف من غضبهم.
يعود التوتر، في العلاقة بين الصدر وإيران، إلى أكتوبر 2019 مع انطلاق الاحتجاجات، التي دعمها الصدر وأطاحت حكومة عبد المهدي، القربية من إيران.
و رغم انزعاج إيران، من مقتدى الصدر، الذي لديه علاقات متميزة مع دول خليجية، فإنها حافظت على الحد الأدنى من العلاقة مع الصدر، من خلال مواصلة احتوائه.
وتعتقد إيران، أن إجراء الانتخابات النيابية المبكرة في موعدها، يخدم حلفاءها في العراق أكثر من خصومهم، وهذا ما دفع الصدر إلى التهديد بمقاطعته للانتخابات.
بمغادرته العراق، خلط مقتدى الصدر الأوراق، ووضع القوى السياسية الحليفة والمنافسة في موقف حرج، لكن إيران التي خبرت الرجل جيداً، تعمل على احتوائه وإضعاف تياره، عبر استقطاب العشرات من قيادات الصدريين المنشقة، كي لا يتحول هذا التيار إلى منافس لحلفائها، في الانتخابات والبرلمان الجديد.